> قد يبدو أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب هو القوة المحركة للتغييرات العميقة الواسعة التى يشهدها العالم مع ذلك فإن الولايات المتحدة تتغير وسوف تتغير تحت قيادة ترامب وبعد ترامب أو حتى بدونه!!
> العالم بطبيعته فى حالة تغيير دائمة مع حركة التغييرات فى الزمن ومع الانتقال من عصر إلى عصر وسوف يتغير العالم أكثر واكثر وبصورة اعمق وأبعد من كل تصوراتنا.
ومن المؤكد أن العالم سوف يختلف فى عصر الذكاء الصناعى والآلات الذكية المفكرة وإذا كان الزواج بين الكمبيوتر وشبكة الإنترنت قد احدث انقلابات واسعة فى ألوان وأشكال الحياة فى كل مجالات الصناعة والزراعة والتكنولوجيا والتجارة والسياحة وحتى الثقافة فإن عصر الروبوت والإنسان الآلى سوف يؤدى إلى انقلاب شامل فى الحياة بين البشر فى العلاقات والصراعات بين الدول والشعوب وحتى فى الصراعات داخل كل المجتمعات الإنسانية فوق كوكب الأرض.
> لكننا وجدنا العالم الآن يختنق فعلا بسبب سياسات وقرارات الرئيس الأمريكى ترامب وخلال أسابيع معدودة من وجوده داخل البيت الأبيض.
> ويتساءل المفكرون حول العالم ويقولون إلى متى يمكن لهذا العالم ان يتحمل دونالد ترامب بسياساته وقراراته ومفاجآته.. وصفقاته؟!
> وإلى متى يمكن أن تتحمل مؤسسة الامن القومى الامريكية سياسات ترامب وقراراته ومفاجآته المذهلة؟!
رياح التغيير
> وتلوح فى الأفق رياح التغيير فى السياسة العالمية.. هناك عودة رهيبة لعصر الاستعمار والاحتلال والسيطرة فقد عادت السياسة العالمية إلى عصر «الضربات القاضية» الاقتصادية والعسكرية ليست ضد الاعداء فقط لكن أيضا ضد الحلفاء والشركاء والأصدقاء.
> تلوح فى الأفق فعلا عودة رهيبة لعصر الاستعمار والسيطرة والاحتلال وبسط النفوذ سواء بالاحتلال والقوة العسكرية أو بالقوة الاقتصادية أو بجميع الوسائل.
> وإذا كان العالم يتغير وحتى المناخ فوق كوكب الأرض يتغير كما كان يحدث دائما منذ فجر الوجود والزمن فمن الطبيعى أن تتغير السياسة العالمية.
حدود القوة
> ولذلك يطالب المفكر الاستراتيجى الامريكى «أندرو لاتهام» بضرورة وضع استراتيجية أمريكية جديدة لمواجهة تحديات وصراعات القرن الحادى والعشرين ويؤكد ضرورة أن تكون الاستراتيجية العظمى الامريكية الجديدة حكيمة وحصيفة بما يكفى لحماية المصالح الامريكية حول العالم.
> الدرس الأول المؤلم لصانع القرار الامريكى فى هذا العصر هو ضرورة إدراك واستيعاب «حدود القوة الامريكية» فقد تعلمت أمريكا وتألمت كثيرا خلال التجارب الدموية المريرة للحرب والقتال والغزو فى فيتنام والعراق وافغانستان.
> واكتشف صناع القرار السياسى فى واشنطن أن التورط فى الحرب والغزو بلا حدود وبلا أهداف استراتيجية واضحة يؤدى إلى تورط الجيوش الامريكية فى مستنقعات دموية لا تنتهى وجرائم حرب دموية بدون أن تتحقق لأمريكا أية أهداف استراتيجية واضحة أو حتى مكاسب سياسية.
> الموقف الاستراتيجى السليم يقتضى اعطاء الأولوية للمصالح الحيوية العليا للولايات المتحدة وتجنب الحروب التى لا ضرورة لها.
الحكمة الغائبة
> الحكمة الاستراتيجية تقتضى ضرورة الحفاظ على مصادر القوة الاقتصادية والعسكرية لامريكا لاستخدامها فقط فى الوقت المناسب وفى المكان المناسب.
