لم يكن قرار الحكومة بفتح باب تراخيص البناء مجرد إجراء إدارى عابر، بل بدا كأنه ضوء فى آخر النفق لقطاعات واسعة من المصريين، سواء من المواطنين الذين طال انتظارهم لتحقيق حلم بناء بيت أو شقة، أو من العاملين فى قطاع التشييد والبناء الذين عانوا من بطء النشاط وتقلص الفرص، أو حتى من الصناع والتجار الذين ينتظرون حراكًا اقتصاديًا يُعيد للأسواق حيويتها.
لكن على الرغم من أهمية القرار وجديته،لا تزال الآمال معلّقة على التنفيذ الفعلي، حيث ينتظر الجميع أن يتحوّل الحبر على الورق إلى نشاط حقيقى على الأرض، يعيد دوران عجلة الإنتاج، ويضخ دمًا جديدًا فى شرايين الاقتصاد الوطني.
فالمواطن الذى يمتلك قطعة أرض فى أطراف المدن أو حتى داخل نطاق الكتلة العمرانية لم يعد يطلب سوى تصريح قانونى يتيح له البناء فى النور، بدلاً من مغامرات البناء المخالف، والمستثمر الصغير الذى يملك ورشة أو مكتبًا هندسيًا يحلم بحالة رواج تقوده لاستثمار أوسع، وحتى الصناعى الذى أغلق نصف خطوط إنتاجه بسبب الركود، يتطلع لانطلاقة تقودها قرارات واضحة التنفيذ.
« الجمهورية الأسبوعي» تستعرض خريطة قطاع التشييد والبناء فى مصر بكل أبعادها،وتحلل تأثير فتح تراخيص البناء على مختلف القطاعات المرتبطة، وننقل نبض الشارع من تجار ومقاولين ومواطنين،ونتوقف أمام أهمية التفعيل العاجل للقرار حتى تتحقق جدواه الاقتصادية المرجوة، كما ترصد آراء المسؤولين والغرف التجارية والصناعية حول القرار، وترسم ملامح المستقبل الذى ينتظر قطاع البناء إذا ما فُتحت له أبواب التنفيذ.
القطاع العقارى فى مصر هو أحد أكبر القطاعات التى توفر فرص عمل للعديد من العمالة المباشرة وغير المباشرة، ومن المتوقع أن يشهد قطاع البناء والتشييد زيادة فى عدد العاملين فيه، سواء فى شركات المقاولات أو فى مصانع إنتاج مواد البناء أو فى ورش التشطيبات، فقد أظهرت التقارير أن قطاع البناء وحده يوفر أكثر من 15 مليون فرصة عمل فى مصر، سواء كان فى وظائف ثابتة أو موسمية، وهذا يعنى أن قرار فتح التراخيص سيكون له دور كبير فى تقليل معدلات البطالة.
مع عودة النشاط العقارى إلى قوته،من المتوقع أن يحدث تحسن فى القدرة الشرائية للمواطنين،خاصةً فى المناطق التى شهدت ركودًا طويلًا فى مجال البناء. هذه الاستثمارات ستخلق فرصًا جديدة للسكن بأسعار معقولة، مما سيدفع حركة الطلب والعرض فى سوق العقارات للازدهار، وبالتالى سيترتب على ذلك انخفاض التضخم العقارى فى بعض المناطق.
ويعتبر سوق العقارات أحد أبرز المحركات الاقتصادية فى مصر، و قرار فتح التراخيص سيسهم فى خلق بيئة مشجعة للاستثمار العقاري، حيث سيتوافد العديد من المستثمرين المحليين والأجانب على السوق المصري،وسيشهد القطاع العقارى رواجًا ملحوظًا فى المشاريع السكنية والتجارية، مما سيعزز التدفقات المالية إلى البنوك والمشاريع العقارية، وهذا سيؤدى بدوره إلى رفع مستوى النشاط الاقتصادى فى القطاع البنكي، وزيادة الحركة النقدية فى الاقتصاد المصرى بشكل عام.
