عاشت المرأة فى العالم العربى بين مرارة التقاليد وسمك الحجاب والنظرة الرجعية والتطلع إلى المساواة واستطاعت بكفاح طويل أن تنتزع حقوقها السياسية والاجتماعية فى الوطن العربى ومصر، بينما فى بلد آخر من الوطن العربى مازالت تعانى فى كفاح نفس المشاكل وتحاول بعزم التغلب عليها.
من النساء فى مصر هناك من تفوقن على زملائهم من الرجال ومن استطاعت بعزمها وأفكارها أن تصبح رائدة فى مجالها وهى ملكة الكلام وصاحبة الجوائز، واللقاء بأشهر الرجال فى العالم من خلال حوارات سبقت بها الزمان.. هى الإذاعية «آمال فهمي».
قد عرفت آمال فهمى شخصياً بحكم عملى الصحفى فى قسم المرأة من خلال حضورى عروض الأزياء التى كانت آمال فهمى تضيف إليها بوصفها وشرحها للسيدات لكل فستان وحتى فساتين الزفاف التى ينتهى العرض بها.
كانت متألقة وصوتها الجميل يضيف للأزياء طابعاً خاصاً.. ثم تابعتها بعد ذلك بحكم صداقتى لها.. .. «على الناصية» وفوازير رمضان وتعلمت منها الكثير من خلال حواراتها المشهورة والشيقة.
تابعت آمال فهمى وأحببتها وقمت بأكثر من حوار معها عندما مرضت وذهبت إلى مستشفى المعادى بأمر من الرئيس عبدالفتاح السيسي.. واستمرت فى المستشفى سنوات حتى بعد أن شفيت لأنها كما قالت لى لا استطيع أن أجلس فى شقتى لوحدى وقد كانت جارتى فى الشارع «محمد مظهر» فى الزمالك واستمرت فى المستشفي.
وتابعت عندما كانت عضواً فى لجنة الإعلام بمكتبة الإسكندرية.. وكان اختيارى فى هذه اللجنة علمنى الكثير من المناقشات والخلافات بين النساء على أشياء تافهة والمنافسة فى عرض الأفكار.
آمال فهمى ستظل اسماً كبيراً فى عالم الإذاعة والصحافة.. لن ينسى أبداً على مر الزمان، وستظل الإذاعية الكبيرة واحدة من أهم نساء مصر اللاتى لهن تاريخ مشرف من العمل والعطاء والاخلاص.. وإلى التفاصيل:
علاقة ود حميمة تربط بين المستمع وصوتها عبر موجات الأثير، تجعل منها شخصية عزيزة على المستمع. قريبة منه. إعلامية من الرعيل الأول للإذاعيات اللامعات بالإذاعة المصرية. وصاحبة أشهر برنامج إذاعى التفت حوله الأسرة.
وأول من أدخلت التحقيقات الصحفية للبرامج الإذاعية، إنها الإعلامية القديرة آمال فهمي، التى ولدت فى 4 نوفمبر 1926 وحصلت على ليسانس آداب قسم اللغة العربية من جامعة القاهرة، وشاركت فى العمل السياسى فى مقتبل حياتها من خلال الحزب النسائى الوطنى مع درية شفيق عام 1947، حيث كانت سكرتيرة الحزب. وعملت بمجلة مسامرات الجيب بعد تخرجها، وكما يذكر أحمد رجائى فى كتابه «1000 شخصية نسائية»، ثم عينت مذيعة بالإذاعة عام 1951.
وعن قصة عملها بالإذاعة وتركها مهنة الصحافة كانت تقول: عملت صحفية عام 1949 لمدة سنة وفضلت الإذاعة، لأن أجرى بالصحافة كان 160 قرشًا فى الشهر، وفى الإذاعة 17 جنيهًا، وتضيف: وأنا صحفية كنت أكتب تحقيقات مكتوبة يقرأها الناس، وكان أستاذى فى الصحافة هو محمد عودة، بالإضافة إلى عمل تحقيقات مذاعة يسمعها الناس، وكان أساتذتي: هم على الراعى وعبدالحميد يونس وعبد الحميد الحديدى وسعد لبيب وتماضر توفيق. وجاء حبى لعملى الإذاعي، لاقتناعى بأن مستمعى الراديو عددهم أكبر بكثير من قراء الصحف والمجلات.
