شهدت منصات التواصل الاجتماعى حالة من الجدل بعد فيديو طبيبة النساء، حيث خرجت فى بث مباشر على صفحتها بالفيس بوك تسرد مواقف تعرضت لها خلال عملها من بينها وقائع بكفر الدورار والتى وتفضح أسرار المرضى متجاهلة شرف المهنة وحرمة المريض.. ولم تمض أيام قليلة حتى خرجت مالكة معمل تحاليل تدعى أنها طبيبة تحاليل وتثير الشكوك حول أعراض النساء بدعاوى تزايد حالات الطلب من الرجال لتحاليل البصمة الوراثية.. هذه الحوادث ليست الأولى ولن تكون الأخيرة لكنها كاشفة وفاضحة.. كاشفة عن المستوى الذى وصلت سوكيات البعض كما كشفت مخطط حروب الجيل الخامس وما يستجد من تصنيفات ضمن أجندة إثارة الفوضى السلوكية باستخدام أبواق السوشيال ميديا التى صارت وفق رأى العلماء أنها أكثر خطرا من إدمان المخدرات.
«الجمهورية» ناقشت خبراء علوم التربية والشريعة والذين اجتمعت كلمتهم أن تلك المؤشرات بمثابة نذير شديد للمسئولين عن التشريعات مما يفرض عليهم المسارعة بإصدار قانون يتضمن عقوبات مغلظة تقطع ألسنة وأيدى المتطاولين على الأعراض والمستهترين بالأمن المجتمعى بعيدا عن حملات الوعظ أو النصائح والإرشادات.. معلنين أن الأمور تكاد تخرج عن السيطرة تماما فى ظل شهوة المال التى جعلت النساء والرجال يتسابقون فى نشر البذاءات رغبة تحقيق المشاهدات.
د. إبراهيم محمد على الأستاذ بكلية التربية جامعة الأزهر أكد أن التقدم العلمى أو البحثى يجب أن يدور فى فلك تحقيق تلك المصالح ولكن للأسف اغلب المستحدثات العلمية تتعارض مع المصالح الضرورية للدين خاصة السوشيال ميديا التى أصبحت منصات تنطلق منها المساوئ الأخلاقية والسلبيات السلوكية بعدما استطاعت الوصول إلى مختلف شرائح المجتمع المصرى بمستوياته المتباينة وأصبحت طريقا لانتهاك الحرمات والخصوصيات سواء لدى الأفراد أو المجتمع، وهذه الكثافة فى استخدام التواصل الاجتماعى.
بينما حذر د. محمد إبراهيم موسى الأستاذ بجامعة الأزهر من مخاطر وسلبيات اختراق منصات التواصل الاجتماعى والوسائل الحديثة البيوت المصرية ووصفها بأنها سلاح قاتل يتعامل معه الكبير والصغير دون إدراك خطورته مما جعل الكثيرين يستخدمونه فى إثارة الفتن المجتمعية سواء تجاه الوطن من خلال التشكيك فى المستوى الاقتصادى أو التوجهات السياسية أو إثارة الفزع بين العامة مثلما شاهدنا وقت وباء كورونا، إضافة إلى ممارسات بعض الأشخاص فى الترويج للفاحشة بعدما أصبحت طريقا سهلا لتحصيل مبالغ مالية كبيرة نتيجة مشاهدات المراهقين وهذا أخطر على المجتمع من إدمان المخدرات، وذلك الوصف ليس مبالغة فى تشريح التعامل مع السوشيال ميديا بل وضع الأمور فى نصابها الحقيقى، لأن متعاطى المخدرات يدرك أنه يفعل الحرام شرعا وعرفا لذا فإنه يخشى الحساب القانونى واللوم المجتمعى، عكس مدمن السوشيال ميديا فإنه يتبجح بممارساته الفاسدة دون حسيب ولا رقيب.
فيما أشار د. محمد بهاء الدين أستاذ علم اجتماع التنمية ووكيل كلية الآداب بجامعة قناة السويس إلى أن البعض أصيب بحالة من الهوس الشديد بسبب الرغبة فى تحقيق الثراء السريع مما جعلهم يغمضون أعينهم عن مفاهيم العيب والحرام والتقاليد الاجتماعية والمبادئ الدينية التى كانت حاجزا ضد سفاسف السلوكيات الفاسدة، مما جعلنا نصل إلى الحالة التى نعانى منها حاليا نتيجة السباق المحموم بين الرجال والنساء نحو ممارسات غير مسئولة بعرض محتوى غير هادف يخترق حاجز الحياة الشخصية وحرمة البيوت وعوراتها وينتهك الأسرار الخاصة من خلال هذه المنصات فى محاولة لتحقيق حلم الشهرة والثراء حتى ولو على حساب الشرف والخصوصية لتصبح هذه النماذج الفاسدة قدوة ونموذجًا يحتذى به ويتحول التواصل الاجتماعى إلى نوع من التفكك الأسرى والهشاشة الاجتماعية.