كما يُتوقع أن يؤدى قرار فتح التراخيص إلى حدوث استقرار فى أسعار مواد البناء، خاصةً فى حال تزايد الإنتاج المحلى وتفعيل سياسات التصدير،وهذه التحسينات ستؤدى بدورها إلى تحسن تدريجى فى الأسعار، وتجنب ارتفاعات مفاجئة قد تضر بالاقتصاد المحلي،و على الرغم من زيادة الطلب على المواد الخام، إلا أن التوسع فى الإنتاج المحلى سيسهم فى خفض الأسعار بمرور الوقت، مما يساعد فى الحفاظ على استقرار الاقتصاد.
فى ذات السياق،يعكس تحفيز الاستثمار العقارى زيادة فى الاستثمار فى البنية التحتية،حيث سيكون هناك حاجة إلى مزيد من الطرق والجسور،فضلاً عن مشروعات النقل والمرافق، وهذا يشكل حوافز مباشرة للتنمية الاقتصادية على مستوى المناطق الحضرية والريفية على حد سواء.
بجانب التأثيرات المباشرة على قطاع البناء،فإن فتح تراخيص البناء يمثل خطوة نحوتحسين البيئة الاقتصادية فى مصر بشكل عام، فالتطوير المستمر فى التشريعات وتيسير الإجراءات اللازمة للحصول على التصاريح من شأنه أن يسهم فى تحديث البيئة التشريعية بشكل يتماشى مع التطورات الاقتصادية الحديثة،و من المتوقع أن يشهد القطاع العقارى المزيد من الاستقرار فى حال تم تفعيل التشريعات بشكل فعال، بما فى ذلك تأكيد حقوق الملكية العقارية للمواطنين والمستثمرين على حد سواء.
ومع تزايد النشاط العقارى المرتبط بفتح التراخيص، من المحتمل أن يتسارع التحول الرقمى فى القطاع العقاري، وستتسارع العمليات الإلكترونية لتسجيل العقارات، وتقديم طلبات التصاريح، وتسهيل سبل التمويل العقاري،و سيؤدى هذا إلى خلق بيئة أكثر شفافية وأقل تكلفة للمستثمرين والمواطنين على حد سواء، مما يسهم فى رفع مستوى كفاءة القطاع وتحقيق مزيد من التنافسية.
«خطوة منتظرة»
د. ياسر محمد الهضيبى النائب بمجلس الشورى يؤكد أهمية وضرورة القرار وقال ان فتح باب التراخيص للبناء خطوة انتظرها الشارع المصرى طويلاً، وتُعد ضرورة لا بديل عنها لضبط السوق العمرانى وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، الذى اختل خلال السنوات الماضية نتيجة التوقف المؤقت فى إصدار التراخيص،و توقف البناء حتى وإن كان لأهداف تنظيمية خلق ضغطًا كبيرًا على المواطنين الراغبين فى بناء مساكن لأسرهم وساهم فى ارتفاع ملحوظ فى أسعار الوحدات السكنية سواء للبيع أو الإيجار.
أضاف، نحن أمام قرار يُعيد تنظيم العلاقة بين المواطن والدولة فيما يخص الحق فى السكن، ويضع نهاية لحالة من الترقب والتجميد أصابت قطاعات واسعة من النشاط العقارى ومجالاته المرتبطة،من صناعات مواد البناء، والمقاولات، والتشطيبات، والمكاتب الهندسية، إلى العمالة اليومية والحرفية التى تُعد العمود الفقرى لهذه المنظومة، موضحا ان الأهم من القرار فى حد ذاته هو آلية تنفيذه وتيسير إجراءاته، والمطلوب أن تكون هناك مرونة حقيقية فى التعامل مع المواطنين خاصة من يمتلكون أراضى صغيرة فى القرى أوعلى أطراف المدن، مع الحفاظ فى الوقت نفسه على الاشتراطات التخطيطية والسلامة،و التأخير فى الإجراءات أو تعقيدها قد يُفرغ القرار من مضمونه، ويعيد الناس إلى الحلول غير الرسمية، وهو ما لا نريده جميعًا.
