مشروع جديد أطلقته جامعة الأزهر عنوانه «ترجمة الألف كتاب» تهدف الجامعة من خلاله إلى دعم القوة المصرية الناعمة التى يقودها الأزهر الشريف بتاريخه الممتد لأكثر من ألف عام، إضافة إلى دعم مبادئ التعايش العالمى ومحاربة الإرهاب والتشدد والتطرف.. قام رئيس جامعة الأزهر د. سلامة داوود بتشكيل لجنة عليا أبرز أعضائها الفاعلين عميد كلية لغات وترجمة د. خالد عباس المسئول الأول عن المحتوى الفكرى للمشروع.. والذى أكد لـ «الجمهورية» أن الألف كتاب ليس نهاية الحلم.. بل يعتبر البداية ضمن مسئولية مصر حماية الفكر العالمى من العنف والتشدد.
< من أين أتت فكرة مشروع ترجمة الألف كتاب؟
<< الفكرة قديمة كانت فى طى النسيان ولم يحدث أى تقدم فيها حتى أعادها د. سلامة داود رئيس الجامعة إلى الحياة مرة أخري، وقام بتشكيل لجنة أطلق عليها لجنة ترجمة جامعة الأزهر، ويسعى من وراء تشكيل تلك اللجنة نقل الفكر والتراث الموجود فى الأزهر إلى العالم لأن الكتاب خير رسول.
< ما أهداف المشروع ومدى الاستفادة منه؟
<< الهدف ترجمة كتب الفكر والتراث الإسلامى والتى تعبر عن حقيقة الإسلام الوسطى ودعوة الأزهر السمحة لنشر تعاليم الدين، لأن هذا العمل الغرض منه نشر المعرفة ونشر الثقافة الإسلامية وتعريف العالم بالقيم الإسلامية والمنتج الفكرى والفلسفى الموجود فى الأزهر.
< هل يقتصر مشروع الترجمة على الكتب الدينية فقط؟
<< البعض يظن أن الأزهر عبارة عن كتب خاصة بالدين فقط ولكن هناك علوم أخرى مثل اللغة العربية بمفراداتها والبلاغة، كما أن اللجنة بها تنوع كبير فى الأفكار لأساتذة كبار يملكون القدرة على الإسهام فى الفكر العالمى بما يساعد على تحقيق التنوع فى انتقاء الكتب التى يتم ترجمتها لتعريف الناس على الإسلام من خلال الوسيط الموثوق له فى الفكر العالمى وهو الأزهر الشريف وما يتمتع بت من مكانة كبيرة واحترام وتقدير فى نفوس الناس مما سيجعل تلك الكتب المترجمة لها واقع وتأثير أكبر.
< وما أنواع الكتب المقرر ترجمتها إلى عدة لغات؟
<< نحن معنيون بكتب التراث والثقافة والفكر والعلوم ولدينا متخصصون وأساتذة منذ نعومة أظافرهم وهم طلبة فى الأزهر مشتغلون بهذه الدراسات واللغة وكثير منهم حصل على الدكتوراة من الخارج وقادرين على الجمع بين اللغة وفهم النص الدينى ومعرفة دلالات الألفاظ والسياق ومسألة الترجمة ليست بالأمر السهل، فربما هناك شخص ما يتقن اللغة الانجليزية اتقانا جيدا تحدثا وكتابة لكنه لا يستطيع أن ينقل هذه الكتب إلى لغات أخرى فالأمر يحتاج إلى دراسة فالترجمة علم فى المقام الأول.
< هل الترجمة خاصة بالكتب العربية أم الأجنبية؟
<< سنبدأ بترجمة ذخائر الكتب العربية إلى اللغات الأجنبية، وفى ذات السياق سنعمل على ترجمة نفائس الكتب الأجنبية إلى العربية حتى يفيد منها الطالب سواء فى جامعة الأزهر أو خارجها لأن الفكر الإنسانى ملك للجميع ولايوجد مانع أن تتبناه الجامعة وتترجمه ونحن مستعدون وجاهزون لتعريب أى مقررات علمية ترغب الكليات فى تبسيطها للإفادة العامة سواء أكانت تلك الكليات تابعة لجامعة الأزهر أم خارجها.
< هل يتضمن المشروع مقترحات مطلوبة من الخارج؟
<< كما أن رئيس الجامعة قام بتشكيل لجنة هدفها حصر ورصد الكتب التراثية المهمة التى يحتاجها العالم بصفة عامة حتى يمكن أن يتعرف على فكر الإسلام ووسطيته بما يساعد فى تهدئة وتيرة الإسلامفوبيا لدى غير المسلمين وفى ذات الوقت يعمل على تصحيح أفكار التطرف والتشدد التى امتلأت بها عقول بعض الجاليات الإسلامية بالخارج التى انفردت بها تيارات وجماعات منحرفة فغرزوا فى عقولهم العنف والقتل على أنه مبادئ دينية، رغم أن الإسلام دين سلامك من اسمه أو رسمه، لذلك فإن هذا المشروع يسهم فى تحقيق نهضة فكرية لازمة.
