اختارت مصر عن قوة وقناعة وإيمان طريق السلام والبناء والتعمير وهو أساس علاقاتها مع كافة الدول فى المنطقة والعالم.. تلتزم بكافة القوانين والمبادئ والأعراف الدولية، دون أن تحيد عنها، لم تنتهك يوماً سيادة الدول ولم تتدخل فى شئونها الداخلية وتحرص على الاحترام المتبادل، وإرساء قواعد التعاون وتبادل المصالح المشتركة.
حالة التوازن والحكمة التى تحكم وتضبط إيقاع العلاقات المصرية، مع كافة دول العالم، والتى تتغير وفقاً للزمن أو الظروف، جعلت من القاهرة، نموذجاً للثقة والمصداقية الدولية، كونها باتت تقود دفة الأمن والاستقرار فى المنطقة وأحد دعاة وصناع السلام فى العالم، وفقاً لمبدأ أن الصراعات والحروب والنزاعات والمواجهات لا تصنع التقدم، وتهدد مستقبل وحياة البشر، ولا تفضى لأى نتائج، بل تضيع الوقت وتستنزف الموارد والثروات وتهدر جهود البناء والتنمية، لذلك فإن السلام يوفر وقتاً وثروة يمكن ادخارها للبناء والتنمية بما يعود على شعوب هذا العالم.
من هنا، تجد مصر فى حالة من الحراك والنشاط المتواصل والجهود المستمرة لصناعة الاستقرار والسلام، تطلق المبادرات والدعوات والوساطات من أجل نزع فتيل الحرائق والصراعات تقود دبلوماسية السلام والبناء والتنمية عن قوة وجدارة، وقد ساهمت قوة الحكمة، وحكمة القوة المصرية، فى تأثير هذا الدور والثقل فى محيطها الإقليمى والدولي، بعد أن آمنت وأيقنت أن القوة تحمى السلام، وتمنع العدوان، وتردع المهوسين بالأوهام والأطماع وإذكاء الفتن والمؤامرات، خاصة أن مصر لديها الكثير استلزم الحماية، وبناء القوة والقدرة.
واختارت القاهرة أيضاً طريقاً فريداً واستثنائياً، أتاح لها علاقات قوية مع كافة القوى الدولية الفاعلة ولم تقع فى فخ الاستقطاب أو الانحياز لمعسكر على حساب آخر، وتجمعها علاقات وشراكات استراتيجية مع كافة القوى الدولية حتى التى تتسم علاقاتها مع بعضها البعض بالصراعات والتوترات إلا أن مصر تقف على قدم مساواة مع الجميع وتحظى بعلاقات قوية تبحث عن مصالحها العليا، لذلك علاقات القاهرة بالولايات المتحدة ومع الصين، ومع روسيا، ومع دول الاتحاد الأوروبي، والهند، وباكستان هى علاقات قوية، وهى معادلة شديدة وفريدة الخصوصية، كيف تنجح فى بناء علاقات الشراكة الاستراتيجية مع هذه القوى وإن بدت بينها خلافات ترقى إلى حد الصراع، تلك هى العبقرية المصرية التى تتسم بالعقل والحكمة والسيادة والقوة.
مصر أيضاً هى التى تدعو إلى تغليب لغة الحوار والعقل، والحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى فى دول الأزمات من الأشقاء، وأن تجتمع كافة القوى والأطياف السياسية الوطنية على طاولة الحوار، ووقف الاقتتال، والحفاظ على مقدرات الدولة ووحدتها، ورفض التدخلات الأجنبية والخارجية فى شئونها والامتثال للقرارات والقوانين الدولية والأممية.. وتتعامل مصر مع مؤسسات الدولة الوطنية فى كافة دول العالم وترفض أن تتعامل مع ميليشيات أو كيانات خارج نطاق ومظلة الدولة الوطنية.
مصر لا تدخر جهداً، ولا تخذل صديقاً أو شقيقاً، ولا تتوانى عن تقديم الدعم والجهد من أجل إنهاء معاناة وأزمات دول الأزمات، أو التى تواجه تهديد انتهاك السيادة من قبل دول أخري، وفقاً للقوانين والشرعية الدولية، ووفقاً لطلب ونداء واستدعاء الدولة الوطنية وقيادتها الشرعية فى هذه الدول، لذلك فإن مصر لم تتأخر أو تتردد فى دعم الصومال الشقيق وهو بلد عربى أفريقى يتمتع بالسيادة، وعضو فى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية، مصر تتحرك من أجل الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى الصومالية، من أجل البناء والتنمية والتعمير، وإنفاذاً وتطبيقاً للقوانين والمبادئ والأصول الدولية والأممية واستجابة لطلب ونداء الدولة الصومالية.