وأشار الى ان تفعيل التراخيص سيكون له أثر مباشر فى خفض حدة التضخم العقاري،خاصة فى المدن القديمة والمناطق المتوسطة، كما أنه يمثل فرصة لتحريك رؤوس الأموال الراكدة لدى المواطنين، سواء فى شكل مدخرات أو أراضٍ لم تُستغل بسبب تجميد التراخيص، ما يساهم بدوره فى تنشيط الاقتصاد المحلى ويضخ سيولة حقيقية فى الأسواق.
ويري، أن فتح التراخيص إذا تم بالتوازى مع تحسين آليات المتابعة ومنظومة الرقابة،يمكن أن يُعيد الثقة بين المواطن والمؤسسات المحلية،ويقلل من النزاعات،ويمنح المجتمعات العمرانية طابعًا أكثر تنظيمًا واستدامة، وهنا أدعو إلى مراجعة بعض الإجراءات المعقدة التى ما زالت قائمة، وتوسيع دور المجالس المحلية والرقابة الشعبية فى تسهيل وتنظيم العملية،
بالتأكيد فإن فتح باب تراخيص البناء فى مصر ليس مجرد قرار إدارى عابر، بل هو خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادى المستدام فى كافة القطاعات، و هذا القرار لا يمثل مجرد تحفيز لقطاع البناء والتشييد وحده، بل إن له آثارًا عميقة على مستويات الاقتصاد المصري، سواء على المدى القريب أو البعيد.
قال إن من أبرز التأثيرات المستقبلية التى يمكن أن تترتب على تفعيل قرار فتح تراخيص البناء هو تحفيز الصناعات المحلية، فقد أظهرت العديد من الدراسات الاقتصادية أن قطاع البناء يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمجموعة من الصناعات الأخري، مثل الصناعات المعدنية و مواد البناء و الحديد والأسمنت، وعندما تبدأ الشركات العقارية والمقاولون فى تنفيذ مشاريعهم،سيكون هناك طلب متزايد على مواد البناء الأساسية، مثل الأسمنت والحديد والأخشاب، مما سيدفع المصانع إلى التوسع وزيادة إنتاجها لتلبية هذا الطلب، موضحا ان التوسع فى الإنتاج سيكون له تأثير إيجابى على الإنتاج المحلى والصادرات. إذ سيؤدى إلى تحسين مستويات الإنتاج المحلى من مواد البناء، مما سيعزز قدرة مصر على تصدير هذه المواد للأسواق الإقليمية والدولية، خاصةً فى أفريقيا ودول الخليج العربي. من المتوقع أن تزداد صادرات الأسمنت والحديد بشكل ملحوظ فى حال استمر الطلب الداخلى فى الارتفاع، مما سيسهم فى تحسين الميزان التجارى لمصر.
«إمكانات هائلة»
قال المهندس أحمد عبدالحميد، رئيس غرفة مواد البناء فى اتحاد الصناعات إنه مع الإعلان عن فتح باب التراخيص، تنفست المصانع العاملة فى إنتاج الحديد والأسمنت والطوب والدهانات والسيراميك والألوميتال والخشب والمواسير والدهانات وغيرها، الصعداء، ولو بشكل جزئي، و لكن الأمل الحقيقى لا يزال مشروطًا بانطلاق التنفيذ الفعلى للقرار، و»القرار خطوة على الطريق الصحيح، لكنه وحده لا يكفى و المصانع تحتاج إلى الطلب، والطلب لا يعود إلا إذا عاد المواطن للبناء بحرية وقانونية ووضوح، ودون تأخير فى الإجراءات.»
أكد أن الصناعة المصرية، خاصة فى مجال مواد البناء، تملك إمكانات هائلة غير مستغلة بالكامل، نتيجة التباطؤ الذى أصاب السوق خلال الفترات الماضية. ويوضح أن ما يقارب 40٪ من الطاقات الإنتاجية فى مصانع السيراميك وحدها، كانت معطّلة بسبب ضعف الطلب المحلي، وأن فتح التراخيص من شأنه أن يُعيد تشغيل تلك المصانع تدريجيًا ويخلق فرص عمل جديدة تمتد لعشرات الآلاف من العمال.