وأضافت أنا بطبعى أحب أن يصل عملى لأكبر عدد ممكن من الناس، ولأنى كنت أهوى العمل الصحفي، فقد لوحظ أن حواراتى الإذاعية عبارة عن تحقيق صحفي، لكنه إذاعى مسموع وليس مكتوبًا. وآمال فهمى هى الوحيدة فى مبنى الإذاعة والتليفزيون، التى حصلت على جائزة مصطفى أمين وعلى أمين للصحافة، لتميزها فى إجراء التحقيقات الإذاعية، كما أنها حصلت على لقب «ملكة الكلام» فى العالم العربي، حصلت عليه من لبنان بعد استفتاء موسع فى الدول العربية.
آمال فهمى تذكر ميزة العمل الصحفى بأنه باق «عمل الصحفى يمسكه بيديه»، بينما المذيع كلامه على الهواء، وآمال هى صاحبة فكرة فوازير رمضان حيث بدأتها عام 1955، وكان يكتبها الشاعر الكبير بيرم التونسى ومن بعده صلاح جاهين، ومن البرنامج العام انتشرت فكرة الفوازير فى كل المحطات الإذاعية ومنها إلى التليفزيون، ورغم ذلك لم ينصرف جمهور الفوازير عنها فكان يصل للفوازير 50 ألف خطاب، وفى السنوات الأخيرة يصل مليون خطاب، واشتهرت ببرنامج «على الناصية»، الذى بدأت تقديمه عام 1957، فبعد التحاقها بالإذاعة قدمت العديد من البرامج التى جذبت إليها الأسماع بداية من برامج المرأة، فوازير رمضان، فى خدمتك، حول العالم، عقبال عندكم، إلى أن أسند إليها الإذاعى الراحل أحمد طاهر برنامج «على الناصية»، الذى تعتبره نقطة تحول فى حياتها الإذاعية، وكانت أول سيدة ترأس إذاعة الشرق الأوسط عام 1964، ثم وكيلاً لوزارة الإعلام فمستشارًا لوزير الإعلام.
مسيرة الإذاعية
بدأت آمال فهمى مسيرتها مع الإذاعة فى سن الزهور، حيث تعلقت أذن آمال فهمى بأثير الراديو، فشاركت فى برامج الأطفال التى كان يقدمها «بابا شارو» و»ماما زوزو»، حيث غنت بصوتها الأغنية الشهيرة «قطتى صغيرة.. اسمها نميرة» التى لا يزال يرددها الأطفال حتى وقتنا هذا.
وحين انتهت آمال فهمى من دراستها التوجيهية، التحقت بكلية الآداب جامعة القاهرة، وهناك تتلمذت على يد كبار الأدباء والمفكرين، وعلى رأسهم عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، والمفكر والأديب أحمد لطفى السيد أول رئيس للجامعة المصرية، والدكتورة سهير القلماوي، أول سيدة تحصل على الماجستير والدكتوراه فى الأدب العربي.
ساهمت دراستها للغة العربية فى أن تدخل آمال فهمى الإذاعة من أوسع أبوابها، يساعدها فى ذلك نطقها السليم لمخارج الألفاظ واختيار الكلمات، فاجتازت الاختبارات، وحجزت مكانها فى دار الإذاعة بمقره القديم فى شارع الشريفين، وذلك فى عام 1951، وحفرت مكانتها منذ ذلك الحين ضمن الرائدات الأوائل للإذاعة المصرية مثل أم الإذاعيين صفية المهندس، ورفيقة دربها سامية صادق التى رحلت عن دنيانا فى ديسمبر الماضي.
ومنذ التحاقها بالإذاعة المصرية، أبت آمال فهمي، إلا أن تكون رائدة للبرامج الجماهيرية، التى تعمل على الالتحام المباشر مع المستمعين، فى وقت كان فيه الراديو هو الوسيلة الوحيدة للتواصل الاجتماعي، فقدمت أولى برامجها، والذى حمل عنوان «حول العالم»، والذى كان يقدم المعلومات الثقافية والجوانب الحضارية لدول العالم، وقد ساعد هذا البرنامج فى زيادة الوعى الثقافى لدى جمهور المستمعين.
