شركات قطاع الأعمال تتحول من عبء إلى قاطرة تنمية وطنية
تحديث خطوط الإنتاج وفقًا لأعلى المعايير العالمية
تشهد مصر فى السنوات الأخيرة تحركات جادة نحو إصلاح المنظومة الاقتصادية وفى قلب هذه التحركات تأتى جهود إعادة هيكلة وتطوير شركات قطاع الأعمال وعودة القلاع الوطنية المختلفة للحياة باعتبارها تمثل ركيزة تاريخية فى الاقتصاد الوطنى وبينما تواجه هذه الشركات والقلاع تحديات متنوعة بين ضعف الإنتاجية وتراكم المديونيات يبرز ملف إعادة الهيكلة كخطوة إستراتيجية لإعادة إحياء هذه الكيانات وتحويلها من عبء على الدولة إلى محرك فاعل للنمو والاستثمار وباستثمارات تتجاوز الـ100 مليار جنيه تنفق لإحياء أكثر من 50 مشروعاً وتستعد هذه الشركات لدخول مرحلة جديدة من الإنتاج المتطور بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر الصناعية المستقبلية من خلال استغلال جميع المصانع والشركات وإحياء صناعات كان لمصر السبق فيها إقليميا وكذلك الاستثمار فى بعض الصناعات المغذية لتعميق الصناعة وبالشراكة مع القطاع الخاص أصبحت شركات قطاع الاعمال تمتلك أحدث الخبرات التكنولوجية والأيدى العاملة المدربة مما يتيح لها تصنيع المنتجات التى يحتاجها السوق المحلى كمرحلة أولى ومن ثم التوسع فى التصدير للأسواق العالمية بما يعزز قدرة الاقتصاد المصرى محليا وعالميا.. كل هذه الخطوات تأتى تنفيذاً لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بإعادة بناء دعائم الاقتصاد المصرى وكذلك الجهود الحكومية لتقليل الاعتماد على الاستيراد وتعزيز الإنتاج المحلى .
«بـ 6 مشروعات واستثمارات بـ 6.4 مليار جنيه و 750 مليون دولار و520 مليون يورو» تتصدر شركة «كيما» قائمة المشروعات الجارية بتطوير مجمعها الصناعى فى أسوان، حيث يشمل المشروع إنشاء وحدة جديدة لإنتاج حامض النيتريك بطاقة إنتاجية 600 طن يوميا، وأخرى لإنتاج نترات الأمونيوم بطاقة 800 طن يوميا، بهدف تغطية احتياجات السوق المحلى والتوسع فى التصدير، مع استثمارات تصل إلى 278.3 مليون دولار و6.4 مليار جنيه مصري.
فى خطوة لإحياء الطاقات الإنتاجية المعطلة، تم الانتهاء من مشروع إعادة تأهيل مصنع «الفيروسيليكون» التابع لشركة «كيما»، والمتوقف عن العمل منذ عام 2019، بإجمالى استثمارات بلغت 53 مليون جنيه، حيث تم إسناد تشغيل وصيانة المصنع لإحدى الشركات المتخصصة بغرض إنتاج سبائك «السيلكومنجنيز»، أحد المكونات الأساسية فى صناعة الصلب.
كما شملت خطة التطوير شركة «الدلتا للأسمدة والصناعات الكيماوية»، حيث تقرر تنفيذ عملية تطوير شاملة على مرحلتين الأولى لإعادة تشغيل مصنعى «الأمونيا» و»اليوريا» وفق أعلى معايير البيئة والسلامة بتكلفة 60 مليون يورو، بينما تتضمن المرحلة الثانية رفع الطاقة الإنتاجية عبر شراكة مع مستثمر استراتيجى باستثمار إضافى قدره 450 مليون يورو.
فى إطار حرص الدولة على الالتزام بمتطلبات الاستدامة البيئية، تم الانتهاء من إنشاء محطة معالجة الصرف الصناعى بشركة «النصر للأسمدة»، باستثمارات تبلغ 13.5 مليون يورو، حيث تسهم هذه المحطة فى تغطية نحو 85 ٪ من احتياجات الشركة من المياه المعالجة اللازمة للتشغيل، بالإضافة إلى وحدات متطورة لاسترجاع الأملاح وإعادة استخدامها فى العمليات الصناعية.
