فى صراعنا مع الحياة تبدأ الأحلام فى التكاثر عبر الأيام، ترويها نجاحات العمل أو تقلل منها إخفاقات السنين والأعوام، ولكن تظل النفس البشرية طامحة لما ليس فى يدها، ويظل القلب يطمح فيما ليس عنده، ويكابد الإنسان تحقيق الأحلام بمرارة الفشل تارة وحلاوة النجاح تارة أخرى.
إلى أن يأتى وقت تعترض الأحلام أعاصير الزمن أو غدر الأيام، ويترنح الإنسان فى أزمة مرضية لتُخْتزل الأحلام فى شفاء عاجل أو براء من الأمراض، وفى هذه المرحلة تتضاءل الأحلام إلى أن تصل إلى سهولة تركيب كانيولا فى أحد الأوردة أو سريان محلول فيها أو تسهيل أمر فى حمام، وتتهاوى كل الآمال فى عين الإنسان، ويصبح كل همه عودته سليمًا حرًا طليقًا غير مقيد بأنابيب الأوكسجين أو خراطيم المحاليل وحقن المسكن من الآلام .
وهكذا هو الإنسان فى ذروة صحته وعافيته يشعر بأنه فوق الأزمات ولن تناله مصائب الأيام على الرغم من أنه يراها رؤية العين فى قريب أو صديق أو زميل أو جار ، ولكنه يضع على عينيه غشاوة حتى لا يبصر حقيقة الأزمان، ويتناسى القول المأثور «إن الحياة إذا حلَت أوْحَلت»، ويتناسى ما ذكّره به ربه فى قرآنه أن الدنيا لن تدوم وأنه لا بد ملاقيه .… «يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ» «الانشقاق – آية 6» فإذا به يصبح ويمسى وكل همه هو اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا ولا يُلقى للآخرة أى اهتمام وتأتيه العبرة تلو الأخرى لعله يتذكر أو يخشى فيظل قابعًا فى النسيان لايخشى من الواحد الديان!!!
ورحم الله شوقى إذ يقول:
يا نفس دنياك تحفى كل مبكية
وإن بدا لك منها حسن مبتسم
لا تحفلى بِجِنَاها أو جِنايَتِها
الموت بالزَّهرِ مثل الموت بالفَحمِ
صلاحُ أمركَ للأخلاق مرجِعه
فقَوِّم النفس بالأخلاقِ تستقمِ
والنفسُ من خيرِها فى خير عافيةٍ
والنفسُ من شرِّها فى مرتع وَخمِ