توالت البرامج الجماهيرية التى قدمتها آمال فهمي، فكان برنامج «فى خدمتك» الذى يعتمد على استقبال شكاوى المواطنين وإذاعتها، وبرنامج «عقبال عندكم»، ثم البرنامج المعروف «هذه ليلتي» الذى كانت تستضيف فيه نجوم السياسة والصحافة والفن.
ومنذ منتصف الخمسينات، كانت آمال فهمى صاحبة السبق فى إدراج «فوازير رمضان» إلى قائمة برامج الإذاعة، وكان يكتبها كبار الشعراء مثل بيرم التونسي، وصلاح جاهين.
وحين كان يتنافس الرواد مثل الإذاعى طاهر أبو زيد فى برنامج «ساعة لقلبك» وفهمى عمر بـ»مجلة الهواء» ببرامجهم الجماهيرية الشعبية، استطاعت آمال فهمى أن تنافسهم ببرنامجها الشهير «على الناصية» منذ أن تسلمت تقديمه من الإذاعى أحمد طاهر عام 1958 وحتى اعتزالها العمل الإذاعى عام 2014، وقدمت فى برنامجها العديد من القضايا المجتمعية والسياسية وساهمت من خلاله فى أعمال الخير وجمع التبرعات للمستشفيات.
وكان الجمهور يرتقب أن تلتقى «سيدة الناصية» وتسجل معه فى الشوارع، وكان البرنامج قد سجل فى عامه الأول مع العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، وذلك خلال تصوير فيلم «حكاية حب»، حيث ظهرت آمال فهمى بشخصيتها الحقيقية، وقد غنى عبدالحليم آنذاك أغنيته الشهيرة «بحلم بيك» من كلمات مرسى جميل عزيز، وألحان منير مراد.
واجتذبت آمال فهمى فى برنامجها «على الناصية» المشاهير، مثل سيدة الغناء العربى أم كلثوم، وعميد المسرح العربى يوسف وهبي، ورائد الفضاء الروسى جاجارين، صاحب أول رحلة حول القمر.
حصلت آمال فهمى فى عام 1960 على لقب أفضل شخصية فى العام، وذلك مناصفة مع الرئيس جمال عبدالناصر، وفقًا لاستفتاء أجرته مجلة «المصور» عن أفضل الشخصيات فى هذا العام.
وأسند إلى آمال فهمى رئاسة إذاعة «الشرق الأوسط» منذ نشأتها عام 1964، ثم تدرجت فى المناصب الإذاعية حتى أصبحت وكيلة لوزارة الإعلام، ورغم هذه المناصب لم تتخلف طيلة 56 عاما عن تقديم برنامجها «على الناصية»، والتى نالت عنه لقب «ملكة الكلام».
على المستوى العائلى اقترنت «ملكة الكلام» بالمخرج الإذاعى محمد علوان صاحب لقب «إمبراطور الإذاعة»، وقد أخرج علوان روائع التمثيليات الإذاعية عبر أثير الراديو، والتى نجحت نجاحا منقطع النظير قبل أن يتم تحويلها إلى أفلام عبر «الشاشة الفضية»، ومن هذه الروائع «، شيء فى صدري، وجفت الدموع، فى بيتنا رجل، نادية، نحن لا نزرع الشوك، أيام معه، أنف وثلاث عيون، الحب الضائع، صابرين».
وحين قرر موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، أن يؤدى بطولته الوحيدة فى المسلسل الإذاعى «شيء من العذاب» استعان بإمبراطور الإذاعة المخرج محمد علوان لإخراجه، وشاركته البطولة الفنانة نيللي، وكذا الحال مع العندليب الأسمر الذى استعان بعلوان أيضا فى مسلسله الإذاعى الوحيد «أرجوك لا تفهمنى بسرعة» الذى قدمه عبدالحليم مع نجلاء فتحى وعادل إمام فى رمضان من عام 1973، وتم تأجيله عاماً لنشوب حرب أكتوبر ليُعرض عام 1974.
لكن الانفصال وقع بين «إمبراطور الإذاعة» و»ملكة الكلام» بعد زواج استمر 18 عاما، فى هدوء، ودون ذكر تفاصيل.
وقد اعتزلت آمال فهمى العمل بالإذاعة بعد تعرضها لظروف صحية إثر سقوطها على سلالم ماسبيرو.
