الحملات الرقابية رصدت مخالفات خطيرة تتعلق بتخزين الغذاء بشكل غير آمن
تابعت بدهشة ممزوجة بالأسى ذلك الحوار الذى جرى بين الاعلامى الشهير والرئيس التنفيذى المسئول عن أحد المحال ــ ولا أقول المصانع أو الشركات ــ العاملة فى مجال الأغذية والأطعمة السريعة التى إبتلينا بها فى هذه الفترة من حياتنا.. والذى تم إغلاقه مؤقتاً لعدم سلامة منتجاته صحياً.
هذا المحل الذى له فروع وسلاسل عديدة قامت هيئة سلامة الغذاء بإغلاقه مع مجموعة أخرى من المحال ضمن حملة رقابية شاملة نفذتها خلال الشهر الحالى مستهدفة سلاسل الإمداد للمنتجات الغذائية بمحافظات الجمهورية، وقد انتشرت كالوباء فى حياتنا بعد الاعتماد المتزايد على الطعام المصنوع خارج المنزل، والتى كانت موضع شكاوى متعددة من المستهلكين الذين يقبلون على منتجاته بكثافة.
شعرت من حديث هذا المسئول المتحمس لعمله ــ وهذا حقه ــ أنه يصور الأمر وكأن الدولة ارتكبت فى حقه وحق العاملين معه جريمة كبرى لا تغتفر ترقى لجرائم الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل فى حق سكان غزة!! وأخذ يدافع عن رفضه لقرار الاغلاق إلى حد البكاء.. وإدخال أسماء وزراء وكبار من مسئولى الدولة فى هذا الإجراء الروتينى العادى.. والذى أكدت معه هيئة الغذاء فى بيان إعلامى لها أن الحملة جاءت فى إطار سعيها لحماية صحة المواطنين وحماية سلامة الأغذية المتداولة فى الأسواق من خلال حملات تفتيش مكثفة على المصانع ومحلات بيع وتداول المنتجات الغذائية.. وقد أسفرت هذه الحملات عن رصد مخالفات خطيرة تتعلق بتخزين الغذاء بشكل غير آمن واستخدام كميات من المنتجات غير الصالحة للاستهلاك الآدمى مما استدعى اتخاذ اجراءات قانونية حاسمة.. بعدما أكدت تحاليل عينات المواد الخام والمنتجات النهائية وجود مستويات عالية من التلوث الميكروبى ما يشكل خطراً مباشراً على صحة المواطنين وسلامة جودة المنتجات.. وقد تم إغلاق عدد من المنشآت المخالفة بشكل مؤقت لحين تصحيح أوضاعها.
<<<
الأمر عادى جداً وكثيراً ما طالبنا مثل هذه الأجهزة الصحية الرقابية المسئولة بممارسة دورها الفاعل تجاه هذه الأنشطة الغذائية التى انتشرت فى بلدنا منذ بداية الألفية الجديدة انتشاراً النار فى الهشيم.. وذلك بعدما استهلت الأسر المصرية مع ضعف الوعى والقدرة على السيطرة على الأبناء احضار طعامها من مثل هذه السلاسل المحلية أو العالمية فى الأطعمة السريعة رغم ارتفاع أسعارها ما يحمل الأسرة المصرية أعباء قائلة وفى نفس الوقت يحقق أرباحاً خيالية لأصحاب مثل هذه المحال تفوق أرباح المخدرات.
وللأسف الشديد كان إستسهال المستثمرين وأصحاب الأعمال لمثل هذه الأنشطة الاستهلاكية مع تحقيق أرباح طائلة سبباً رئيسياً فى تراجع الصناعة فى بلدنا، واعتمادنا على الخارج بالاستيراد الهائل للسلع الضرورية التى كنا ننتج مثيلاً لها فى الماضى بل يفوقها كثيراً من احتياجاتنا مثل الملابس.أو قطع الغيار أو مستلزمات الإنتاج للسلع والأجهزة المعمرة الاخرى والتى تعتمد على العمالة الكثيفة والماهرة والتى كانت تتطلب تأهيل العاملين بها.. ونجعلهم يمتلكون «صنعة» أوصت بها الأديان والرسالات السماوية.. مع تقديرنا للزيادة السكانية فى بلدنا والتى اضطرتنا إلى القبول بمثل هذه الاستثمارات التى تعمل فى أنشطة هامشية لتوفير فرص عمل.
حسنا فعلت الدولة باهتمامها بالصناعة الوطنية الجادة والسعى لإعادة تشغيل المصانع التى اغلقت والتنبيه لخطورة التمدد غير المنطقى لمثل تلك الصناعات الاستهلاكية التى لا ننكر انها تفتح بيوتاً وتوفر فرص العمل والرزق لشبابنا.. ولكن ليس لحد التساهل معها فى الرقابة الصحية أو شروط التراخيص والعمل أو التسبب فى اختناقات مرورية وتكدس واحتلال للأرصفة أمامها.
<<<
ويبقى ضرورة الوعى الأسرى والتوجيه الاعلامى لخطورة الطعام خارج المنزل الذى زاد عن الحد فى حياتنا.. وجعلت بعض أصحاب مثل هذه الأنشطة يتصورون أنهم يقومون بمهمة وطنية كبرى فى مجال الصناعة.. على الرغم من أن الأم المصرية فى الماضى كانت تقوم بتوفير كل هذه الأطعمة داخل المنزل بتكلفة زهيدة لا تقارن بأسعار هذه المأكولات التى ينفق الشباب دخلهم عليها.. والأخطر أنها تتسبب فى إصابتهم بأمراض خطيرة أقلها أمراض السمنة والسكر ولتعود الدولة مرة أخرى لتوفير العلاج لهم بموازنة مالية ومبادرات صحية مكلفة.
باختصار.. ما احوجنا إلى الوعى الشامل فى كل جنبات حياتنا.