ونتابع ما يحدث فى الشقيقة سوريا التى نأمل لها أن تتجاوز مرحلتها الانتقالية بسلام وأمان.
ولكن ما يحدث حتى الآن يثير المخاوف وينذر بأن مرحلة من انعدام بوصلة التوجه والتوجيه أخذة فى الانتشار.. فالدولة المركزية القوية أصبحت غائبة عن الساحة.. والناس كسروا حواجز الخوف وأصبحوا يعتقدون انهم قد أصبحوا فوق القانون فلا سجون ولا عقوبات ولا سيطرة لأحد عليهم!! تماما مثل حالة الفوضى التى سادت الشارع العربى فى أعقاب ثورات الدمار فى عام 2011 وحين خرج الناس فى أوقات كان كل من فيها يغنى على ليلاه ويحاول أن يحصل على ما يمكن الحصول عليه!!
ففى سوريا ومنطقة دول الشام فإن هناك خطرا كبيرا عبر عنه وزير الخارجية العراقية فؤاد حسين عندما قال ان عناصر جماعة «داعش» الإرهابية المتطرفة قد فرت من السجون فى سوريا وعادوا لبسط سيطرتهم على بعض المناطق بعد الاستيلاء على أسلحة من الجيش السورى وهم يهددون الآن الأمن فى سوريا وفى العراق.
وإذا كان «داعش» قد عادوا إلى الصورة مرة أخري، فإن النظام الجديد فى سوريا والذى يطلق العديد من الشعارات البراقة فى محاولة لطمأنة الجماهير يواجه تحديا أخرى من القوى المدنية فى سوريا التى عرفت طريق الشارع بمظاهرة شاركت فيها النساء للمطالبة بدولة مدنية لا دينية.
>>>
والمظاهرة النسائية تعبير عن مخاوف فى الشارع السورى من دولة دينية ذات تأثيرات سلبية مستقبلية على الحياة السياسية وتعود بسوريا إلى حكم تيار معين وإقصاء بقية القوى السياسية الأخري.
ان سوريا تعيش مرحلة الفرحة بالتخلص من نظام بشار والاستمتاع بنسائم الحرية والتخلص من الخوف.. ولكن سوريا مازالت تواجه مصيرا غامضا لم يعد فى يد السوريين كتابته.. مصير سوريا يتحدد الآن من أطراف خارجية بعد أن أصبحت سوريا بلا جيش.. وربما بلا شرطة أيضاً..!
>>>
ونعود للشأن الداخلى فى الدولة التى تحاول إصلاح أخطاء وسلبيات الماضى فى الدولة التى تصدت بقوة للتعدى الذى كان سائدا على الأراضى الزراعية فى دلتا مصر التى تضم أخصب وأفضل الأراضى الزراعية فى العالم.
فعلى طول الطريق الزراعى من القاهرة إلى الإسكندرية وعلى مرمى البصر فقد اختفت الرقعة الزراعية فى بعض المناطق وحلت بدلاً منها الكتل الأسمنتية على هيئة بيوت صغيرة وعمارات شاهقة أيضاً.. وكان ذلك خلال السنوات والعقود التى تراخت فيها قبضة الدولة وتم تجريف الأراضى الزراعية وتحويلها إلى مبان سكنية فى أكبر عملية اضرار بالأمن الغذائى وبثروتنا من الأراضى التى لا يمكن تعويضها.
والمشهد اختلف الآن.. فلا يستطيع كائنا من كان أن يقوم بالاعتداء على الأراضى الزراعية والبناء فوقها.. ولا يملك عضو مجلس نواب أو مسئول التوسط من أجل الحصول على ترخيص بتحويل شبر واحد من الأراضى الزراعية إلى أرض للبناء فوقها.. ولا تملك مجالس المدن منح تصاريح فى هذا الشأن.. فالإزالة تتم على الفور.. والدولة تتكفل بمشروعات بناء المساكن فى المحافظات.. أما الأراضى الزراعية فللزراعة فقط.. وهذا ما كان ينبغى أن يكون.. وهذا هو ما يحدث الآن بعد تصحيح الأوضاع.