وبعد قرار الاعتزال، تدخلت رئاسة الجمهورية فى عهد الرئيس السابق عدلى منصور ود.درية شرف الدين، وزيرة الإعلام آنذاك، وتم إقناعها بالتراجع عن الاعتزال، وعادت لتقديم برنامجها لفترة قصيرة ثم توقفت، لتدخل فى صراع طويل مع المرض، قبل أن تتوفى اليوم، تاركة وراءها رصيدا كبيرا من محبة المستمعين.
حكايتها مع الفوازير
كشفت وزارة الدولة للإعلام عن جزء من حياة الإذاعية الكبيرة آمال فهمى «ملكة الكلام» فى احتفال الإذاعة، والتى ولدت فى يناير عام 1926، وعينت فى الإذاعة عام 1951، وهى أول من اهتم بالبرامج الجماهيرية، وهى صاحبة السبق فى إدراج فوازير رمضان مع البرامج الإذاعية، وهى الأعمال التى كان يكتبها كبار الشعراء مثل صلاح جاهين.
ولدت فكرة الفوازير مصادفة فى محطة بنزين عندما سمعت الإذاعية المتميزة آمال فهمى صوتا غريبا فى المكان، فسألت عنه، وعرفت أنها ماكينة جديدة للهواء، لتتبلور فكرة الفزورة فى رأسها، وهى الاستعانة بالمشاهير فى كل المجالات، ويتحدث الضيف أو يقرأ فى مجال بعيد تماما عن مجاله، وعلى المستمعين التعرف على صوت الضيف. وبدأت الفوازير بـ»البرنامج العام» فى 1955، وكتبها بيرم التونسي، وكانت أم كلثوم ضيفة أول حلقة، وقرأت صفحة من كتاب «الأيام» لطه حسين.
وحققت الفوازير نجاحا باهرا، ووصلت رسائل إجابات الفوازير فى إحدى السنوات لأكثر من مليون رسالة من مليون قارئ، وتنوعت موضوعاتها من عام إلى آخر، وارتفعت قيمة جوائزها من 5 جنيهات إلى 5 آلاف جنيه، واعترف بيرم التونسى بأن أم كلثوم لا تستطيع أن تغير كلمة من كلامه، إلا أنه سمح لآمال فهمى بتغيير بعض الكلمات، مما يعتبر إنجازا كبيرا، واستمر التعاون بينهما خمس سنوات، ثم كتبها صلاح جاهين بعد ذلك، وحدث أن قدم 5 حلقات فقط من الفوازير، وسافر إلى إحدى الدول العربية، مما دفعها لندائه على الهواء أن هذه الحلقة المذاعة هى الأخيرة لديها، وإن لم يعد فلا توجد حلقات جديدة.
حكاية زواجها
تزوجت آمال فهمى من المخرج الإذاعى والفنان الكبير محمد علوان، وحدث أن تولت رئاسة إذاعة الشرق الأوسط فأصبحت ترأس زوجها فى العمل، وقال لها فى ذلك الوقت: «أنت داخل المبنى آمال فهمى رئيس إذاعة الشرق الأوسط، أما خارجه فأنت بهانة»، ويقصد بذلك أنها ستكون زوجة فقط مثلها مثل أى زوجة مصرية فى الريف أو المناطق الشعبية، الجدير بالذكر أن قصة فيلم «مراتى مدير عام» مستوحاة من حكايتها مع زوجها محمد علوان.
على الناصية
كان برنامج على الناصية من أوائل البرامج التى دعت الطبيب الجراح المصرى العالمى مجدى يعقوب لعمل جراحات مجانية للأطفال المصريين.
وفى برنامج على الناصية قامت آمال فهمى بالتسجيل من داخل غواصة القوات البحرية على عمق 80 قدما تحت سطح الأرض، كما سجلت مع عمال مناجم «الحمراوين» بالصحراء الشرقية على عمق 200 متر تحت سطح الأرض، كما قدمت عددا من البرامج الإذاعية الأخرى مثل «حول العالم» و»فنجان شاي» و»هذه ليلتي»، وقد سافرت إلى الجزائر أثناء الاحتلال الفرنسى لكى تسجل مع الجزائريين الذين يدافعون عن أرضهم، ودخلت وقتها الأراضى الجزائرية عن طريق تونس والتقت الرئيس الجزائرى الأسبق أحمد بن بلا الذى كان يقيم هو ورفاقه فى الجبل وقتها، كما انفردت بتسجيل حوار مع رائد الفضاء الروسى يورى جاجارين عندما زار مصر.