< هل ذلك المشروع يدخل ضمن ترسيخ القوة الناعمة المصرية؟
<< بالفعل هذا المشروع إحياء لدور الحضور المصرى خارجيا فلنكن صرحاء أن أغلب مخاطباتنا للغرب قاصرة على بيانات ومناقشات وحوارات باللغة العربية ووفق منهجيتنا العربية التى تختلف تماما مع مداخل المنهجية الغربية لذلك فإنه لا بد من الوصول إلى الغرب بالمفهوم السريع الذى يجيده، وهذا يساعد فى تحقيق السلام العالمى ويؤكد للجميع أن مصر تملك مفاتيح التعايش المشترك الآمن من خلال رصيدها الفكرى التاريخى الذى يقوده الأزهر الشريف منذ ألف عام وزيادة، فكما نبحث عن المشكلات القائمة ونسعى لعلاجها بمفاهيم علمية تراثية فإننا نستقبل تلك المشكلات من مسلمى الخارج ومديرى المراكز الإسلامية، لأن أهل مكة أدرى بشعابها لذا فإننا نفتح بابا واسعا مع كافة المراكز الإسلامية فى الخارج لترجمة ما يحتاجونه من كنوز الفكر الأزهرى الذى تزخر به مكتبة الأزهر العريقة وإمدادهم به.
< هل المشروع يضع فى حسبانه الدول الإفريقية؟
<< بالطبع المشروع يأتى فى مقدمة اهتماماته الدول الإفريقية باعتبارها تمثل العمق المصرى التاريخى وفقا للروابط الجغرافية والمصالح المشتركة بين مصر ودول القارة السمراء، ولذلك فإننا نتعاون مع السفارات المصرية والقنصليات الدبلوماسية لإمدادها بمشاريع فكرية وثقافية مترجمة للراغبين فى معرفة علوم الأزهر ممن لم تساعدهم الظروف على الدراسة فى كليات الازهر العريقة، ونتعاون مع المنظمة العالمية لخريجى الأزهر التى يوجد لها العديد من الأفرع فى تلك الدول وهدفنا ألا نصدر للدول والمراكز الخارجية رؤيتنا حتى لا نكون قضاة غير مستمعين بل نسعى لنتبادل الرأى ونصل إلى كلمة سواء مشتركة بين الراغبين فى الإفادة من منهجية الأزهر الفكرية وبين رؤيتنا وتقييمنا لمدى تحقيق تلك الإفادة.
< هل تملكون لجنة فرعية تقوم على التخطيط والمتابعة؟
<< بالفعل نملك لجنة فرعية تقدم تقريرا للجنة العليا التى يرأسها د. سلامة داوود رئيس الجامعة وعضويتها تضم عميد كلية اللغات والترجمة بمنصبه ونائب رئيس جامعة الازهر للدراسات لعليا والبحوث وعمداء كليات الشريعة والقانون واللغة العربية والدراسات الإسلامية والعربية للبنين والبنات بالقاهرة وأصول الدين والدعوة الإسلامية، وتسعى تلك اللجنة الفرعية على رسم مخطط عام للقضايا والإشكاليات الفكرية والدينية والثقافية فى الخارج حتى يمكن تدخل اللجنة بالدراسة والتواصل مع الجهات الخارجية لإمدادهم بمشاريع ترجمة لموروثات علماء الأزهر بصورة عصرية مبسطة.
< هل تلك المشاريع المترجمة سيتم طرحها للجماهير وهل الطرح ورقيا أم إلكترونيا؟
<< بالفعل سيتم طرح تلك المشاريع المترجمة للجماهير وبأسعار رمزية ضمن توجيهات فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر تجديد دماء الفكر المعرفي، ويحرص الأزهر أن تكون تلك التراجم بأسعار مناسبة سواء فى الجانب العربى أم الأجنبى للراغبين لدعم معارفهم اللغوية، وسيكون الطرح ورقيا والكترونيا على السواء فلنكن صرحاء أن العالم يسير ناحية التكنولوجيا بصورة مهمة فى النقل والتبادل لكن فى ذات الوقت فإن مجال الأفكار تبدو المخاوف واضحة فى الاعتماد على التكنولوجيا فقط دون التوثيق الورقى وإلا ما وجدنا مكتبة الأزهر يأتيها من كل فج عميق يرجون الاطلاع على العلوم والمعارف التراثية والحديثة والمستحدثة وسنعتمد فى الطباعة على مطبعة الجامعة، وللعلم فإن المشروع لا يزال وليدا وبين ساعة والأخرى يتم إحداث إضافة إليه بما يساعده على التوسع والانتشار.
< ما الإطار الزمنى للانتهاء من إتمام مشروع ترجمة الألف كتاب؟
<< الألف كتاب ليست نهاية الحلم بل الحلم يمتد إلى آلاف الكتب ولا أخفى سرا بأن هذا بداية الحلم حيث إننا نهدف إلى الكشف عن الكنوز الأزهرية للعالم حتى يسيتفيدوا من التراث والميراث الأزهرى فى ترسيخ التعايش والتعاون على تحقيق التقارب بين الجميع دون نظرة لاختلاف العقائد أو المذاهب، ونؤمن بأن هذا المشروع يحتاج انتشاراً إعلامياً كثيفاً حتى يحقق ثماره.
< هل المشروع قاصر على التراث الأزهرى فقط؟
<< من قال ذلك .. المشروع يفتح بابه لكافة الأعمال والذخائر الموجودة لدى الهيئات العلمية والفكرية فى مختلف أنحاء مصر، فهذا المشروع وإن كان قد انطلق من جامعة الأزهر فإنه مشروع مصرى فى المقام الأول وكما ذكرت مسبقا فإن هدفه ترسيخ القوة المصرية الناعمة ولذلك فإن الباحثين أو الأشخاص العاديين الذين لديهم ثروات تراثية من المقتنيات الفكرية يمكنهم الحضور إلى جامعة الأزهر لتقديمها فى إثراء ذلك الكيان المصرى الخالص.