>> ربما لأول مرة فى التاريخ يكون الناخب الأمريكى أمام خيارين كلاهما مُر.. فحتى الآن ستكون المنافسة فى الانتخابات الرئاسية التى ستجرى فى شهر نوفمبر القادم محصورة بين الرئيس الحالى جو بايدن المرشح الوحيد للحزب الديمقراطى بلا منافس وبين الرئيس السابق دونالد ترامب الذى تعززت فرص فوزه بترشيح الحزب الجمهورى بعد نجاحه فى الانتخابات التمهيدية فى ٥١ ولاية أول أمس فى «الثلاثاء الكبير» وتراجع نيكى هيلى آخر منافسيه من الحزب!!
إحصاءات الرأى فى الولايات المتحدة وتقارير المحللين تشير إلى أن أغلب الأمريكيين لا يريدون عودة ترامب لأنهم يكرهون تصرفاته الشخصية ولكنهم فى نفس الوقت يفضلون سياساته وما حققه من نجاحات اقتصادية.. وهم يرون أن بايدن تجاوز عمره الافتراضى وصحته لا تساعده على قيادة البلاد رغم أنهم يحبون شخصيته الهادئة ويقدرون ما فعله فى ملفى التأمين الصحى والضرائب.
عودة ترامب عند الشعب الأمريكى «بمن فيهم من ينتمون للحزب الجمهوري» تعنى انتصار اليمين المتطرف والاتجاهات «الشعبوية» إلا إذا غير ترامب أسلوبه فى حال نجاحه فى «نسخته الثانية» وهو أمر مستبعد!!
أما نجاح بايدن فيعنى عدم الاستقرار لوجود احتمالات كبيرة فى عدم استكمال مدته وتولى كاميلا هاريس نائبته الرئاسة وهى التى يقول عنها الأمريكيون إنها لم تنجح فى أى مهمة تم تكليفها بها!!
عدم اقتناع الناخب الأمريكى بأى من المرشحين لقيادته هو تعبير جديد عن أزمة الديمقراطية الأمريكية وعجزها عن فرز قيادات شابة لرئاسة البلاد!!
.. وبعيداً عن الداخل الأمريكى وتخوف الناخبين وانقسامهم.. فماذا سيكون تأثير استمرار بايدن لفترة ثانية أو عودة ترامب على السياسة الدولية؟!.
رغم أن السياسة الخارجية الأمريكية ترسمها عدة مؤسسات وهناك «استراتيجية» ثابتة لا يحيد عنها أى رئيس تضع مصلحة البلاد فوق أى اعتبار.. إلا أن شخصية كل رئيس تلعب دوراً فى تنفيذ هذه السياسة و»التكتيك» الذى يتخذه والأسلوب الذى يتبعه.. وهل يميل إلى استخدام القوة أم يفضل الدبلوماسية.. وهل هو رئيس يؤمن بالصدام مع الآخرين أم بفرض العقوبات الاقتصادية؟!
يتذكر الجميع ما قاله ترامب عندما قامت الحرب فى أوكرانيا وأنه لو كان موجوداً ما وقعت الحرب وإذا أصبح رئيساً فإنه قادر على إنهاء الحرب خلال ٤٢ ساعة.. بينما كان بايدن أحد الأسباب الرئيسية فى قيام الحرب وكان بإمكانه أن يجنب أوكرانيا والعالم هذه الحرب.. لو اتفق مع الرئيس الروسى على عدم انضمام أوكرانيا لحلف الناتو.. ولو أنفق ربع المليارات التى قدمها كمساعدات عسكرية على رخاء الشعب الأوكرانى بدلاً من تدمير بلادهم وقتل الآلاف منهم ليحقق مصلحة أمريكا فى إنهاك «الدب الروسي» فى متاهة حرب لا تنتهي!!
مع إيماننا بأن واشنطن هى الحليف الأول والأكبر لإسرائيل.. وأن ترامب وبايدن لا يختلفان كثيراً فى تأييد أى عدوان لجيش الاحتلال الإسرائيلى على الشعب الفلسطينى سواء فى غزة أو الضفة أو القدس.. فإن «مواقف بايدن» كانت فجة ويعتبر مشاركاً رئيسياً فى المذابح ضد أطفال ونساء وشيوخ غزة الذين سقطوا شهداء بالأسلحة الأمريكية التى يمنحها للدولة العبرية بلا شروط ولا قيود بما فيها الأسلحة الممنوعة دولياً.
لن تتغير سياسة أمريكا فى الشرق الأوسط كثيراً لو عاد ترامب فهو أكثر صهيونية من بايدن.. ولا ننسى أنه الذى اتخذ قرار نقل السفارة إلى القدس.
فشلت نيكى هيلى أن تكون مرشحة للحزب الجمهورى حتى الآن بعد هزيمتها فى الانتخابات التمهيدية خاصة يوم الثلاثاء الكبير «أول أمس» ويعتقد الكثيرون أنها ستنسحب ولن تواصل منافسة ترامب رغم أنه مازال هناك نصف عدد الولايات تقريباً لم تجر فيها انتخابات الحزب.. مما يعنى أن ترامب سيكون مرشح الجمهوريين وتتكرر انتخابات عام ٠٢٠٢ بينه وبين بايدن فى نوفمبر القادم!!
مع أن استطلاعات الرأى تعطى الأفضلية الآن لترامب.. لكن من يدرى ماذا سيحدث خلال الأشهر القادمة.. وماذا ستسفر عنه القضايا المتهم فيها وهل سيصدر ضده حكم يمنعه من الترشح.. ويختار الحزب الجمهور مرشحاً آخر ليمثله.. والأهم وماذا ستكون الأحوال فى أمريكا وفى العالم؟!
إذا لم يأت الفرج من السماء ويغير الله أحوال أمريكا والعالم وينتج عن ذلك وجود مرشحين آخرين.. فلن يفرح الشعب الأمريكى لا بفوز بايدن بولاية ثانية ولا بعودة ترامب مرة أخري.. ولن يكون العالم أكثر هدوءاً وسلاماً لا مع هذا ولا مع ذاك.. وستظل أزمة الديمقراطية الأمريكية تتفاقم حتى يتم الاتفاق على تعديل النظام الانتخابى الفريد الذى أثبت فشله لدرجة أن ترامب نفسه اتهمه بأنه غير عادل ويسمح بتزوير النتائج.. كما أنه يتيح لمن يحصل على عدد أصوات أقل من الناخبين بالفوز عكس كل الانتخابات وعكس كل قواعد الديمقراطية!!