آمال فهمى تعد من أقدر المذيعات للوقوف أمام الكاميرا كما أن برامجها الناجحة «على الناصية» و»فنجان شاي» من البرامج التى استفاد بها التلفزيون لتجديد برامجه ومادتها من المواد الحية التى تصلح للشاشة الصغيرة.
وعن عملها بالتلفزيون قالت آمال فهمى فى أحد الحوارات الصحفية أنها ترحب بالعمل فى التلفزيون لكن بشرط واحد أنها لا توافق على ترك الإذاعة وكانت تقول: إننى على استعداد للعمل فى الإذاعة والتلفزيون والمسألة ليست مسألة ضعف نحو الميكروفون وإنما هى عملية حسابية.
ومضت فى حديثها: أنا أشعر أن هناك أكثر من خمسين مليون مواطن عربى يستمعون إلى البرامج التى تقدمها فى الإذاعة وتصل أصواتنا إليهم وليس من السهولة أن استبدل بهذا العدد جمهور التلفزيون الذى مازال بسيطا بالنسبة لجمهور الإذاعة.
آمال فهمى كانت ذكية فى هذا الشرط لأنها تريد أن تضرب عصفورين ببرنامج واحد على حد تعبير المثل، والواقع أن رأس آمال فهمى مملوء بالأفكار والبرامج التلفزيونية.
وكانت قد اتفقت فعلا مع المذيع حمدى قنديل الذى تعتبره المذيع المفضل لها فى التلفزيون على أن يقدم الاثنان برنامجا مشتركا تنزل فيه الكاميرا إلى الشارع لتلتقى بالناس وتتولى هى الحديث مع الأشخاص الذين تبدأ أسماؤهم بحرف أ إلى حرف ض.
بينما يتولى حمدى قنديل الحديث مع الأشخاص الذين تبدأ أسماؤهم بحرف ط إلى ى وهكذا.
كما تولت منصب مستشار الإذاعة فى فترة الثمانينيات إلا أنها طوال هذه السنوات وعلى الرغم من مسئولياتها العديدة، فإنها لم تتخل عن تقديم برنامج «على الناصية»، الذى أجرت من خلاله لقاءات حقيقية مع المستمعين ليس لها ترتيب مسبق، وحرصت على عرض مشاكل وهموم الناس، وقدمت من خلاله حلقات مسجلة من مختلف بلاد العالم، التى سافرت إليها مثل اليابان، فرنسا، إنجلترا، إسبانيا، وسط أفريقيا، أمريكا، سويسرا، سوريا، لبنان، تونس، اليونان، هونج كونج.
كما قامت بتسجيل البرنامج من الجزائر وقت الاحتلال الفرنسي، حيث قامت بالتسجيل فى أحد الجبال هناك وبجوارها أحد الفدائيين وبيده مدفعه الرشاش، وحرصت آمال فهمى على الاستماع إلى قضايا وشكوى الناس والعمل على حلها من خلال البرنامج، وكذلك قضايا المجتمع، فكان لها دور بارز فى حملة التبرعات لمعهد القلب، حيث استطاعت جمع تبرعات وصلت إلى 8 ملايين جنيه بالإضافة إلى المساهمة فى إنشاء قسم العناية المركزة بقصر العيني، وتبرعات لصالح معهد الأورام وتبرعات أخرى لصالح المحتاجين.
والتقت من خلال برنامجها الكثير من الشخصيات المهمة منهم رائد الفضاء الروسى «جاجارين»، كما قامت من خلاله بالنزول فى أحد الاحتفالات بعيد البحرية فى غواصة من القوات البحرية إلى عمق 800 قدم تحت سطح الماء، والتقت عمال المناجم بالحمراوين على عمق 200 متر تحت سطح الأرض.
الجدير بالذكر، أنه تم وقف البرنامج عن الإذاعة 10 سنوات منذ عام 67 إلى 1977، والسبب حديث اشتكى فيه أحد ضيوف البرنامج من أن الكهرباء لم تصل إلى قريته رغم أنها مرت من القرية، لتصل لقرية أحد المسئولين، وكان المسئول هو على صبري، رئيس الوزراء، فقامت آمال بتوجيه النقد إلى على صبرى فى إحدى حلقات البرنامج وقالت: إن الكهرباء خرجت من الزقازيق، وتركت عددًا كبيرًا من القرى ثم قفزت إلى بلدة «القنايات» وهى بلدته، وكان نتيجة ذلك أن صدر قرار بوقفها عن العمل، وتم وقف البرنامج عقدًا كاملاً.