> وهذا يتطلب ضرورة التمييز بين المخاطر والتهديدات الوجودية اى التى تهدد بقاء ووجود الولايات المتحدة والمخاطر والازمات والتهديدات التى يمكن ادارتها بالدبلوماسية وبالتحالفات وبالسياسة والدبلوماسية وبالقوة الاقتصادية وبدون اللجوء لأسلحة الملاذ الأخير القوة العسكرية.
> لكن الحكمة الاستراتيجية تتبخر بدواعيها واسبابها امام إغراءات العصر الجديد ويقول الأمريكى مايكل ألبرتوس إن عصر الأوهام فى السلام والاستقرار فى هذا العالم قد انتهى والعصر القادم هو عصر الاحتلال والسيطرة والتوسع على حساب اراض الدول الاخرى ان عصر الاحتلال والسيطرة على أراضى الغير قد عاد من جديد فى القرن الحادى والعشرين بقوة وشراسة أسوأ من كل ما حدث فى القرن الـ 19.
قصة وانتهت
> لن يتوقف الزمن والتاريخ أكثر من ذلك امام النظام العالمى الليبرالى الامريكى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لن يتوقف العالم أطول من ذلك امام النظام العالمى الذى تحكمة أسس وقواعد القانون الدولى وميثاق الامم المتحدة.
العالم الآن.. يبدأ من جديد فى عصر جديد ودورة جديدة للزمن وقصة جديدة للتاريخ كما يقولون.
> رغبة ترامب فى بدء العصر الذهبى الجديد لأمريكا العظيمة قد لا تكون مجرد رؤية شخصية للرئيس الامريكى الجديد ــ القديم.
ليس سهلا أن يتحدث الرئيس الأمريكى عن ضرورة الاستيلاء على جزيرة جرينلاند التابعة للدانمارك.. وليس من العقل ان يعلن ترامب عن ضرورة ان تفرض امريكا سيطرتها على دولة واسعة المساحة مثل كندا وتحويلها لمجرد ولاية أمريكية.
وقود الحرب
> المفاجأة أن التغيرات المناخية سوف توفر الوقود اللازم لاشتعال الصراعات والحروب الدموية الجديدة من اجل السيطرة واحتلال أراضى الغير والاستيلاء على ما فيها من ثروات وموارد طبيعية.
> كل ذلك يؤكد ان هناك عودة شديدة الشراسة للأقوياء وللقوى العالمية القائمة والصاعدة لاحتلال وفرض السيطرة على اراضى الدول الاخرى حول العالم التكنولوجيا الصناعية المتطورة فى حالة عطش وجوع لا ينتهى للثروات والمعادن الطبيعية النادرة وهذا سوف يكون اكبر الدوافع التى تدعو للقيام بمغامرات الغزو والحرب والتوسع والاستيلاء على اراضى وثروات الدول الصغيرة والضعيفة.
> الغزو والحرب واحتلال أراضى الغير سوف يصبح خلال هذا العصر الجديد جزءا اساسيا ومركزيا من السياسة العالمية.
غير صالحة لحياة البشر
> تصريحات ترامب المتكررة عن ضرورة سيطرة امريكا على جزيرة جرينلاند وتحويل دولة كبرى حليفة لأمريكا لمجرد ولاية امريكية هى فى الواقع مجرد رمز لما يمكن ان يحدث فى هذا العالم بسبب الانقلابات المناخية.
< أحلام ترامب التوسعية لا تعبر فى الواقع عن رغباته واطماعه الشخصية بل ربما تعبر عن وجود مخططات جاهزة للتنفيذ داخل مؤسسة الأمن القومى الأمريكى.
> فى عصر ارتفاع درجة الحرارة وذوبان الجليد فى جرينلاند وفى القطب الشمالى يعطى أهمية استراتيجية جديدة لهذه الجزيرة الكبيرة سواء بسبب الطرق البحرية البحيرة الجديدة أو بسبب ما فوق هذه الجزيرة من ثروات ومعادن تحتاجها أمريكا.
معادلات جديدة
> التغيرات المناخية سوف تؤدى إلى تغيير شامل فى معادلات السياسة العالمية وسوف تسعى القوى العالمية إلى الغزو واحتلال اراضى الدول الاخرى بحثا عن الثروات الطبيعية والمعادن.
