أنطونيو جوتيرش الأمين العام للأمم المتحدة، يقول فى مقابلة تليفزيونية إن على المجتمع الدولى ممارسة الضغط على الولايات المتحدة لوقف العدوان أو حرب إسرائيل على قطاع غزة والأراضى الفلسطينية، والمسئولون الأمريكيون والبنتاجون، يطالبون جيش الاحتلال الإسرائيلى بتبنى استراتيجية لحماية المدنيين، والحقيقة أن العدوان على قطاع غزة، قارب على إكمال عامه الأول، ولم تنجح أمريكا فى إيقافه، ولم تستطع حماية المدنيين من آلة القتل الإسرائيلية وحرب الإبادة الذى تمارسها الدولة الصهيونية ولم تخفف وطأة الحصار والتجويع واستهداف المستشفيات والمدارس ومراكز الإيواء بالقصف الوحشى والتدمير الكامل حتى باتت الأوضاع فى قطاع غزة مأساوية وكارثية، وهى وصمة عار على جبين الإنسانية وإعلان رسمى لسقوط النظام الدولى المتجرد تماماً من العدالة والإنسانية، والفارق فى الدموية وازدواجية المعايير.
تصريح الأمين العام للأمم المتحدة يحمل دلالات مهمة للغاية مفادها أن قواعد اللعبة، ومفاتيح الحل. فى يد الولايات المتحدة، وتفسيرى أنه يحمل أيضاً تواطؤ، وشراكة واضحة فى القتل الممنهج، ولقضية الفلسطينيين، وأنها لو أرادت وقف العدوان حتى بعد شهر أو اثنين لفعلت، لكن هذا لم يحدث والدليل القاطع على تواطؤ واشنطن فى إبادة الفلسطينيين، والقتل المتعمد والممنهج للمدنيين الذين وصل عددهم أكثر من 14 ألف شهيد منهم ما يقرب من 17 ألف طفل، وأكثر من 11 ألف امرأة، وأكثر من ألف مدنى من كبار السن و588 من الطواقم الطبية والإسعاف و271 صحفياً وحوالى 005 معلم و302من موظفى «الأونروا»، وعشرة آلاف مفقود حتى الآن، منهم 0074 من الأطفال والنساء، و996 شهيداً فى الضفة الغربية، ناهيك عن تدمير كامل للمستشفيات، وسقوط للمنظومة الصحية والطبية فى قطاع غزة، بالإضافة إلى آلاف المعتقلين فى الضفة الغربية الذى تنكل بهم قوات الاحتلال فى السجون بشكل غير آدمى أو إنسانى وسط انتهاكات غير مسبوقة، والسؤال ماذا تنتظر الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن تحوَّل القطاع إلى مجرد أطلال وأشلاء، وعظام ورفاة الشهداء، يخيم عليه البؤس والجوع والمأساة، هل لو حدث ذلك فى أى دولة تحظى برعاية ودعم أمريكى كانت تسكت واشنطن، لقد قالها والد الناشطة الأمريكية عائشة نور «تركية الأصل»، إن أمريكا تتحرك على الفور إذا تعرض أى مواطن أمريكى لضرر لكن عند إسرائيل تقف عاجزة ومكتوفة الأيدي، كل ذلك سواء ما قاله جوتيرش أو ما يعكسه الواقع الذى لا تخطئه العين، أو ما قاله والد الناشطة الأمريكية عائشة يفضح أمريكا ويجعلها متواطئة بل وشريكاً أساسياً وداعماً لمجرم الحرب نتنياهو. حتى يشعر الجميع بأننا أمام مسرحية هزلية أو فيلم هوليودي، وتقسيم وتوزيع أدوار بين واشنطن وتل أبيب وهذا ليس بجديد، لمن يعرفون علاقة أمريكا والكيان الصهيونى وهى فقط لمن خدعتهم ألاعيب واشنطن.
