يحل عيد الفطر المبارك، فتعود معه بهجة المصريين التى لا تخفت مهما كانت الظروف، فى كل شارع وزقاق، ترى الفرحة تملأ العيون، وتسمع ضحكات الأطفال تزين الأجواء، وكأن المصريين يثبتون للعالم أن السعادة قرار، وأن الاحتفال بالعيد جزء أصيل من هويتهم.
منذ فجر التاريخ، والمصريون يعرفون كيف يصنعون الفرح، ففى العصور الفرعونية كانوا يحتفلون بالمواسم والأعياد بموكب مهيب، ومع مرور الزمن ظل المصرى محافظًا على طقوس البهجة، فباتت صلاة العيد فى الساحات والمساجد الكبرى مشهدًا لا يكتمل العيد بدونه، حيث تمتزج روحانيات العبادة بفرحة اللقاءات العائلية.
وبعد الصلاة، تنطلق الأسر إلى المتنزهات والحدائق العامة، حيث تتزين الشوارع لاستقبال المحتفلين، حيث أصوات الباعة تنادى على الحلوى والمكسرات، والمراجيح تمتلئ بالصغار، والأغانى العيدية تصدح فى كل مكان. لا شيء يمكنه أن يطفئ جذوة الفرح لدى هذا الشعب، حتى وإن كانت الحياة مليئة بالتحديات.
ورغم الأزمات الاقتصادية والضغوط الحياتية التى قد تواجه الكثير من الأسر، يظل المصريون قادرين على إيجاد الفرح فى أبسط التفاصيل.. فهم لا ينتظرون أن تأتيهم السعادة، بل يصنعونها بأنفسهم، ويبحثون عنها فى لقاءاتهم العائلية، وزياراتهم للأقارب، ولحظاتهم البسيطة فى المنزل أو فى الشارع.
لقد أثبت التاريخ أن المصرى لا يعرف اليأس، بل يحوّل أى تحدِ إلى فرصة للبهجة.. فبينما تعانى بعض الشعوب من التراجع فى مظاهر الاحتفال بسبب الظروف الصعبة، نجد أن المصريين يزدادون تمسكًا بفرحهم، كأنهم يبعثون برسالة للعالم: «نحن هنا، وسنبقى نحتفل بالحياة مهما كانت التحديات».
عيد الفطر فى مصر ليس مجرد مناسبة دينية تنتهى بانتهاء الصلاة، بل هو حالة اجتماعية وثقافية تعبر عن جوهر هذا الشعب.. فهو يوم يعيد للحياة رونقها، ويمنح القلوب استراحة من ضغوط الحياة، ويؤكد أن الفرح لا يحتاج إلى ثروة، بل إلى قلوب تعرف كيف تحتفى بالحياة.
ها هو العيد يعود من جديد، ليذكرنا بأن المصريين سيظلون كما كانوا دائمًا، أصحاب قدرة استثنائية على نشر الفرح، وصناعة البهجة، والحفاظ على طقوسهم التى تجعلهم مختلفين، ومتميزين، وقادرين على مواجهة أى شيء بروح لا تعرف الانكسار