و يجرى حاليا التخطيط لإنشاء مصنع جديد لإنتاج الأمونيا بطاقة 1350 طن/يوم، بهدف مضاعفة الإنتاج وتخفيض استهلاك الطاقة إلى المستويات العالمية وفى نفس السياق ، تم الكشف عن مشروع جديد لإنتاج «الأمونيا الخضراء» بطاقة 1000 طن/يوم، مدعوما بمحطة طاقة متجددة بقدرة 400 ميجاوات تجمع بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فضلا عن إنشاء محطة لتحلية مياه البحر، بما يتسق مع سياسة الدولة نحو التحول إلى الاقتصاد الأخضر.

«القابضة للسياحة»
9.3 مليار جنيه لـ 6 مشروعات كبرى لإحياء الأيقونات السياحية فى قطاع السياحة تعد خطط التطوير نقلة نوعية فى تحديث البنية التحتية للفنادق التاريخية وتطوير مقاصد سياحية جديدة بمستويات عالمية تضم خطة التطوير ستة مشروعات رئيسية تنفذها شركات «إيجوث» و»مصر للفنادق» و»مصر للسياحة» تتنوع هذه المشروعات بين تطوير الفنادق الأثرية العريقة وتحديث المنتجعات الشاطئية، مع التوسع فى الطاقة الفندقية وتقديم خدمات بمواصفات عالمية تجسد هذه المشروعات الطموح رؤية الدولة فى استعادة مكانة مصر على خريطة السياحة العالمية، من خلال تحديث أصول تاريخية وبناء طاقات جديدة تدعم تنوع المنتج السياحي، وتضع القاهرة والمدن الساحلية فى قلب المنافسة مع الوجهات العالمية.
فى المقدمة ، يأتى مشروع تطوير فندق الكونتيننتال، المملوك لشركة «إيجوث»، كأحد أبرز معالم القاهرة التاريخية بتكلفة تقترب من 8 مليارات جنيه، يستهدف المشروع إعادة إنشاء الفندق بطابعه المعمارى الأصيل الذى يرجع لعام 1870، مع تجهيز طاقة فندقية تصل إلى 300 غرفة.
ضمن نفس الخطة، يشهد فندق شيبرد ـ أيقونة وسط القاهرة ـ تطويراً شاملاً لمبناه وملحقاته، بطاقة فندقية تبلغ 269 غرفة وجناحا، فى إطار تحديثه ليلائم متطلبات السياحة الراقية.
أما شركة مصر للفنادق، فتخوض هى الأخرى مشروعات تطوير حيوية، كتجديد المبنى الرئيسى التاريخى لمحلات عمر أفندى فى شارع عبد العزيز، وتحويلها إلى فندق بطاقة 50 غرفة، إلى جانب استكمال خطة تطوير فندق الريتز كارلتون ومشروع منتجع مرسى علم، الذى يشمل توسعة للطاقة الفندقية بإضافة 50 غرفة جديدة إلى جانب الـ156 غرفة القائمة على مساحة 90 ألف متر مربع.
من ناحية أخري، رصدت شركة مصر للسياحة 1.3 مليار جنيه لتطوير فندق بورسعيد، ضمن مشروع يستهدف إعادة صياغة تجربة الضيافة فى المدينة الباسلة ورفع كفاءة الفندق بما يلائم معايير السياحة المعاصرة.
«القابضة المعدنية»
8 مشروعات رئيسية بتكلفة تتخطى 2.7 مليار جنيه و3 ملايين دولار بدأت شركة النصر للسيارات التى عادت للحياة مرة أخرى مرحلة جديدة من التطوير، بإجمالى استثمارات تخطت الـ 2 مليار جنيه و6 مشروعات رئيسية منها مشروع تصنيع وتوريد 100 أتوبيس لشركتى شرق وغرب الدلتا، حيث تم تسليم 33 أتوبيسا حتى يناير 2025، مع معدل إنتاج أسبوعى يبلغ 5 أتوبيسات.
