رغم أن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى تراجع معدلات العنف والقتل بالمجتمع حيث يصل معدل حوادث القتل إلى 3،3 لكل مائة ألف مواطن منذ عشر سنوات وتراجعت حالياً إلى 1.4 إلا أن الدراما ووسائل التواصل الاجتماعى والشير بدون وعى ومحصن بجهل فى تسليط الأضواء على الجرائم أدى إلى شعورنا بارتفاعها خلال الفترة الأخيرة
ولا يمكن انكار ان البعض يصدر لنا من خلال وسائل العنف الإلكترونى فكرة ان المجتمع غارق فى العنف ونسبة الجريمة كبيرة.. ومع ذلك لابد من عدم اغفال حقيقة مهمة وهى ان تنامى جرائم العدوان ربما تلعب الدراما دوراً فى تعميقه وتلتقط وسائل الإعلام الترفيهى على الشبكة العنكبوتية الإلكترونية مشاهده وما يرافقها من فكرة التريند
والأخطر فى هذه المسألة ان أطفالنا والمراهقين من الشباب يتلقفون مشاهد العنف فى المسلسلات وأفلام الكارتون ويقلدون أبطالهم المحببين إليهم مما يسهم فى تعزيز العنف بشكل ربما يتحول إلى سلوك يومى خاصة مع تكرار التعرض لمتابعة ومشاهدة العنف الدرامى.
أتصور ضرورة إعداد إستراتيجية واضحة خلال الفترة المقبلة تضع فى مقدمة أهدافها خطورة الدراما ووسائل التواصل الإلكترونى على منظومة القيم والأخلاق بشكل يستدعينا لتقديم أعمال درامية إيجابية تسهم فى تعزيز صوراً إيجابية عن المجتمع مما يستلزم ضبط الدراما بمراجعة محتواها حيث لمسنا بمسلسلات رمضان ازدحامها بمشاهد عنف وتحريض وقتل وسرقة وتجارة آثار ومخدرات.
نحن بحاجة لمراجعة المحتوى الدرامى خاصة أننا ندرك ان الدراما قد تسهم بشكل ملحوظ فى صناعة العنف والبلطجة وتتسبب فى انهيارمنظومة القيم وتؤدى للتراجع الأخلاقى حيث إنها تسهم فى تشكيل الوعى المجتمعى لما لها من تأثير شديد عليه.
لابد من مراعاة ان تناول وانتشار المشاهد الدرامية التى تروج للبلطجة واستخدام السلاح واعتباره رمزاً للبطولة وحل المشكلات بعيداً عن عين القانون قد يدفع الشباب لتقليد أبطالهم المحبوبين لديهم من الفنانين مما يشكل خطورة على المجتمع خاصة فى حالات الانفعالات البسيطة التى قد تؤدى إلى تهديد أرواح الأبرياء!!
والتمادى فى استعراض دراما العنف قد يؤدى إلى تحول لغة حياة بالشارع وانتشار السلوك العشوائى نظراً لما عكستها بعض دراما رمضان من صور تشير إلى أن الرجولة والبطولات مرتبطة بالعنف فى حين انها ابعد ما تكون عن الشهامة والمنطق.
لابد أيضاً من مراعاة لغة الخطاب الدينى على الشاشة بحيث تركز على تناول مفاهيم الرحمة والمغفرة من الخالق وأيضاً البرامج الحوارية فى المناقشات التى قد تمتد فى بعض البرامج إلى الحدة والقسوة بين المشاركين من الضيوف.
من الأهمية مواصلة التصدى الأمنى القوى والناجح للمخدرات المصنعة والمستحدثة والتى تعد أقوى من المخدرات الطبيعية فى تأثيرها على تغييب عقول متناولينها حيث إنها تصيبهم بحالة من الاكتئاب وتفقدهم القدرة فى التحكم بتصرفاتهم مما يؤهلهم لارتكاب الجرائم.
إننا بحاجة لتضافر كافة الجهود المجتمعية ومعها المؤسسات الرسمية لمواجهة العنف بكافة مظاهرة
وينبغى البدء بالأسرة التى انصرفت بعضها عن مهمتها الأساسية فى التربية والتنشئة السليمة لمجرد بناء جسم لأبنائها وليس بناء إنسان بكل ابعاده النفسية والاجتماعية والأخلاقية والمهنية والوطنية.