وبحسب تقديرات غرفة صناعة مواد البناء، فإن المصانع العاملة فى القطاعات المختلفة المرتبطة بالبناء توظف أكثر من 1.7 مليون عامل بشكل مباشر، فى حين يصل العدد إلى أكثر من 5 ملايين عامل غير مباشر عند احتساب سلاسل التوريد والنقل والتوزيع والتشطيب، وتشير بيانات غير رسمية إلى أن مصانع الحديد وحدها يمكن أن تضيف أكثر من 200 ألف فرصة عمل إضافية إذا استعادت طاقتها التشغيلية الكاملة، خاصة فى ظل توجه الدولة مؤخرًا إلى زيادة معدلات الإنتاج المحلى وتقليل الاستيراد.
أوضح أن أسعار مواد البناء المصنعة محليًا لا تزال قادرة على المنافسة مع المستورد،رغم تأثير قرار تحريك أسعار الوقود على كلفة التصنيع،ولا يتوقف الأثر الإيجابى عند حدود الإنتاج، بل يمتد إلى حركة النقل والمقاولات والمقاولين الفرعيين وتجار الجملة والتجزئة، الذين يشكّلون جزءًا لا يتجزأ من دورة رأس المال فى هذا القطاع، إذ إن كل طن من الأسمنت يُنتج ويُباع، يخلق طلبًا فى حلقات عديدة من الاقتصاد: نقل، تخزين، بيع، واستهلاك نهائي.
ويُجمع المصنعون على أن استقرار السوق وتحفيز الطلب المحلى أفضل من الاعتماد على تصدير الفوائض، خاصة أن صادرات مصر من مواد البناء رغم نموها خلال الأعوام الأخيرة لا تزال تواجه تحديات فى المنافسة العالمية، وارتفاع تكاليف الشحن. ويؤكد البعض أن التصدير مهم لكنه لا يغنى عن تحفيز السوق الداخلي، لأنه الأكثر استدامة وأقل تقلبًا،ومن هذا المنطلق، لم يعد السؤال المطروح فى أروقة المصانع هو: «هل القرار جيد؟» بل صار السؤال الأكثر إلحاحًا هو: «متى يبدأ التنفيذ الفعلي؟»
«ضرورة عاجلة»
رحب المهندس أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، بقرار الدولة بإعادة فتح باب التراخيص للبناء، مؤكدًا أنه قرار استراتيجى طال انتظاره، لما يحمله من دلالات قوية على اتجاه الدولة نحو تحفيز السوق واستعادة التوازن فى العرض والطلب، لكنه فى الوقت نفسه شدد على أن الأثر الحقيقى لهذا القرار لن يتحقق إلا عند ترجمته على أرض الواقع، من خلال تحرك فعلى وتواصل مباشر وسريع بين المواطنين والمحليات.
وقال: ان «القرار بحد ذاته ممتاز، ولكننا نحتاج الآن إلى خطوات تنفيذية واضحة من وزارة التنمية المحلية، لأن المستثمرين الصغار والمواطنين الذين يمتلكون أراضي،وحتى تجار مواد البناء أنفسهم،لا يزالون فى حالة ترقب، والسوق عطشان، والناس مستنية تبتدى تبنى فعليًا.
أشار إلى أن السوق عانى طوال السنوات الثلاث الماضية من ركود كبير، انعكس بوضوح على حجم المبيعات اليومية فى كافة منافذ توزيع مواد البناء، مضيفا ان «تجار الأسمنت والحديد والطوب كانوا بيشتغلوا بنسبة لا تتجاوز 30٪ من طاقتهم، والمخزون فى بعض الفترات كان يتراكم بصورة مخيفة،و مع بداية العام 2025، ومع الحديث عن قرب منح التراخيص،نشعر بحركة فى السوق، والانتعاش الحقيقى اللى ممكن نوصله يأتى بعد التنفيذ».