أمريكا تتحدث عن حماية المدنيين والسؤال متى وكيف كانت تحمى الأبرياء، وهى ارتكبت أفظع الجرائم التى باتت علامات سوداء، فى وجه الإنسانية التى تتاجر بها، فأمريكا التى اخترعت أو رسخت ثقافة وجرائم قتل المدنيين الأبرياء لذلك علينا أن نعود لقراءة التاريخ حيث أسست أمريكا على قتل الهنود الحمر وأبادتهم، وما حدث فى حرب فيتنام عندما ألقت بأكثر من 6.7 مليون من القنابل والمتفجرات على المدنيين العزل والأبرياء وقتلت ما يقرب من نصف مليون مواطن فيتنامى ثم استثمار ذريعة أحداث 11 سبتمبر 1002 لتدمير العراق وقتل مئات الآلاف من المدنيين الأبرياء، ثم استخدمت أفغانستان فى الحرب واستنزاف الاتحاد السوفيتى عبر وكلاء من الميليشيات، والجماعات المتأسلمة، ثم تقود الحرب بالوكالة بتسخير الميليشيات الإرهابية فى دول ومناطق بعينها لإحداث الفوضي، وإسقاط وتفكيك الدولة الوطنية ومؤسساتها فى هذه الدول، خاصة أن هناك أصواتاً كثيرة وآراء عديدة، وخبراء ومتخصصين يربطون بين الخراب والدمار فى العالم، وسياسات أمريكا، بل ويربطون بين سقوط وعدم عدالة النظام الدولى وفقدانه للمصداقية وبين ممارسات وسياسات واشنطن، لذلك أقول إن الحديث عن تواطؤ أمريكى فى العدوان الإسرائيلى الهمجى على الأراضى الفلسطينية والدليل حجم البوارج والأساطيل وحاملات الطائرات والمقاتلات الشبيحة والصواريخ وأنظمة الدفاع الجوى والمدمرات والغواصات وأعداد القوات الأمريكية فى الشرق الأوسط وتناميها مع بدء العدوان الصهيونى على قطاع غزة ووصولها إلى أكثر من 04 ألف جندي.. ناهيك عن الدعم المالى والعسكرى بالعتاد والسلاح الفتاك، والقنابل شديدة الدمار والدعم السياسى والدبلوماسى بل والتهديد والوعيد للدول التى حاولت الرد على ضربات إسرائيل، إذن أمريكا هى الجزء الأكبر والفاعل الرئيسى والشريك الأساسى والراعى الرسمى للعدوان الصهيونى على الأراضى الفلسطينية من العجيب والمضحك أن واشنطن لا تستطيع إيقاف العدوان على الأراضى الفلسطينية فى غزة والضفة، ولعلنا نتعجب من قوة وجرأة نتنياهو فى الإجرام وسفك الدماء، والتعنت وإطالة الحرب أو العدوان لما يقارب من العام رغم الخسائر الفادحة والكارثية التى تتكبدها إسرائيل، وتحذيرات الجيش الإسرائيلى والمؤسسات الأمنية فى الكيان من خطورة الوضع الأمنى الذى تعيشه إسرائيل مع تعدد الجبهات، وأيضاً مع احتمالات تفجر الأوضاع فى الضفة، وسط استنزاف صهيونى فى «العدة والعتاد» والأرواح والاقتصاد الذى يتهاوى ويدفع ثمناً فادحاً جراء سياسات نتنياهو، كل ذلك لم يقنع رئيس الوزراء المتطرف وحكومة المجرمين التى يقودها بإيقاف العدوان، لذلك قوة قلب نتنياهو جاءت من الدعم والقرار والسخاء الأمريكى لإسرائيل بالتمادي، ومواصلة حرب الإبادة وتهديد أمن واستقرار المنطقة بحرب شاملة بل والتحرش مع قوى إقليمية أخرى كفيلة بأن تردع الغطرسة الإسرائيلية، فى ظل حالة الانهيار الإسرائيلى المتنامى على كافة الأصعدة.
لا يمكن لأمريكا أن تكون بعيدة أو تسلم من الاتهام بأنها وراء استمرار العدوان الإسرائيلى وحرب الإبادة ضد المدنيين، فالكيان الصهيونى ما هو إلا تلميذ تعلم فى مدرسة الإجرام الأمريكية، ودعك من المسلسلات الهابطة، والأفلام الكاوبوى الأمريكية، فهناك اتفاق ومصالح وأهداف، يريدون تفعيلها لذلك القرار العابث موجود فى واشنطن ولكن فاقد الشيء لا يعطيه.