كما شملت الجهود تأهيل مصنع رقم 3 للأتوبيسات وتطوير خطوط الإنتاج بمصنع 4 الذى تبلغ تكلفته الاستثمارية 675 مليون جنيه و3 ملايين دولار، استعدادا لإنتاج سيارات الركوب بأنواعها، منتصف العام الحالى بالإضافة إلى التعاون المرتقب مع شركة «دونج فونج» الصينية لبدء الإنتاج التجريبي.
كما أطلقت شركة مصر للألومنيوم مشروع إنتاج سلك الألومنيوم بطاقة تصل إلى 120 ألف طن سنويا، بتكلفة استثمارية بلغت 17 مليون دولار، مع نسبة إنجاز تجاوزت 80 ٪.
إلى جانب ذلك، يجرى تنفيذ مشروع إعادة تدوير خبث الألومنيوم بطاقة 8000 طن سنويا، بتكلفة 3 ملايين دولار، بهدف تقليل الفاقد والتلوث البيئي.
وفى قطاع التعدين، يجرى العمل على مشروع رفع تركيز خام الفوسفات بتكلفة 305 ملايين دولار، إلى جانب مشروع تأجير مصانع غسيل الفوسفات شرق وغرب النيل لرفع القيمة المضافة للخام المصري.
من جهة أخرى نجحت شركة الدلتا للصلب فى تنفيذ خطى إنتاج البليت بطاقة 500 ألف طن سنوياً، بينما تمضى شركة النصر للمواسير فى إنشاء خطين جديدين لإنتاج المواسير ـ خط لحام طولى بطاقة 25 ألف طن سنوياً وخط مواسير سيملس بطاقة 5000 طن سنوياً، بتكلفة استثمارية تقدر بـ200 مليون دولار.
فى مجال الصناعات الزجاجية، تعمل شركة الزجاج والبلور على مشروع استراتيجى لإنتاج زجاج مخصص لاستخدامات الطاقة الشمسية بطاقة 25,500 طن سنويا، لتعزيز صناعة الطاقة النظيفة محليا.
«القابضة للادوية»
1.9 مليار جنيه استثمارات و7 مشروعات لخطة تطوير متكاملة للشركات التابعة شركات الأدوية لها نصيب أيضا من خطط التطوير ويقوم عليها الشركة القابضة للأدوية، التى تخطو بخطى متسارعة نحو التوافق الكامل مع متطلبات التصنيع الجيد (GMP)، المعتمدة من منظمة الصحة العالمية وهيئة الدواء المصرية وتشمل خطة التطوير الشاملة تنفيذ حزمة من المشروعات على المدى القصير والمتوسط والطويل، بإجمالى استثمارات تبلغ 1.9 مليار جنيه، بهدف رفع كفاءة المصانع، ضمان جودة المنتجات، وتوسيع الحصة السوقية محليا وعالميا.
من بين أبرز هذه المشروعات توطين صناعة المستحضرات البيولوجية من خلال شركة النيل للأدوية والصناعات الكيماوية، بما فى ذلك مشروع إنتاج الأنسولين والمستحضرات الحيوية المثيلة وأيضا إنشاء منطقة إنتاج جديدة للأقراص الجافة للاستنشاق (DPI) بشركة العربية للأدوية، لمواكبة احتياجات سوق الدواء الحديثة.
كذلك مشروع توطين صناعة المواد الخام الفعالة للأدوية عبر شركة النصر للكيماويات الدوائية، وخاصة مضادات الجيل الثالث وأدوية علاج السكر، بهدف تغطية الاحتياج المحلى وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مع فتح آفاق جديدة للتصدير.
إلى جانب التطوير الفني، تعمل القابضة للأدوية على صياغة هوية مؤسسية حديثة لشركاتها التابعة، وتطوير خطوط إنتاج متخصصة تواكب متطلبات السوق العالمية، عبر دراسات جدوى دقيقة لتعزيز مكانة المنتجات الدوائية المصرية فى الأسواق الدولية.