أكد «الزيني» أن كل يوم تأخير فى بدء التنفيذ الفعلى هو خسارة للاقتصاد القومي، وأن قطاع مواد البناء يُعد من أكثر القطاعات تشابكًا وارتباطًا بالقطاعات الأخري،ويخلق رواجًا يشمل الصناعات الصغيرة والحرفية، ويمتد إلى سوق النقل والخدمات وحتى العمالة غير المنتظمة، موضحا ان فتح التراخيص هو مفتاح إعادة تشغيل السوق كله، وفتح الباب للبناء القانوني، يشغل اللى بيصنع، واللى بينقل، واللى بيبيع، واللى بيشتغل فى الموقع، واللى بيشطب، واللى بيأمن وبيجهز، وكل ذلك يحرك الاقتصاد،ويقلل البطالة، ويزود الدخل، ويساعد فى مواجهة الناس للتضخم، ويزود دخل الدولة من الضرائب».
وفيما يتعلق بأسعار مواد البناء، أشار إلى أن الأسعار لا تزال مستقرة نسبيًا، لكنها معرضة للارتفاع فى حال استمرار ضعف المعروض من المواد الخام، أو تأخر التفعيل الفعلى لطلبات البناء، موضحا أن سعر طن الحديد يتراوح حاليًا بين 37 الى 39.500 ألف جنيه، بينما يصل سعر طن الأسمنت للمستهلك من 3300 جنيه إلى حدود 3600 جنيه فى بعض المحافظات، فى حين يشهد سوق السيراميك والدهانات تذبذبًا ملحوظًا نتيجة اختلاف الطلب من منطقة لأخري.
قال إن الاستفادة من القرار تستلزم تحركًا تشاركيًا من جميع الجهات، و»مطلوب تنسيق حقيقى ما بين المحافظات ووزارة التنمية المحلية وهيئة المجتمعات العمرانية واتحاد الصناعات والغرف التجارية. كل جهة ليها دور مهم فى التفعيل، ومفيش وقت نضيعه» مشيرالى الدور الذى تقوم به الدولة فى دعم الصناعة،مؤكدًا أن القرار الأخير يعكس رؤية متقدمة وفهمًا عميقًا لحاجة السوق، لكنه وجّه نداءً مباشرًا بضرورة البدء الفورى فى تنفيذ القرار على مستوى المحليات، وتذليل أى عقبات بيروقراطية قد تواجه المواطنين الراغبين فى البناء، خاصة فى المحافظات الريفية التى تنتظر انفراجة منذ سنوات.
التنمية المحلية:
اختصار إجراءات استخراج الرخصة للتسهيل على المواطنين
دينا حسن ومى مجاهد
قامت وزارة التنمية المحلية بإعداد دراسة مشتركة بالتعاون مع وزارة الإسكان بإلغاء الاشتراطات البنائية والتخطيطية المعمول بها حالياً فى المدن المصرية بالمحافظات والتى كانت قد صدرت فى شهر مارس 2021 والعودة للعمل بأحكام قانون البناء رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية.
أوضحت وزارة التنمية المحلية أن العودة للعمل بأحكام قانون البناء رقم 119 يساهم فى تبسيط الاشتراطات خاصة التى تعيق إصدار تراخيص البناء وتخفيف العبء على المواطنين ويسهل الإجراءات الخاصة باستخراج تراخيص البناء ويساهم فى تشجيع منظومة العمران التى ترتبط بالعديد من المهن الخاصة بصناعة البناء بالإضافة إلى توفير المزيد من فرص العمل للعاملين فى هذا المجال وإتاحة المزيد من فرص العمل التجارية وتنمية الاقتصاد المحلى على أرض مختلف محافظات الجمهورية.
قامت الوزارة فى إطار التسهيل على المواطنين فى استخراج رخصة البناء باختصار إجراءات اسـتخراج الرخصــة لتصــبح ٨ إجراءات بدلاً من 15 خطوة لاختصار الفترة الزمنية اللازمة لاستخراج رخصة البناء.
أشارت الوزارة إلى أنه سيتم استخراج الرخصة من الجهة الإدارية المختصة ممثلة فى المركز التكنولوجى والإدارة المختصة بشئون التخطيط والتنظيم فى الوحدات المحلية بالمحافظات دون اللجوء للوحدات ذات الطابع الخاص بالجامعات ودون الحاجة إلى عقد مُشهر والاكتفاء بالسند الدال على الملكية وأيضاً ستقوم الجهة باتاحة الرفع المساحى للمتقدمين لاستخراج رخصة البناء نظير سداد الرسم الخاص مشيرة إلى أن الفترة الزمنية اللازمة لاستخراج التراخيص بعد اختصار الإجراءات أصبح 26 يوم عمل فى الحالات التى لايلزم فيها تقديم وثيقة تأمين تزاد إلى 40 يوماً فى الحالات التى يلزم فيها تقديم وثيقة تأمين.
