فى مثل هذه الايام من العام الماضي، تصاعدت الهجمات العدوانية الإسرائيلية على قطاع غزة، مما أسفر عن تفاقم الأوضاع الإنسانية وارتفاع أعداد الضحايا. بينما تواصلت هذه الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، برزت مصر كمثال يُحتذى به فى احترام حقوق الإنسان، فى ظل تقاعس الدول الغربية التى أساءت استغلال هذه الحقوق.
على مدار 12 شهرا، اتخذت مصر مجموعة من المواقف الشجاعة التى تعكس التزامها بحقوق الإنسان، حيث صرحت للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، وفرعها فى فلسطين، بتوثيق شهادات الجرحى الذين يتلقون العلاج فى المستشفيات المصرية. وعكست هذه الخطوة حرص مصر على توثيق تدابير التعنت الإسرائيلي، الذى يعوق وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
تُوجت هذه الجهود بتقديم نتائج هامة إلى فريق التحقيق فى المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاي، حيث استفادت منها أيضًا لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة. كما انضمت مصر لدعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية، مما يُظهر دورها القيادى على الساحة الدولية.
علاوة على ذلك، قدمت مصر مساعدات إنسانية تقدر بنحو 600 مليون دولار، ورعاية طبية لنحو 5500 جريح ومريض، يمثلون 73٪ من المرضى الذين تمكنوا من الخروج من غزة. استضافت مصر هؤلاء الجرحى مع مرافقيهم فى منشآت تم تجهيزها خصيصًا لهم، مما يعكس روح التضامن العربي.
فى المقابل، يُظهر الموقف الغربي، وبخاصة الأمريكي، تجاه العدوان الإسرائيلى تناقضًا صارخًا. فقد أُنفقت 17.9 مليار دولار على المساعدات العسكرية لإسرائيل منذ بدء الحرب، مما أدى إلى تصعيد الصراع فى المنطقة. وقد أثبت تقرير صادر عن جامعة براون أن الولايات المتحدة تستثمر أموالاً طائلة فى تعزيز العمليات العسكرية فى الشرق الأوسط، دون اعتبار للأبعاد الإنسانية أو لحقوق الشعب الفلسطيني.
أدت الهجمات الإسرائيلية إلى مقتل ما يقرب من 42 ألف شخص فى غزة، فى حين قُتل 1400 شخص فى لبنان. هذا التصعيد يؤكد أن الوضع الراهن يتطلب إعادة نظر جادة فى السياسات الغربية تجاه الصراع الفلسطيني، خاصة فى ظل الظروف الإنسانية المأساوية.
بالاضافة للمساعدات الانسانية نجحت مصر فى إجهاض المخططات الخبيثة الرامية لتهجير الفلسطينيين قسريا من أراضيهم لتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على فكرة حل الدولتين.
وشددت مصر فى كافة المحافل الإقليمية والدولية على أن التهجير القسرى للفلسطينيين مرفوض رفضا تاما، كما حذرت من التداعيات السلبية لهذا المخطط على أمن واستقرار المنطقة ولما يمثله من تصفية كاملة للقضية الفلسطينية بل واتساع دائرة الحرب لدول أخري.
وأكد الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال اتصالاته مع قادة وزعماء العالم من بينهم الرئيس الأمريكى جو بايدن والفرنسى إيمانويل ماكرون والمستشار الألمانى أولاف شولتز ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وغيرهم على رفض مصر لمخططات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم.
إن الحرب الحالية تؤكد ضرورة وقف العدوان الإسرائيلي، وإيجاد حلول تعزز السلم والأمن الدوليين. إن استمرار هذا العدوان لن يؤثر فقط على المنطقة، بل على الأمن العالمى ككل. من الضرورى أن تتبنى الدول العربية مواقف مماثلة لموقف مصر، وتعزيز الوعى بحقوق الإنسان كجزء أساسى من مبدأ العدالة.
يجب أن ندرك أن إعادة البناء على أسس العدالة والإنسانية يتطلب إصلاحات هيكلية فى النظام الدولي، تضمن الالتزام بالقانون الدولى وحماية حقوق الشعوب. إن ما يحدث فى غزة ولبنان اليوم هو إنذار بضرورة اتخاذ خطوات جادة نحو تحقيق السلام واستعادة الحقوق، قبل فوات الأوان.