ما يشهده البحر الأحمر من حالة عدم استقرار تطورت خلال الفترة الحالية وتحوَّلت إلى صراع حقيقى قد يقود إلى حرب غير مسبوقة، ومن المعلوم ان البحر والخليج والمضيق كانت تتعرض تاريخيا إلى موجات من هجمات القراصنة المنتشرين فى منطقة القرن الأفريقى، كان القراصنة يتحركون كما الفئران على مراكب صيد قديمة مصنوعة محليا وكانت المراكب الكبرى المحملة بالبضائع الثمينة هى الهدف، حيث كان السلب والنهب والقتل أو طلب فدية، تطور الوضع مع تطور التكنولوجيا ودخول العالم عصر الذكاء الاصطناعى، وأصبحت القرصنة قصة مختلفة تماما عما مضى، ورويدا رويدا تحوَّل فئران البحر إلى أمراء حرب وتمكنوا من السيطرة على بعض الدول وارتدوا أردية التيارات الإسلامية الراديكالية مثلما حدث فى الصومال، لكن على الجانب الآخر من البحر والمضيق والخليج ظهرت الأشباح وخرجت عفاريت البحر من الكهوف والوديان واندمجت مع القادمين من الظهير الصحراوى وبدأت المناوشات مع السفن والمراكب الكبرى تهديدا ووعيدا ثم التحاما واشتباكا، كانت المسيرات هى السلاح الأسهل والأسرع والأرخص، فالمسيرة التى تتكلف 2000 دولار تسيطر على سفينة بنصف مليار دولار، ولكى تواجه هذه المسيرة تحتاج صاروخاً تكلفته مليون دولار، الولايات المتحدة وبريطانيا وبعض دول الحلفاء تواجدوا بسرعة فى المياه الدولية لحماية الملاحة الدولية فى البحر الأحمر ومنها إلى قناة السويس، لكن الوضع يزداد صعوبة، فمع استمرار الحرب فى غزة ومع اتساع دوائر الصراع فى الإقليم بدخول إيران وإسرائيل على خط المواجهة ووجدت تلك الجماعات والميليشيات الحاضنة الشعبية التى تصفق وتشجع وترفع رايات المقاومة، وجاء تعطيل الملاحة فى البحر الأحمر هدفا بحجة الضغط على الدول الداعمة لإسرائيل لإيقاف حرب غزة، لكن الحقيقة أن تلك الدول لم تتأثر وإسرائيل نفسها لم تتأثر على الإطلاق، فقط مصر هى التى تأثرت بخسارتها 6 مليارات من الدولارات هى الإيرادات الضائعة بسبب تحويل مسار التجارة من قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح تحت تهديد سلاح الميليشيات المسلحة، وكأن تلك الميليشيات مستأجرة لإيذاء مصر تحت غطاء الدفاع عن الفلسطينيين، وما وصلنا من معلومات ان خطوط الملاحة الكبرى رفعت أسعار النوالين البحرية والتأمين البحرى فحققت أرباحاً غير مسبوقة وأبرمت تلك الشركات عقودا مستقبلية تستمر قرابة العام ونصف العام على خط رأس الرجاء الصالح، معنى ذلك ان الحرب إذا توقفت الآن وعادت الملاحة مرة أخرى آمنة فى البحر الأحمر فسوف تستمر مصر فى خسارة 600 مليون دولار شهريا لمدة عام على الأقل، الحقيقة ان الوضع فى جنوب البحر الأحمر صعب ومعقد ونحن فقط من ندفع الفواتير.