فجأة .. وخلال ساعات قليلة تحولت أنظار العالم من غزة المنكوبة إلى إسرائيل المعتدية التى تحولت بفعل صواريخ إيران «الفشنك» الى دولة ضحية ليعود الغرب يتعاطف معها من جديد، بعد أن كان يوجه لها الانتقادات يوميا، ويطالب قادتها بوقف العدوان على غزة، والسماح بإدخال المساعدات لشعبها المنكوب.
إذن.. المحصلة النهائية للفرقعة الإيرانية هى التفاف الدول الغربية من جديد حول إسرائيل، وإظهارها فى ثوب الضحية، وتهميش القضية الأساسية، وهى تدمير وطن وابادة شعب.
لا ينكر أحد حق الشعب الفلسطينى فى مقاومة أبشع قوة احتلال عبر التاريخ، فمقاومة هذا المحتل المجرم حق حتى يعترف بحقوق الشعب الفلسطينى، لكن الكفاح المسلح يحتاج استعداداً جيداً وحسابات دقيقة، وتعاطفنا الشديد مع شعب غزة لن يمنعنا من قول الحقيقة المرة وهى أن ما قامت به حماس فى 7 أكتوبر الماضى لم يكن محسوب العواقب. فكانت الخطيئة الأولى أن غرقت غزة فى حرب لا طاقة لها بها، ليدفع الشعب الفلسطينى كله- وليس أهل غزة وحدهم- ثمنا باهظا، وتخلى عنهم العالم، وتعاطف مع القتلة والمجرمين بعد أن ظهروا فى ثوب الضحية.
>
مرت أكثر من سبعة أشهر على العدوان الاسرائيلى دفعت فيها غزة ثمنا باهظا ولم تجد من يدافع عن حقوق شعبها، ولا عن الوطن الذى تحول الى خرابة كبرى، ولم يعد صالحا للحياة سوى بعض الدول العربية والغربية.. وبعد أن فاقت العديد من الدول الغربية من غفوتها، وبدأت تدرك أن شعب غزة يواجه حرب إبادة جماعية، وتعددت الاتهامات لقادة إسرائيل بممارسة جرائم حرب حقيقية.. تحركت إيران من جديد بحماقة أكبر لإنقاذ سمعة إسرائيل، وقدمت أكبر هدية لمجرم الحرب نتنياهو، لتعود بعض الدول الغربية التى كانت تنتقد الموقف الاسرائيلى المتعنت الى التعاطف معه، والالتفاف حوله، ودعمه وتقديم السلاح له من جديد تحت ستار مواجهة التهديدات الإيرانية.. وهى فى حقيقة الأمر تهديدات وهمية لا وجود لها على أرض الواقع.
لقد اغتالت أمريكا وإسرائيل العديد من القادة العسكريين الإيرانيين على مدى السنوات الماضية فى لبنان وسوريا واليمن والعراق.. بل داخل إيران نفسها، ولم تثأر إيران لواحد منهم.. فما هو الجديد الذى دفعها للتحرك بعد العدوان على قنصليتها فى سوريا؟؟
وما المحصلة النهائية لما قامت به إيران خلال الأيام الماضية.. هل ثأرت بهذه الفرقعات لمقتل رجالها العسكريبن؟
>
القرارات العسكرية الحكيمة لها رجالها ومؤسساتها ولها حسابات معقدة.. ومن يريد أن يثأر أو ينتقم لا يخبر عدوه بما يفكر فيه، ولا بما ينوى القيام به.. وكل تصريحات السياسيين الأمريكان قبل إطلاق صواريخ إيران تؤكد أنهم كانوا على علم مسبق بتفاصيل ما ستقوم بها لتقوم أمريكا بدورها بنقله إلى إسرائيل والدول التى تسير فى فلكها ليتم الاستعداد له جيدا واسقاط المقذوفات الإيرانية قبل وصولها فى مسرحية هزلية جلبت سخرية العالم لإيران وصناع القرار فيها.
فإلى متى يدفع الشعب الفلسطينى ثمن قرارات متهورة تصنع خارج الأراضى الفلسطينية؟
لقد دفعت العديد من الدول العربية فى مقدمتها مصر ثمنا باهظا لهذه الحرب.. ومع ذلك لم نتخل عن دعم إخواننا فى غزة على المستوى السياسى أو الاغاثى، ولا تزال مصر تتقدم قائمة الدول الداعمة لأهل غزة وأصبح همهم اليومى هم كل المصريين.