أوضحت وزارة التنمية المحلية أن الإجراءات المطلوبة لاستخراج رخصة البناء تتضمن أولاً إجراءات إصدار بيان صلاحية الموقع للبناء من الناحية التخطيطية والاشتراطات البنائية والتى تتضمن الإجراء الأول الطلب المقدم من المواطن إلى المركز التكنولوجى وتم الاكتفاء بتقديم صورة بطاقة الرقم القومى وكروكى الموقع مع الطلب ،، وتم الاستغناء عن مطالبة المواطن بتقديم عقد ملكية مشهر وجدول إحداثيات الموقع ويتضمن الإجراء الثاني.. اعداد الرفع المساحى بعد سداد المواطن لرسوم الرفع المساحى عن طريق أحد الجهات المساحية «إدارة المساحة العسكرية – مديرية المساحة -مركز شبكات الموافق بالمحافظة – وحدة المتغيرات المكانية» وإجمالى المدة اللازمة لانهاء الرفع المساحى هى 15 يوماً والإجراء الثالث يتضمن إصدار بيان صلاحية الموقع عن طريق الجهة الإدارية المختصة بعد التأكد من الاشتراطات التخطيطية والبنائية والطابع المعمارى واعتماد البيان وتسليمه للمواطن عن طريق المركز التكنولوجى خلال ٥ أيام وبذلك يصبح إجمالى المدة اللازمة لانهاء إجراءات إصدار بيان صلاحية الموقع هى 20 يوماً.
المستثمرون:
يقلل الضغط على سوق العقارات .. وفرصة للحصول على إيجارات معقولة
فى المقابل، يرى العديد من المستثمرين فى مجال العقارات أن القرار سيؤدى إلى زيادة العرض وبالتالى تأثيره المباشر على أسعار الإيجارات،و على سبيل المثال، إذا تم بناء عدد كبير من الوحدات السكنية فى المناطق ذات الطلب المرتفع مثل القاهرة الجديدة، فمن المتوقع أن يتراجع الطلب على الإيجارات فى هذه المناطق، مما قد يؤدى إلى انخفاض أسعار الإيجارات.
قال صلاح جلال، أحد المستأجرين فى منطقة الزمالك،»أشعر بأن القرار سيكون له تأثير إيجابى على أسعار الإيجارات،خاصة فى المناطق المتخمة بالطلب مثل منطقتنا وإذا تم بناء المزيد من الوحدات، سيعنى ذلك زيادة المنافسة وبالتالى انخفاض الأسعار، مما سيتيح لنا فرصة أكبر فى الحصول على إيجارات معقولة».
أما على المدى الطويل، فإنه من المتوقع أن يسهم فتح تراخيص البناء فى تقليل الضغط على سوق العقارات،حيث من شأن زيادة العرض أن تخلق توازنًا بين العرض والطلب، وبالتالى تحقيق استقرار الأسعار، علاوة على ذلك، فإن السماح بالبناء فى المناطق المحرومة من التوسع العمرانى سيساهم فى تحقيق تنمية متوازنة بين المناطق الحضرية والريفية، ويحد من مشاكل العشوائيات.
إلى جانب ذلك، سيؤدى القرار إلى تنشيط أسواق جديدة من خلال مشاريع البناء الجديدة فى المناطق النائية،وهو ما سيكون له آثار إيجابية على التوظيف من خلال خلق فرص عمل جديدة فى قطاع الإنشاءات والمقاولات، مما يساهم فى تحفيز الاقتصاد المحلى وتوسيع القاعدة الاقتصادية.