وكان من عاداتها فى نهاية كل عام أن تقوم على الهواء بسرد مجموعة من القضايا التى ناقشها البرنامج ونجح فيها وعملت بجانب العمل الإذاعى فى التدريس بالجامعة فى كلية الآداب جامعة الإسكندرية، وفى معهد الإذاعة والتليفزيون، حصلت على لقب أحسن مذيعة وأحسن برنامج فى استفتاء وزارة الإعلام عام 1965، وفازت بلقب أحسن إذاعية عام 1998 وكانت تؤكد من خلال برنامجها على أهمية الانتماء لمصر فتقول فى نهايته «لكم التحية ولمصر الحب كله وإلى اللقاء».
اللقاء بـ«عبدالناصر»
فى حوار للإذاعية آمال فهمى فى مجلة الإذاعة والتليفزيون بمناسبة مرور 35 عاما على إذاعة برنامج على الناصية قالت إن البرنامج «على الناصية» حقق العشرات من الخبطات ولم استطع الحديث عندما قابلت الرئيس جمال عبدالناصر لأول مرة وشعرت بأننى أقف أمام السد العالى أو الهرم الأكبر ودخلت موسوعة «جينيس» من الناصية.
وعندما تم سؤالها عن أول حلقة «على الناصية» قالت: أول حلقة قدمتها من حديقة الحيوان وكانت سهلة نظراً لأنى أريد نقل معلومات عن الحيوانات للمستمع بشكل مباشر من مصادرها مثل حراس الاسود والنمور.
توالت البرامج التى قدمتها آمال فهمى منها برنامج «فى خدمتك» و»عقبال عندكم» ثم برنامج «هذه ليلتي» الذى كان يستضيف عدداً من نجوم السياسة والفن ونجوم الغناء ورؤساء التحرير إلى جانب «فنجان شاي» والذى استضافت فيه شخصيات سياسية وزعماء دول عربية منهم أحمد بن بيلا.. وهوارى بوحدين.. وجعفر نميري.. والملك حسين.
فى حوار سابق مع «الجمهورية» آمال فهمى لـ «الرئيس السيسى»:
الحمل تقيل .. لكنك قادر على تحمل المسئولية
خلال تواجد الإذاعية آمال فهمى فى مستشفى القوات المسلحة فى المعادى بعد شفائها وأجرت «الجمهورية» حواراً معها فى وقت سابق تحدثت فيه صاحبة برنامج «على الناصية» عن رؤيتها للإعلام المصري، ورسالتها للرئيس عبدالفتاح السيسى التى اكدت فيها ان مسئولية قيادة مصر كبيرة وأن الرئيس قادر على تحملها كما تطرقت إلى محطات مهمة فى حياتها العملية، وإلى نص الحوار.
> لماذا فضلتى البقاء فى المستشفى بعد انتهاء برنامج العلاج؟
>> لأنى أقيم فى البيت بمفردي، فليس لديّ أولاد أو زوج أو أشقاء وأتلقى فى مستشفى المعادى رعاية طبية ممتازة، إذ منحنى مديره كرسياً متحركاً لأتمكن من الحركة، كما خصص لى موظفة تقوم على رعايتى بشكل خاص، وبعدها قال لى المستشفى إن فترة علاجك انتهت، فنحن لسنا مختصين بالرعاية، لذلك طلبت من إدارة المستشفى مخاطبة وزارة الدفاع بمدّ إقامتى فى المستشفي، واستجاب الرئيس عبدالفتاح السيسى لطلبي.
> كيف استقبلت هذه الاستجابة من الرئيس السيسي؟
>> أتقدم بالشكر للرئيس السيسى لموافقته على مدّ إقامتى فى مستشفى المعادي، وهذا الاهتمام جعلنى أشعر بامتنان كبير له، وعلى رغم من أنى أكبر سناً من الرئيس فإننى أشعر بأنه أب وراع لي، ويهتم برد الجميل لكل من قدم خدمة لمصر، وهو ما رفع معنوياتى للغاية، حيث أعود لتقديم برنامج (على الناصية)، بعد غيابى عنه لمدة اقتربت من العامين، وأقوم بالإعداد حالياً لتقديم حلقة جديدة منه.