الأربعاء الماضى استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى الرئيس الصومالى د.حسن شيخ محمود.. الرئيس السيسى أكد موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه والرافض لأى تدخل فى شئونه الداخلية.
التعاون الثنائى بين القاهرة ومقديشيو يشهد تطوراً كبيراً على كافة الأصعدة وفى مجالات كثيرة، وقد تم إطلاق خط طيران مباشر بين البلدين، وافتتاح السفارة المصرية فى مقرها الجديد بالعاصمة الصومالية، والتوقيع خلال زيارة الرئيس حسن شيخ محمود على بروتوكول التعاون العسكرى بين البلدين.
هناك محاولات تستهدف انتهاك سيادة الصومال، وهو ما حدا بالرئيس حسن شيخ محمود بطلب الدعم من مصر التى لا تتردد فى تلبية نداء الأشقاء.
الرئيس السيسي، قال، لن نسمح لأحد يهدد الصومال، وأنا أقول هذا بمنتهى الوضوح ومحدش يجرب مصر، نفس الأمر للسودان ولبنان، تسعى القاهرة للحفاظ على وحدة وسلامة الأراضى السودانية واللبنانية ودعم كامل للشقيقتين، فالجهود المصرية لاحتواء الأوضاع فى السودان ووقف إطلاق النار والعودة إلى المفاوضات واستكمال المسار السياسى لم تتوقف، واستقبلت القاهرة قبل أيام القوى والأطياف السياسية السودانية من أجل إحداث حالة من لم الشمل والتوافق، لإعلاء المصلحة الوطنية للسودان، أيضاً لبنان يواجه تحديات وتهديدات خطيرة، ومصر تعلن بمنتهى الوضوح الدعم غير المحدود للأشقاء فى لبنان ولعل زيارة د.بدر عبدالعاطى للعاصمة بيروت، ووجود المستشفى الميدانى المصري، يجسد أهداف مصر فى الحفاظ على الدولة اللبنانية فى هذا التوقيت الدقيق وما يواجه لبنان من تحديات رهيبة وتهديدات خطيرة.
مصر ـ السيسى استعادت دورها وعلاقاتها القوية بالأشقاء، وأصبحت السند لهم، فما نشاهده من تحركات وزيارات «مصرية ـ أفريقية» متبادلة يكشف حجم وقوة دور القاهرة، من تشاد إلى جيبوتى إلى افتتاح مركز مجدى يعقوب فى رواندا، إلى سد جوليوس نيريرى فى تنزانيا إلى وزير خارجية أريتريا إلى جولات وزير الخارجية والدعم المصرى للأشقاء الأفارقة يعكس حجم الاهتمام والدور المصرى العظيم، الذى يعمل على تحقيق الأهداف والمصالح المشتركة وترسيخ الأمن والاستقرار فى القارة الأفريقية بشكل عام، والقرن الأفريقى بشكل خاص.
مصر تتحرك بذكاء وعبقرية، وبشرعية، بحثاً عن الأمن والاستقرار والسلام، وحفاظاً وحماية لأمنها القومي، فى قدرة بالغة على تحقيق الاحتواء الدبلوماسى والسياسى للتحديات، ومحاصرة التهديدات وإخماد الحرائق، وتأمين للمقدرات والموارد الوجودية، مصر لم تسع إلى الصدام بل إلى التعاون والبناء والتنمية وتبادل المصالح المشتركة تحت شعار التنمية حق مشروع للجميع، دون الإضرار بمصالح أى طرف، تلك ملامح من هندسة العلاقات والتحركات، ودبلوماسية، الاحتواء، دون أى صدام، فالقاهرة لديها من الأوراق والبدائل الكثير.
مصر حاضرة فى كامل المشهد الإقليمي، وتواصل الليل بالنهار وتسابق الزمن من أجل وقف العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وإنقاذ المنطقة، من المصير المجهول، ولعل جهودها فى السعى إلى الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة وتبادل الأسرى والرهائن، والتواصل المستمر مع كافة الأطراف فى المنطقة، لوقف التصعيد، ولعل اتصال الرئيس الأمريكى جو بايدن بالرئيس السيسي، يكشف حجم وقوة الدور المصري، خاصة أن القاهرة تستضيف استكمال المفاوضات المصرية ـ القطرية ـ الأمريكية للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة قبل نهاية هذا الأسبوع.
تحيا مصر