«القابضة للتشييد»
18 مشروعا باستثمارات تتجاوز الـ 4 مليارات جنيه الشــــركات «القابضة للتشــــييد»، تدخل أيضــا ضمـــن خطـــط التطــوير وتشــمل 18 مشروعا متنوعا، بإجمالى استثمارات يتجاوز 4 مليارات جنيه.
حيث تتقدم شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير المشهد، من خلال مشروعات تطوير كبرى فى «هليوبوليس الجديدة» التى تشمل مشروعا على مساحة 300 فدان بتكلفة إنشائية 1.75 مليار جنيه، إلى جانب شراكات ناجحة مع كيانات كبرى مثل سوديك، الشرق الأوسط، مدينة مصر ومطاوع جروب، لتطوير مساحات تتجاوز 1600 فدان.
كما تواصل شركة النصر للإسكان التوسع بمشروعات متميزة، أبرزها تطوير كورنيش المقطم بالشراكة مع شركة SCOPE ليصبح منطقة متعددة الاستخدامات تضم وحدات سكنية، فندقية، تجارية وإدارية، إلى جانب مشروعات «لامارا» و»فاليريا» بت
«القابضة للغزل والنسيج»
5 مشـــروعات كبـــرى بتكلفــة تتخــطى الـ 25.6 مليار جنيه و510 ملايين يورو فى إطار خطة الدولة لإعادة بناء قلاع الصناعة الوطنية وتحديث منظومة الغزل والنسيج، حيث ضمت خطة التطوير 5 مشروعات رئيسية تشرف عليها الشركات التابعة للشركة القابضة للقطن والغزل والنسيج، باستثمارات إنشائية تتجاوز 25.6 مليار جنيه، بالإضافة إلى استثمارات فى المعدات والماكينات تقترب من 510 ملايين يورو و130 مليون دولار، بما يمثل تحولا نوعيا فى مستقبل هذه الصناعة العريقة.
تصدر مشروع تطوير شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى خطة التحديث، كأكبر وأهم مشروعات المنظومة، بتكلفة إنشاءات تبلغ 9.1 مليار جنيه، بالإضافة إلى اســتثمارات ضخمة فى المعدات الحــديثة بقيمــة 289.5 مليون يورو، مما يعكس توجه الدولة لتحويل المحلة إلى مركز صناعى متطور قادر على المنافسة العالمية.
فى كفر الدوار، يتم تنفيذ مشروع تطوير شركة مصر للغزل وصباغى البيضا بتكلفة إنشائية تبلغ 8.3 مليار جنيه، إلى جانب اسـتثمار 129.65 مليون دولار فى معدات جديدة، فيما تشهد دمياط للغزل والنسيج مشروع تطوير بتكلفة إنشاءات قدرها 4.6 مليار جنيه، ومعدات حديثة تقدر بـ71.7 مليون يورو.
كما تشمل الخطة مشروع تطوير شركة مصر/ حلوان للغزل والنسيج بتكلفة إنشائية تصل إلى 2.5 مليار جنيه، وشراء معدات حديثة بقيمة 29 مليون يورو. إضافة إلى مشروع تطوير شركة الوجه القبلى للغزل والنسيج، باستثمارات 1.1 مليار جنيه للإنشاءات، و19 مليون يورو لتحديث الماكينات.
تمثل خطط تطوير شركات قطاع الأعمال العام واحدة من أكثر التحركات الاستراتيجية طموحا فى الاقتصاد المصرى الحديث، إذ تعكس رؤية واضحة نحو تعظيم الأصول، تعميق التصنيع المحلى وتقليل الاعتماد على الاستيراد، مع فتح آفاق التصدير للأسواق العالمية. وبينما تسابق الدولة الزمن لاستعادة بريق الصناعات الوطنية، تبدو الشراكة بين القطاعين العام والخاص مفتاح العبور لعصر صناعى جديد يعزز مكانة الاقتصاد المصرى إقليميا ودوليا.