> بعد عودتك.. كيف كان برنامج «على الناصية»؟
>> العبور كان فى أثناء فترة توقيفي، فلم أكن قدمت عنه أى حلقة، فقررت أن تكون أول حلقة من خط بارليف، وكانت مصر ما زالت تعيش فى أجواء النصر، أنجزت الحلقة والدموع تسابقني، قلت يومها للمستمعين «أحييكم من فوق خط بارليف»، وأعتبرها أفضل حلقة قدمتها فى حياتي.
> وماذا عن عبدالحليم حافظ؟
>> يُعتبر من أعز الناس وأحبهم إلى قلبي، وبدأت صداقتنا منذ أول يوم دخل فيه الإذاعة فى مكتبى هو وكمال الطويل، كنت أيامها نجمة فى الإذاعة، واستمرت علاقتنا لأنى ساهمت فى شهرته، وكنت معجبة جداً بصوته، كنا نلتقى مساء كل يوم بالهيلتون، أنا وزوجى محمد علوان، وعبدالحليم، وكمال الطويل، وأحمد رجب، واستمرت العلاقة إلى الآن، فعندما أشاهده فى التليفزيون لا أغض نظرى حتى لا تضيع منى لحظة وأنا أشاهده.
> وماذا عن السادات ومبارك وعدلى منصور؟
>> قابلت السادات وسجلت معه، وأذكر طريقته الخاصة فى الحديث، وقابلت مبارك يوم كان مسئولاً عن مطار غرب القاهرة، لكنى لم أنافقه طوال عمري، وعدلى منصور هو من أصدر قرار علاجى على نفقة الدولة.
> ماذا عن اختيارك مديرة لإذاعة الشرق الأوسط؟
>> الموضوع أثار جدلاً واسعاً.. كيف تكون امرأة مديرة إذاعة، وكنت أصغر مديرة إذاعة فى العالم وقتها، باعتبارى الأكثر تفوقاً، وعرض عليّ رئاسة إذاعة ليبيا، ورئاسة إذاعة صوت أمريكا.
> كيف أثّر ظهور التليفزيون المصرى على برنامج «على الناصية»؟ ولماذا لم تنقليه إلى الشاشة الفضية؟
>> طلب المسئولون عن التليفزيون منى أن عمل به، لكنى كنت عاشقة للإذاعة، فصوتى كان يعوض الكاميرا، ولم تمثل الصورة أى إغراء لي، وكنت على ثقة أنى أستطيع بصوتى فقط أن أنقل للمستمع ما تنقله الصورة.
> ألم تعملى فى التليفزيون إطلاقاً؟
>> قدمت ثلاث أو أربع حلقات من برنامج «لقاء الجماهير»، وتوقفت، فقد أحسست أن الكلام به جزء كبير من الافتعال، فالمخرج يحدد وقفتي، ولا بد من الظهور بمكياج وشكل معين للشعر، وأظل منتظرة لإشارة البدء، بخلاف الإذاعة التى يعتمد فيها البرنامج على رؤيتى الخاصة، ولم يؤثر ظهور التليفزيون المصرى على البرنامج، فالناس كانت تتابع برنامجى أكثر من الاهتمام ببرامج التليفزيون كلها، بل كنت أحصل على المركز الأول عند إجراء أى استفتاء.
> ماذا يمثل لك الميكروفون؟
>> معتزة بتاريخه معي، و»أطبطب عليه وأقبله كإنسان وكصديق»، وقد أعطيته كل عمري، حتى إننى أجهضت نفسى مرتين كى لا أتوقف عن عملي، والعمل أعطانى الكثير فيكفى حب الملايين لي، وهو ما يسعدني.
> كيف ترين حال الإعلام فى الوقت الحالي.. وهل من المفترض أن يكون فى صف الدولة على طول الخط؟
>> الإعلام من حقه أن يقدم النقد البنّاء، دون انحياز للشعب على حساب الدولة، فالإعلامى يكون فى صف الحق، وفى صف مصر.
> ماذا تقولين للرئيس السيسي؟
>> الحمل ثقيل، لكنك قادر على تحمل المسئولية.