مع دخول العدوان الاسرائيلى الوحشى على أشقائنا فى غزة يومه الـ 260 نتساءل: من المنتصر.. ومن المهزوم؟ سؤال استراتيجى تطرحه الميديا العالمية ونشطاء السوشيال ميديا.. فإذا نظرنا إلى طرفى الصراع.. جيش الاحتلال بكل ما يمتلكه من ترسانة أسلحة عسكرية متقدمة وعدة وعتاد.. وفى مواجهته فصائل المقاومة الفلسطينية بزعامة حماس بإمكاناتها المحدودة وأسلحتها الخفيفة.. نجد ان الغلبة والتفوق على أرض المعركة لصالح الفريق الأضعف والأقل عددا وعدة والأخف سلاحا.. حماس وبقية الفصائل الفلسطينية يلقنون كل يوم جيش العدو دروسا قاسية فى الحرب الحديثة.. حرب الشوارع والعصابات التى تصورت اسرائيل انها قادرة على حسم المعركة فى ساعات قليلة وهو الوعد المعسول والمكذوب الذى صدره زعيم العصابة نتن ياهو لشعبه.. وبعد ما يقرب من تسعة أشهر فشل النتن ياهو فى تحقيق ولو هدف واحد من أهدافه الدنيئة.. حماس وبقية الفصائل باتت أكثر قوة وصمودا وتماسكا بدليل نجاحها كل يوم فى تنفيذ عمليات جديدة وكمائن ومصائد قاتلة لجنود الاحتلال.. والأسرى الاسرائيليون لدى حماس مازالوا قيد الرهن والذل والهوان.. حتى الشعب الفلسطينى الذى يفقد كل يوم شهداء وجرحى جددا مازال بمعنويات عالية ويستطيع الصمود لأكثر من 260 يوميًا فى مواجهة محتل غاصب وبربرى يرتكب جرائم إبادة جماعية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً!!
العالم كله يشهد بفشل الكيان المغتصب ونجاح المقاومة الفلسطينية رغم الفوارق الرهيبة فى العدد والعتاد والتسليح والتكنولوجيا.. فلماذا لا يعترف نتن ياهو بالفشل؟! ويقرر وقف الحرب والعودة إلى مفاوضات السلام، لأن وقف الحرب ببساطة شديدة يعنى نهاية نتن ياهو سياسيا وحزبيا بل وانسانيا.. زعيم العصابة ينظر إلى اليوم التالى لوقف الحرب فى غزة فيجد نفسه داخل قفص الاتهام فى محاكمة شعبية اسرائيلية عالمية سيكون نهايتها الموت له ولحزبه ولتحالفه اليمينى المتطرف.. ولذلك يصر نتن ياهو على المضى فى الحرب إلى أقصى نقطة ممكنة حتى وان كلفه ذلك الموت لإسرائيل كلها.. ولذلك نجده يتجه إلى لبنان وسط أنباء عن اعتزامه اقتحام لبنان وتوسيع دائرة الحرب أكثر وأكثر وبذلك يتحقق هدفه وهو استمرار نزيف الدم ومن ثم استمراره فى الحكم والقيادة وصدارة المشهد السياسى والعسكرى فى تل أبيب!!
ولكن.. هل نتن ياهو جاد حقاً فى غزو لبنان.. هل يقدر على فتح جبهة حرب جديدة إلى جانب غزة.. وهل يوافقه فى ذلك أعضاء حكومة الحرب والدمار التى يترأسها؟ هو جاد فى الحرب.. أى حرب.. وكل حرب من شأنها ضمان بقائه فى مقعده حتى وان كان الثمن مزيدا من الخسائر البشرية والمادية والمعنوية لجيشه المغتصب.. هو لا يفكر فى دولته وجيشه وشعبه وكيانه المحتل بقدر ما يفكر فى نفسه ومصيره وبقائه فى السلطة.. هو يريد أيضاً تغطية فشله الذريع فى غزة بغزوة جديدة فى لبنان فربما تكون أقل بأسا وصمودا وتماسكا فيحقق بعض النجاح الذى فشل فى الوصول إليه فى غزة.. وربما يجر أطرافا أخرى إلى الحرب مثل ايران وهنا يورط أمريكا أكثر وأكثر فى حرب أكبر قد تكون شرارة لحرب عالمية ثالثة.
أمريكا أدركت مبكرا نوايا حليفها الأكبر وحذرت من توسيع دائرة الحرب وأعرب البنتاجون عن قلقه من دخول نتن ياهو إلى لبنان.. والبيت الأبيض نفسه لم يحسم موقف بايدن من امكانية لقاء نتن ياهو فى واشنطن عندما يزور الأخير أمريكا لإلقاء بيان «القائد المنتصر» وهماً وزيفاً فى قلب الكونجرس الأمريكى وكلها دلالات على وجود خلافات عميقة واستراتيجية فى علاقات واشنطن – تل أبيب فى الآونة الأخيرة.
نعود إلى شرارة الحرب العالمية الثالثة ونتساءل: هل هى شرارات حقيقية؟ الإجابة: نعم وألف نعم.. والعالم كله يدرك هذه الحقيقة بل ويستعد إليها.. تحالف الشرق المعادى لأمريكا وأوروبا بدأ يستعد بقوة.. بوتين يزور كوريا الشمالية ويلتقى زعيمها الأسطورة «بعبع الغرب».. وقبل ذلك التقى الرئيس الصينى فى إشارات واضحة لبلورة تحالف رباعى نووى قوى يضم روسيا والصين وكوريا الشمالية وايران.. وعندما حذر وزير الخارجية الايرانى بالوكالة من ان غزو «نتن ياهو» للبنان قد يفجر الوضع ويضيف طاقات جديدة للحرب لم يكن يمزح أو يهدد بل كان يصيب كبد الحقيقة.
الأيام المقبلة ستكون حاسمة فى منطقة الشرق الأوسط وستخرج القضية الفلسطينية من المعركة منتصرة شاء «نتن ياهو »أو أبي.. وستخرج الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية للنور رغم أنف أمريكا وحلفائها وتخاذل الأمم المتحدة ومنظماتها الظالمة المتحيزة.
أقول ذلك وأثق فيه تماماً رغم فداحة الخسائر البشرية بين المدنيين فى غزة حيث يقترب الشهداء من 40 ألف شهيد أغلبهم من النساء والأطفال.. ومع كل طفل يموت برصاص الاحتلال أو قنابله أو مدافعه.. يسقط جيش نتن ياهو ألف مرة ومرة.. ولن يقف التاريخ مكتوف الأيدى وستكتب جرائم الصهاينة منذ النكبة الأولى وحتى الآن وسيحاسبوا عليها عاجلاً أو آجلاً.. فحقوق الشعوب لا تسقط بالتقادم.. وأخيراً.. أرى الحلم الفلسطينى يقترب أكثر وأكثر.. والعلم الفلسطينى يرفرف فوق دولته الوليدة المستقلة وأرواح الشهداء ترفرف هى الأخرى فى الآفاق.