التصريحات المثيرة التى ادلى بها الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب قبيل عودته إلى البيت الأبيض بأيام حول إمكانية ضم كندا لتصبح ولاية أمريكية وتحويل خليج المكسيك إلى الخليج الأمريكى ثم تهديداته العنيفة بالسيطرة على بنما للتحكم فى قناتها التى تخدم 80 ٪ من تجارة الولايات المتحدة، وأخيراً مطالبته شراء جزيرة جرينلاند الدانماركية والواقعة فى نطاق أمريكا الشمالية، ورغم غرابة هذه الأطروحات وشذوذها عن قواعد القانون الدولى والحدود المستقرة بين الدول، ورغم حالة الانزعاج الشديدة لقادة تلك الدول التى تحدث عنها ترامب إلا أنه يمكن الإشارة إلى النقاط التالية وهى كاشفة إلى حد كبير عن حقيقة الموقف الأمريكى الحالى والمستقبلي.
>>>
1 – هذه التصريحات غير رسمية لأنها صدرت من رئيس منتخب لم يتول المسئولية بعد.
2 – هذه الأفكار تمثل لحظة عابرة من الجرأة السياسية غير المسبوقة والتى تعكس شكل الصراعات القادمة.
3 – هذه الأفكار لا تمثل ترامب فقط لكنها تمثل وجهة نظر «السيستم « الجمهورى حيث صرح نائب الرئيس القادم فأنس لمحطة «سي. إن. إن»، أن ضم جرينلاند أمر يخص الأمن القومى للولايات المتحدة.
4 – يشير البعض أن هذه التصريحات فى هذا التوقيت تمثل قمة التصعيد الممكن من ترامب لإخافة وإثارة قلق زعماء أوروبا قبيل التنصيب استعداداً لمفاوضات شاقة حول التجارة والرسوم الجمركية وحلف شمال الأطلنطى وغيرها من القضايا المعلقة.
>>>
لقد سبق للولايات المتحدة ضم لويزيانا وهاواى وألاسكا واليوم تطالب بضم جزيرة جرينلاند الدانماركية، وللعلم هذه الجزيرة لها أهمية إستراتيجية قصوى فى هذه المنطقة خاصة للولايات المتحدة، وكان الرئيس الأمريكى الأسبق جونسون قد قدًّم عرضا لشراء نفس الجزيرة لكنه فشل فى تنفيذ عملية الشراء، نفس الشئ فعله الرئيس ترومان وفشل أيضاً فى ضم الجزيرة، اليوم نجد ترامب يعيد الفكرة مجدداً كثالث رئيس أمريكى يحاول، لكن ظنى ان ترامب سيحقق هذه الغاية الإستراتيجية الأمريكية المؤجلة، لكن دول الاتحاد الأوروبى فى حالة عدم اتزان وكذلك عدم تصديق أو إنكار لما صرح به ترامب ونائبه.
>>>
الدنماركيون بدوا فى حالة هدوء وحكمة وصرحت رئيسة الوزراء تصريحات تهدف إلى عدم إغضاب أمريكا وقلنا إن الجزيرة ملك لسكانها، وأصحابها، أما المستشار الألمانى أولاف شولتز فقد كانت تصريحاته غاضبة ومقلقة أيضاً، أما فرنسا وإيطاليا فغير راضيتين عن فكرة التوسع وعودة الإمبريالية الأمريكية، فى نفس الوقت نجد المسئولين عن حلف الناتو يتحدثون عن صعوبة المواجهة العسكرية بين دولتين أعضاء فى نفس الحلف.
>>>
بيد أن من كان ينظر إلى ترامب على انه أهوج سياسياً وغير قابل للفهم عليه أن يعيد حساباته وفق هذه المستجدات التى تمثل أحلاماً أمريكية قديمة، أما الجزيرة والتى تمثل مساحتها ضعف مساحة مصر ويسكنها عدد بسيط من السكان لكنها تمثل بموقعها الجغرافى شأناً أمريكياً إقليمياً، فالتغيرات المناخية وارتفاع درجة حرارة الأرض جعل المحيط القطبى يواجه أضخم عمليات ذوبان الجليد، هذا الذوبان فتح الطريق أمام ممر ملاحى جديد اسمه «طريق الشمال» وهذا الطريق تدعمه روسيا بشكل واضح، الخلاصة أن عصر الإمبريالية بدأ يطل علينا من جديد.