>>>
واحنا دمنا خفيف على أية حال.. نرتكب أى مخالفة أو حتى جريمة ونحن نقول «اتكل على الله».. ويذهب المجرم فى أفلامنا السينمائية لتنفيذ جريمة قتل بينما زعيم العصابة يودع رجاله قائلاً «ربنا معاكم يا رجالة» ويلتقى العشيق بمعشوقته فى لقاء المحرمات ويودع كلا منهما الآخر بالدعاء على أمل أن يلتقيا قريبا.. ويتسلم المرتشى الرشوة بينما الراسى يقول له «خد ربنا يباركلك» وان شاء الله دايماً مستورة..!! والناس تقول ذلك فى كل المناسبات المشابهة وهى لا تدرك قيمة ومعنى ما تقول.. الناس داخلها خير رغم كل سلوكيات الشر..!! الناس دى طيبة.. وغلابة رغم كل شيء..!!
وكنت أجلس فى ضيافة أحد الأسر فى محافظة الغربية عندما حان موعد أذان صلاة العصر.. وفجأة كانت الدنيا تهتز من مكبرات صوت ضخمة بصوت لا علاقة له بقدسية الأذان ورافقه صوت آخر من مسجد قريب واختلطت الأصوات وكأن هناك سباقا وصراعا على السيطرة على أجواء المكان..!!
ويا الله.. كان الصوت مزعجا ولم يكن دعوة للصلاة بقدر ما كان تذكيرا بوعاظ عذاب القبر الذين كانوا يتوعدوننا بالظلام والعذاب منذ اللحظة الأولى التى سندفن فيها فى القبور..!
وأنا واحد من الذين تتهلل وجوههم لدى سماع صوت الأذان.. الصوت الذى يعيد إليك احساس الحياة والسجود للواحد القهار.. وأنا واحد من الذين يطوفون بأرجاء القاهرة الفاطمية فى الحسين والسيدة زينب والدرب الأحمر والغورية وباب الخلق والمغربلين وتحت الربع والجمالية أعيش وأحلق فى السماء مع أصوات ملائكية تدعو للصلاة.. أصوات تقودك للمسجد وللصلاة فى أجواء روحانية.. أصوات خاشعة تردد الأذان بصفاء من القلب ينعكس على صوت المؤذن فيأتى الأذان بلسماً للروح والعقل والجسد.
وأكتب ذلك لأناشد من يتصدون للأذان أن يكونوا أهلاً لهذه المسئولية خاصة عند أذان الفجر.
>>>
وأحدثكم عن معركة من نوع آخر.. وعن دورى جديد أشد سخونة وإثارة من دورى الملاعب فى كرة القدم.. والدورى الأهم هو دورى الجماهير.. جماهير كرة القدم التى تخترع هتافات وشعارات أسطورية.. جماهير كرة القدم التى تردد هتافات جماعية بالغة العبقرية.. والجماهير فى المدرجات هتفت فى مباراة للزمالك أخيرا «وضع التتش خربان خربان عاوزين جون سينا مش رمضان» فى إشارة إلى الأخبار التى تتوارد من الخصم التقليدى الأهلى عن صراعات ومشادات بين اللاعبين..! وجمهور الأهلى بالطبع لديه غرف عمليات تقوم الآن بتجهيز الرد على جمهور الزمالك.. وسترد الصاع صاعين.. والمدرجات اشتعلت.. والتشجيع المثالى الرياضى أصبح من ذكريات الماضى أيضاً..!
>>>
ودور البرد المنتشر هذه الأيام ليس له علاج إلا الدعاء..!
>>>
وأخيراً:
قال أحدهم ان الفراق لا يؤلم ثم بكي..!
والقرب بالقلب، لا قرب المسافات.
وأنا صديق جيد لمن يحمل وجها واحدا.
وأحياناً هناك أمل على شكل إنسان.