بعد حرب قاسية تواصلت لأكثر من 15 شهراً، سقط فيها آلاف الشهداء ومئات الألوف من الجرحي، دمرت البنية الأساسية والبيوت والمدارس وأماكن الإيواء على رءوس المدنيين الأبرياء، وامتد التدمير إلى المستشفيات.. تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة وتبادل الأسري، تمهيداً لإنهاء حرب لم تحقق أهداف الذين أشعلوها وخرجت منها المقاومة صامدة رغم اغتيال كوادرها واستخدام أحدث الأسلحة الفتاكة والممارسات المنافية للإنسانية وقواعد الحروب طالت الصحفيين والأطباء والمسعفين ورجال الدفاع المدني.
نجحت الوساطة التى قادتها مصر وقطر والولايات المتحدة فى تطوير وتأهيل مبادرة إنهاء الحرب، قدمها الرئيس الأمريكى بايدن خلال شهر يونيو فى أواخر ولايته.. حاولت الحكومة الاسرائيلية التملص وإفسادها أكثر من مرة، معتقدة أن الحرب وحدها كافية للانتقام وإنهاء المقاومة للأبد.. لكن الواقع على الأرض فرض نفسه واقتنع الجميع بأن التفاوض لإنجاز صفقة التبادل ثمن لإنهاء الحرب هى الحل.. وبالفعل تم التوصل للاتفاق بعد تدخل الرئيس المنتخب ترامب ورغبته إيقاف المعارك وعودة الأسرى إلى أهاليهم.. أعلنت الصفقة التى بدأت تنفيذها «أمس» الأحد قبل 24 ساعة من تولى ترامب الرئاسة الأمريكية والعودة من جديد إلى البيت الأبيض.
توجه العالم بالشكر والتقدير للوسطاء.. لجهودهم المشكورة فى تخطى العقبات.. وبات السؤال الرئيسي: ما الآفاق التى يرنو إليها الاتفاق لأهالى غزة والشعب الفلسطينى على ما تعرض له من ممارسات عدوانية فاقت التوقعات.. بالطبع إذا صارت الأمور كما يتمنى أنصار الحق والسلام، تتأكد البداية وتقوى فعالياتها بعودة الأسرى إلى ذويهم، ومعها بدأت تتدفق المساعدات الإنسانية للقطاع بمعدل 600 ناقلة يومياً، تعنى الكثير بالنسبة للأهالى النازحين والمنكوبين الذين وصلوا إلى مربع الصفر بالنسبة للخدمات البسيطة، يعانون تحالف البرد والجوع، يغادرهم مؤقتاً شبح الموت، بعدها تتواكب الانسحابات من أنحاء القطاع حسب الجداول والخرائط بضمان الوسطاء.
تحسن الأجواء دون شك تستوعب المرحلة الثانية من التفاوض، حيث الأمل فى بدء الإعمار وإصلاح البنية الأساسية وخسائر مرافق البلديات تقدر بـ 5 مليارات دولار، ومعها عودة النازحين إلى قراهم ومدنهم فى الشمال، يستردون عزيمتهم وقوتهم وجهودهم فى إصلاح ما يمكن سريعاً، وبعدها ينتظرون مساعدات ومساندات خارجية من جميع أنحاء العالم.. والأشقاء العرب والمسلمون على وجه الخصوص.. تمضى الحياة بآمال واسعة مانحة التفاؤل والأمل لعام جديد.. وتبقى الدروس تحت عيون من يريد.