من بين حركة التغييرات التى تتم فى وزارة الأوقاف منذ ان تولى الدكتور أسامة الازهرى مسئوليتها يلفت الانتباه ما قاله فى حفل تسليم وتسلم القيادة فى المجلس الاعلى للشئون الاسلامية الى الامين العام الجديد.
قال الوزير بوضوح وارى انه كان يقصد ما يقول بدقة شديدة:ان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية يمر بمرحلة جديدة من القيادة تحت إشراف الأستاذ الدكتور محمد البيومى الامين العام الجديد، مؤكدًا على أهمية دور المجلس والمهام الكبيرة المنوطة به وضرورة أن يواصل المجلس الأعلى للشئون الإسلامية مسيرته كمنبر للعلم والنور.
فقد كان الدكتور محمد عزت رجلاً فاضلاً دمث الخلق ودودًا ومخلصًا فى حدود ما اوكلت اليه من مهام من قيادته.
على مدى سنوات متابعتى للمجلس الاعلى للشئون الإسلامية منذ اواخر الثمانييات فى القرن الماضى وحتى الآن فهذه اول مرة يحدث فيها حفل تسليم وتسلم للقيادة بحضور الوزير وهو بالمناسبة رئيس المجلس والامين العام فى درجة نائب وزير.
شهد المجلس على مدى عمره الطويل عددًا من الامناء العموم من القامات الفكرية العالية واصحاب الرؤى الواضحة المستنيرة فى قضايا الامة المختلفة وكانوا اقوياء فى قول الحق والدفاع عنه كانوا كذلك رغم تعدد خلفياتهم الثقافية ومرجعياتهم العلمية والمواقع التى شغلوها فى حياتهم العامة كان يجمعهم الايمان والاخلاص للفكرة الاسلامية ووضوح الهدف فى التوجه نحو ما يخدم الاسلام والمسلمين وكل ماهو كفيل ليس فقط للدفاع عن الاسلام وقضاياه بل وحسن تقديمه للعالم اجمع وتصحيح المفاهيم الخاطئة لدى كثير من شباب امة الاسلام قبل الرد على اعداء الامة وتفنيد شبهاتهم الضالة واراجيفهم وانحرافاتهم العقلية والنفسية أيضًا.
كان من الطبيعى ان ينعكس ذلك على نشاطات المجلس وتفاعلاته الداخلية والخارجية والمساهمة فى النقاش العام داخليا وحسم الجدل فيما يثور من خلافات بين كثير من ابناء الاقليات المسلمة شرقا وغربا والتى تتمتع بعلاقات وروابط طيبة مع المجلس ويتم التواصل معها بمختلف اللغات.
من الامناء العموم الذين عاصرتهم وكانت تربطنى بهم علاقات صداقة قوية وكانت لهم بصمات واضحة واثر كبير فى ابراز الدور الثقافى والتنويرى للمجلس على سبيل المثال سعادة المستشار جمال الدين محمود وكان نائبا لرئيس محمكة النقض والعلامة الكبير الدكتور عبد الصبور مرزوق وكان امينا عاما لرابطة العالم الاسلامى والدكتور محمد إبراهيم الفيومى أستاذ الفلسفة الاسلامية والعميد الاسبق لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الازهر وغيرهم وهذه قامات فكرية كان الكبار فى انحاء العالم الاسلامى يقفون لها اجلالاً واحترامًا.. وكانت لجان المجلس العلمية خلايا نحل حقيقة ويكفى القاء نظرة سريعة فقط على الانتاج العلمى الذى خلفته انشاء وتحقيقا وترجمة لخدمة القران الكريم والسنة النبوية الشريفة وكذلك امهات كتب التراث والفقه الاسلامى والموسوعات العلمية والاصدارات الشهرية والنصف شهرية وغيرها مما كان له أكبر الاثر فى اثراء الحركة الثقافية بصفة عامة.
لا اخفيكم انه فى كل مرة ادلف فيها إلى مقر المجلس بشارع النباتات بجاردن سيتى فى قصر النحاس باشا اقف متأملا اسباب هذا الاختيار العبقرى ولماذا قصر النحاس باشا زعيم الامة وقد كان هناك قصور كثيرة تاريخية اكثر فخامة وشياكة وحتى مدلولات اسلامية تليق بالمجلس؟!
واقول فى نفسى ترى هل قصد اصحاب الاختيار للقصر بان يكون المجلس الاعلى للشئون الاسلامية بيتا للامة حقيقة كما كان قصر النحاس باشا حيث يلجأ اليه الجميع عندما تدلهم المشاكل وتتعقد الخصومات؟!!
نحن فى اشد الحاجة خاصة على صعيد الفكر والعمل الإسلامى إلى بيت امة يجمعنا ويقوى ايضًا شوكة الازهر الشريف مساندًا ومعاضدًا على طول الخط فى كل الاحوال والظروف ومهما كانت المغريات والتحديات.
نأمل ان تكون الخطوة الجديدة تحت قيادة علمية جديدة قفزة قوية نحو التنوير الحقيقى الذى ينتشل الناس من غياهب ظلمات الظالمين ومكر الماكرين وألاعيب وفتن دعاة الفتن تحت لافتات براقة مريبة تساقطت جميعها ولم يبق لهم منها حتى ورقة توت.
والله المستعان.