مؤكدًا حتمية مواجهة هذه التأثيرات عبر تشريعات قانونية صارمة تقطع ألسنة العابثين بأمن المجتمع حتى يعودوا إلى الامتثال والمطابقة مع قواعد المجتمع وبنائه الإنمائى حيث يجب أن يدرك القائمون على التشريع القانونى أن وسائل ومنصات التواصل الاجتماعى أضحت استخدامًا يوميًا ولازمًا للجميع على مستوى العادة والسلوك، محذرا من أن عدم القدرة على السيطرة والتحكم فى هذا السلوك قد يفاقم المشكلات الأسرية وعليه لا بد من التعامل مع هذه الوسائل وفق خطة قابلة للتفعيل تقوم على اجراءات واقعية بعيدا عن التنظير الفضفاض غير المجدى وهذا ليس قيدًا أو شرطًا على استخدامات الأفراد لتلك المنصات فهناك العديد من الدول الأكثر حرية فرضت قيودًا على وسائل التواصل لأن حماية المواطن جزء من مسئولية الدولة.
د. سيد مهران أستاذ الشريعة والقانون بجامعة الأزهر أكد أن فضائح السوشيال ميديا التى نسمعها صباحا ومساء تكشف عن كارثة وصلنا إليها وتهدد المجتمع بالانهيار الشامل مما يفرض علينا ضرورة الحراك العاجل الفاعل السريع لإنقاذ مستقبل المجتمع من المصير المحتوم إذا لم تتدخل الدولة بتشريعات صارمة تضرب على أيدى المستهترين بالأعراض والخصوصيات الوطنية أو الشخصية ممن يحسبون تلك الفضفضة أمرا هينا رغم أنها عند الله أمر عظيم، ولا شك أن الملاسنات وقذف المحصنين والمحصنات أو الخوض فى أعراض العذارى كل ذلك ثابت وموثق بالصوت والصورة ولا يحتاج شهودا ويمكن التأكد من ثبوته وعدم التدليس فيه من خلال أدوات التتبع الحديثة، ولأن التشريع المصرى يتوافق مع الشريعة الإسلامية فى بنوده وبما يتوافق وروح العصر فإنه أقر عقوبات قانونية على القذف وأعطى القاضى سلطة التعذير من خلال تطبيق عقوبات تفوق النصوص القانونية وبما يتوافق مع الخطر والضرر المترتب على تلك الجريمة، وليس هناك أجرم من المساس بالأعراض وتشويه الشرفاء وتهديد استقرار المجتمع، لذا فإن الحوادث التى تؤكد الاحصائيات أنها ترتفع بصورة مخيفة تستلزم التدخل القانونى العاجل والسريع لمحاصرة النيران المشتعلة.
مضيفا أن دعاوى القوافل والتوعية والنصائح أصبح غير مُجْدٍ فى ظل التطور السلبى الذى وصلت إليه حالة المجتمع سلوكيا بعدما بلغت حد الاعياء وتم وضعها على جهاز التنفس الصناعى، وحتى يمكن إعادتها إلى الحياة مرة ثانية يجب ضخ دماء جديدة تمتاز بالحيوية فى شرايين المجتمع فكريا، وتوظيف الأجهزة الإعلامية لمواجهة هذا الخطر والتحذير منه ثم تصعيد هذه المواجهة إلى منابر الهيئات والمؤسسات التعليمية حتى تتضافر الجهود بما يحقق الوعى المقصود ويمنع خطر المستهترين والعابثين بسلامة بنيان القيم والأخلاق للذى يعتبر قوام المجتمع وسلامه، محذرا فئات المجتمع المقبلة على هذه المشاهدات فى وسائل التواصل الاجتماعى أو المتعرضة له دون أن يكون لديها القدر الكافى من التحصين المعرفى الذى يحمى ثوابتها القيمية ضد هذا الغزو الشرس المفروض عليهم فى أجهزتهم وبين أيديهم، معبرا عن أسفه على ظاهرة التهافت أن انضم روادها عن قصد أو غير قصد إلى خندق اعداء المجتمع والأمة الذين يوجهون سهامهم الثقافية المسمومة قاصدين تدمير أعز ماتملكه مجتمعاتنا من قيم عليا وثوابت مجتمعية راسخة من قوام تماسك المجتمع ومظهر صموده وقوته وهو مايميزه عن المجتمعات المعاصرة التى اهترأت من داخلها حتى شارفت منظوماتها القيمية على الانهيار مالم تكن انهارت بالفعل رغم مايظهر على هذه المجتمعات فى مظهرها الخارجى من قوة صناعية وتقدم تقنى لكنها فقدت أهم دعائم السلم المجتمعى.
مشيرا إلى أن تلك السلبيات أصبحت بموضع من القلق والازعاج بل من الخطورة على قيم المجتمع وسلامة بنيانه الأخلاقى والعقائدى نتيجة انتشار ملايين الصفحات والمنصات التى لا يشغلها سوى تحريك السواكن الغريزية بالجنس أو الشائعات.