لا شك ان فاتورة الاستيراد الباهظة من الخارج تفرض علينا ان نعيد النظر فى كثير من السلع والاحتياجات.. حتى التى يظن البعض انه لا يمكن الاستغناء عنها.
ويأتى الدواء المستورد فى مقدمة هذه الاحتياجات التى ينشدها الكثير من المرضى بحكم الاعتياد عليها منذ فترات طويلة ربما لم يكن الدواء المصرى البديل متوفراً عندما اوصى أطباؤهم بهذا الدواء المستورد أو بايحاء منهم بفقدان الثقة فى الدواء المصرى ومدى فاعليته فى مخالفة للحقيقة تسئ لسمعة صناعتنا الدوائية بصفة خاصة وصناعتنا الوطنية بصفة عامة.. ويعيدنا إلى زمن المحتل الأجنبى الذى نجحنا فى التخلص منه.. ولكننا مازلنا نعانى من «عقدة الخواجة» التى مازالت تطاردنا فى كثير من المجالات بسبب مصالح خاصة يحافظ عليها المنتفعون فى الأسواق المصرية والتى تزايدت – للأسف– مع الزيادة السكانية وحجم الطلب على كثير من الاحتياجات والسلع التى نعتمد على الخارج فى توفيرها لنا وحتى صار الأمر يسبب ضرراً بالغاً لعملتنا الوطنية وقيمة الجنيه المصري.. وهو الأمر الذى يتطلب منا إعادة النظر فى كل ما هو مستورد من الخارج بدءاً من الياميش والفاكهة المستوردة التى لا نفهم لها ضرورة فى محال «السوبر ماركت» الكبرى فى استفزاز غريب لعموم المصريين.. ولمنظومة التطوير والتحديث التى تجرى على أرض مصر سواء فى الزراعة أو الصناعة.
>>>
ويأتى الدواء المستورد فى مقدمة هذه السلع والاحتياجات الضرورية الماسة بصحة الإنسان والتى قد يبرر البعض بصعوبة الاستغناء عنها فى قوائم السلع التى يمكن ترشيدها.
وفى هذا مغالطة شديدة وضربًا تحت الحزام فى الدواء المصرى وشركات الدواء الوطنية التى حققت نجاحات بل طفرات كبرى فى جودة الدواء بشهادة الخبراء والمتخصصين من كبار الصيادلة والأطباء سواء فى مصر أو فى الخارج بل حتى بعض المرضى الذين كانوا يعتمدون على الدواء المستورد واضطروا تحت ضغط ارتفاع أسعاره بسبب فارق العملة المتزايد إلى استخدام البدائل من الدواء المصرى الذى يحمل نفس المادة العلاجية وحقق لهم نفس المفعول فى الدواء المستورد إن لم يكن أفضل خاصة فى بعض أدوية الأمراض الشائعة كالسكر والضغط على سبيل المثال.
ويشهد الصيادلة الدارسون بهذا الأمر.. علاوة على أن صناعة الدواء فى مصر متقدمة.. ومن المستهدف تعظيم صادرات مصر من الدواء خلال الفترة القادمة بنسب متقدمة.. فمصر لديها نحو 192 مصنع دواء تغطى كافة المجموعات الدوائية.
>>>
وأتصور أن هناك أدوارًا مطلوبة من كافة المعنيين بهذا الأمر مثل نقابات الأطباء والصيادلة والمجالس التشريعية وكذلك الإعلام لتوعية المرضى بكفاءة الدواء المصري.. ومن الضرورة ألا تخضع كتابة روشتة الدواء للعلامة التجارية خاصة إذا كان الدواء مستوردا، بل يمكن الاستعانة فى كتابة الروشتة جنبًا إلى جنب الاسم التجارى بالمادة الفعالة المكونة للدواء المطلوب للتسهيل على المرضى باستخدام الدواء الذى يوفى بالغرض بعيدًا عن كونه مستوردا أو هناك نقص به فى الأسواق وذلك للتصدى لمافيا الشركات الكبري.. وترشيدًا لنفقات العلاج للمرضى الذين يدفعون ثمنًا باهظًا فى الدواء المستورد الذى يضيف عبئًا على فاتورة الاستيراد فى البنك المركزي.
>>>
باختصار مطلوب تغيير الكثير من عاداتنا الموروثة والأقاويل المغلوطة والشائعات المغرضة عن صناعاتنا الوطنية ليس فى الدواء فحسب بل فى كل المجالات.. ولكى نستعيد بحق وحقيق شعار «صنع فى مصر» نفخر به ونتمسك بتطوير منتجاتنا الوطنية والارتقاء بها إلى الجودة المأمولة.. وهذا لن يتحقق إلا بفهم المصريين ووعيهم كهدف قومى يزيد من قوة اقتصادنا الوطنى وعدم استسلامنا لأسواق التجارة والعملات الأجنبية التى تمثل ضغطًا على احتياجاتنا وقدراتنا الشرائية التى هى جزء لا يتجزأ من قدرة عملتنا الوطنية.
>>>
أبو كريشة.. وشرف المهنة
تنعى «الجمهورية» بكل الحزن والأسى صحفيًا قديرًا من أبنائها الذين أفنوا حياتهم فى الإعلاء من قدرها على مر سنوات طويلة هو الكاتب الصحفى القدير الأستاذ محمد أبو كريشة.
يشهد الديسك المركزى بأستاذية هذا الصحفى المحترم الذى استطاع أن يفصل بين قناعاته ورؤاه الخاصة التى كثيرًا ما لمحناها فى مقالاته.. وبين تحريره للمادة الصحفية الإخبارية والحوارية والتقديرية التى كان يشرف على خروجها للقارئ فى صورتها النهائية، بكل تجرد وحرفية ومهارة، وإنكار للذات بعكس شموخه الإنساني.
رحم الله الأستاذ أبو كريشة الصحفى المُعلم والإنسان الشهم الخلوق الذى لا يتكرر كثيرًا فى حياتنا العامة والصحفية.. وألهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.