وبلا شك، فإن قرار فتح تراخيص البناء فى مصر يشكل نقطة تحول حيوية فى تعزيز الاقتصاد المصرى على كافة الأصعدة. وهو لا يمثل مجرد تحفيز لقطاع البناء، بل ينطوى على تأثيرات إيجابية تتعدى هذا القطاع لتشمل فرص العمل، الصناعة، الاستثمارات المحلية والدولية، وحتى التحول الرقمي..
المواطنون :
يمنحنا الفرصة فى امتلاك منزل
يشهد قطاع البناء والتشييد فى مصر حالة من الترقب بين المواطنين الذين لديهم أراضٍ خاصة، ويتطلعون إلى الاستفادة من قرار فتح تراخيص البناء، الذى جاء بعد فترة طويلة من التجميد فى هذا المجال، حيث كان القرار بالنسبة لهم بمثابة الأمل فى فتح الأفق أمامهم لتطوير أراضيهم، وبناء مساكن جديدة تساهم فى تلبية احتياجاتهم الشخصية أو الاستثمارية، وفى هذا السياق تختلف الآراء حسب المواقع الجغرافية للمواطنين وحجم الأراضى التى يمتلكونها، إلا أنه إجمالًا، هناك ترحيب واسع من المواطنين الذين يتطلعون لبدء تنفيذ هذا القرار وتأثيراته الإيجابية.
من أبرز المواطنين الذين عبروا عن فرحتهم بقرار فتح تراخيص البناء هم أولئك الذين يمتلكون أراض فى المدن الكبرى مثل القاهرة الكبرى والإسكندرية، فوفقًا لأحمد محمود،أحد مالكى الأراضى فى منطقة العبور بالقاهرة، فإنه يشعر بالارتياح بعدما كان فى حالة انتظار لهذا القرار طيلة السنوات الماضية، وقال كنت دائمًا أفكر فى بناء شقة أو منزل على الأرض التى أملكها، لكن الإجراءات كانت معقدة جدًا، وهذا القرار سيمنحنى الفرصة لأطور أرضى وتحقيق حلمى فى امتلاك منزل يليق بعائلتي،و نأمل أن تسرع الدولة فى إصدار التراخيص حتى نتمكن من الاستفادة من هذه الفرصة فى أسرع وقت.»
آراء مشابهة يعبر عنها محمود صالح،مالك أرض فى منطقة التجمع الخامس، حيث يعتقد أن القرار سيعود بفائدة كبيرة عليه وعلى الكثير من الملاك، وقال: ان «فتح باب تراخيص البناء سيحدث تغييرًا كبيرًا فى حياة الملاك والمستثمرين، إذا تم تنفيذ القرار بالشكل الصحيح، فإن هذا سيؤدى إلى زيادة المعروض من الوحدات السكنية وبالتالى خفض الأسعار. وهذا سيعود بالنفع على السوق بشكل عام،بينما يختلف الوضع قليلاً فى المدن الصغيرة والأرياف، إلا أن هناك حالة من الأمل والتفاؤل بين المواطنين فى هذه المناطق أيضًا.
فاطمة السيد،مالكة قطعة أرض فى إحدى القرى بمحافظة الشرقية، قالت: «بالنسبة لنا فى القري، كانت فرص بناء منزل أو تطوير أرض غير ممكنة بسبب توقف التراخيص، ونحن سعداء بهذا القرار، فهو يعنى لنا فرصة لتوسيع مساحات السكن أو استثمار الأرض بشكل أفضل. نتمنى فقط أن تتحرك الحكومة بسرعة فى تنفيذ هذه التراخيص.» لكنها تضيف فى نفس الوقت أن الإجراءات يجب أن تكون واضحة وسريعة، فالتأخير فى تنفيذ القرار قد يؤدى إلى تراجع الأمل فى تأثيره.
ومع بداية فتح التراخيص وتوسع البناء،من المتوقع أن يشهد سوق العقارات القائمة تغيرًا فى الأسعار على المدى المتوسط، فزيادة العرض من الوحدات السكنية يمكن أن تؤدى إلى خفض الأسعار أو على الأقل تثبيتها،خاصةً فى المناطق التى شهدت ارتفاعًا كبيرًا فى الأسعار بسبب شح الوحدات السكنية.