> وما يبدو غريبا الآن سوف يصبح امرا طبيعيا فى العصر القادم وجزيرة جرينلاند وكندا مجرد جائزتين كبيرتين تسعى الولايات المتحدة للاستيلاء عليها فى ضربة استراتيجية واحدة.
< جيوش القوى العالمية سوف تدرس مبادئ القانون الدولى واحكامه بأقدام جنودها فقد بدأ عصر جديد من السباق على الغزو والاحتلال فى العالم بدأته امريكا تحت قيادة دونالد ترامب فى العصر الذهبى لأمريكا «العظيمة» وهذا هو العصر الجديد للاستعمار والامبريالية ووجود اسرائيل فى هذا العصر يبدو من الظواهر السياسية الطبيعية على الطريقة الامريكية!!
الانتشار النووى
> فقد يبدأ عصر جديد من الانتشار الواسع للأسلحة النووية فى العالم يشارك فيه حتى حلفاء امريكا السابقين الحاليين مثل كوريا الجنوبية واليابان وربما تلحق المانيا بالسباق فى توقيت قد لا يكون بعيدا.
> حين تتخلى امريكا عن اوكرانيا فجأة من اجل انهاء الحرب ضد روسيا فان ذلك يثير الشكوك القوية لدى حلفاء امريكا فى اوروبا واليابان وكوريا الجنوبية.
> خطر انتشار الاسلحة النووية لن يقتصر على ايران او الجماعات الارهابية وكوريا الشمالية بل يمكن ان تدخل الدول الحليفة لأمريكا هذا السباق.. فى ظل الغياب المحتمل لمظلة الحماية النووية الامريكية.
قوة نووية
> وقد بدأت الاصوات ترتفع فى واشنطن فعلا تطالب بضرورة الاعتراف بكوريا الشمالية كقوة نووية بحكم الامر الواقع على الارض فى شبه الجزيرة الكورية ولا احد يعلم كيف سيكون هذا العالم الجديد الغريب لكن الحروب التجارية الواسعة التى اعلنها ترامب على حلفاء امريكا فى كندا والمكسيك ودول الاتحاد الاوروبى وعلى الصين يمكن ان تؤدى إلى نتائج وخيمة ومدمرة للاقتصاد الامريكى على المدى البعيد.. المبالغة فى الحماية وفرض الرسوم الجمركية العالمية ان من اسباب الكساد العظيم الذى تعرض له الاقتصاد الامريكى وانتهى باشتعال الحرب العالمية الثانية.
> ويحذر الخبير الاقتصادى الامريكى نيكولاس مولدر بشدة من ان سلاح ترامب الاقتصادى والمبالغة فى فرض رسوم جمركية عالية على صادرات حلفاء واعداء امريكا قد يحقق نجاحا قصير المدى لكنه فى الواقع يمكن ان يكون الوسيلة المدمرة التى تعجل بالانهيار الاقتصادى لامبراطورية الولايات المتحدة.. بعد ان ارتفع الدين القومى الامريكى إلى 37 تريليون دولار وارتفع عجز الموازنة الفيدرالية الامريكية إلى تريليون دولار.
الحوار المستحيل
> فى باريس يقول الفرنسيون انه من الواضح ان الحوار السياسى مع الرئيس الامريكى ترامب يبدو مستحيلاً فقد قام دونالد ترامب تقريبا بعملية نسف لملف الناتو بين امريكا واروبا خلال اسابيع معدودة وقال آلان فراشون إن ترامب قام بتفريغ حلف الناتو من معناه السياسى الرئيسى وان الحلف فقد مصداقيته وسقطت تقريبا المادة الخامسة من ميثاق الحلف لأى عدوان خارجى يشكل اعتداء على كل دول الحلف.
اليوم امريكا لا تنوى دعم الحلفاء فى الدفاع عن اوكرانيا.
> وقف الرئيس الفرنسى ماكرون أمام كاميرات التليفزيون فى باريس يتهم روسيا بقيادة بوتين بأنها اصبحت خطرا وجوديا يهدد قارة اوروبا بالكامل وأن قوة الردع النووية الفرنسية يمكن ان تكون مظلة لحماية اوروبا كلها.