لا أحد ينكر أن الفترة التى عاشتها مصر بداية من 25 يناير 2011 حتى 30 يونيو 2013، كانت الأسوأ فى حياة الشعب، بعد أن انعدم الأمن والأمان، بل القانون فى كثير من الأحيان، وبات المواطن يشعر بالخطر دوماً فى ظل تصدر عصابة احترفت ترويع الشعب الآمن والتهديد والوعيد لكل من يخرج عن طاعتها ولعل الأحداث التى شهدها محيط قصر الاتحادية فى نوفمبر 2012 بين قوى المعارضة وأنصار رئيس جماعة الإخوان الإرهابية إزاء الإعلان الدستورى المكمل خير معبر عن هذه الحالة.
رجال القضاء لم يَسْلَمُوا من إرهاب هذه الجماعة وأفعالها الشيطانية، فكان حصار مكتب النائب العام من أجل الإطاحة بالمستشار عبدالمجيد محمود وتعيين نائب عام خاص للجماعة، ثم حصار المحكمة الدستورية ليمتد الأمر إلى رجال الإعلام فى محاولة لإسكاتهم من خلال حصار مدينة الإنتاج الإعلامى فى مشهد كاد يكتب نهاية الدولة المصرية.
مع كل هذه الأحداث وتداعياتها وغيرها من الأمور، لم يكن من المستصاغ الصمت على انهيار دولة بقوة وعظمة مصر وتركها للضياع بفعل مخططات تخريب هذه الجماعة الإرهابية، فكانت ثورة 30 يونيو ملحمة شعبية خرجت فيها الملايين من كل صوب واتجاه للوقوف فى الميادين بكل المحافظات تعلن رفضها السير فى مخطط إضاعة مصر وسط تأمين رجال الشرطة والجيش الذين انتفضوا لتحرير الوطن من عدوان غاشم ونكسة لا تقل فى وطأتها عن نكسة 67، ليأتى الثالث من يوليو بالنصر الأعظم واستعادة الوطن وعودته لأحضان أبنائه الأبرار.
إذا كانت ذاكرة البعض لا تسعفهم لاسترجاع الأحداث الموجعة التى عاشتها مصر فى ظل حكم الجماعة الإرهابية، فإن التاريخ ومن قبله الوطن سيظل مخلداً لأرواح الشهداء الذين اغتالهم إرهاب الجماعة القاتلة التى أرادت تحويل مصر إلى بِرْكَة من الدماء، بعد محاولتهم المستميتة للنيل من الشعب الآمن الذى قدم الكثير من أبنائه شهداءاً ليبقى الوطن.
إذا كان البعض لا يدرك أهمية ثورة 30 يونيو فى إطلاق مشروعات التنمية، فعليهم البحث عن الفقراء الذين كانوا يعيشون تحت خطر الموت فى أى لحظة داخل العشش والخرابات، ولعل انهيار صخرة الدويقة مازال يعتصر قلوب الكثيرين ليشاهدوا جودة الحياة التى تحققت فى مشروعات السكن البديل، وعليهم الذهاب للمدن الجديدة لمشاهدة هؤلاء البسطاء الذين تحقق حلمهم فى امتلاك وحدات سكنية فى مشاريع الإسكان الاجتماعى وسط تكامل كل الخدمات، وقبل هذا وذلك عليهم التوقف أمام فرص العمل التى توفرت فى تلك المشاريع لعمال البناء الذين عادوا من الدول العربية بعد ثورات الربيع العربى وكانوا على حافة الهوية لولا تلك المشروعات التى نجحت فى احتوائهم وتجنيبهم العوز والاحتياج.
لا تسألوا جمهور السوشيال ميديا عن فضل ثورة 30 يونيو على الوطن والمواطن، ولكن اسألوا الأيادى الشقيانة التى تقدر قيمة العمل والبناء، ومن قبلهما قيمة الوطن الذى سيظل باقياً رغم كيد الكائدين.