الإسكندرية.. وبالتحديد منطقة العصافرة المزدحمة.. والتى تشيع فى النفس حالة غامضة من المرح والفرح والإحساس الصيفى المختلف، وعلى عكس المتوقع أو المأمول.. كان الطقس فى هذا اليوم شديد الحرارة.. ولم ينجح الرذاذ القادم من البحر فى تخفيف حدته.. كانت الرطوبة مرتفعة.. وأشعة الشمس حارقة.. والجالسون على الشاطئ المجاور اكتفوا بالاختباء تحت المظلات والنظر بحسرة إلى الأمواج والماء الفيروزى الساحر.
الإسكندرية بالنسبة لى مدينة الحب والذكريات والمرح والفرح والاستجمام والتأمل.. ترتبط فى ذهنى بالتحرر من الروتين ومن قيود العمل.. تعنى اللقاء مع الأصدقاء بعد طول غياب.. تعنى عبق التاريخ الذى يحيط بك أينما تحركت.. تلمحه حتى فى أسماء الشوارع وفى الشكل المميز للترام العتيق الذى لا يزال متشبثا بالبقاء.. الإسكندرية بالنسبة لى تعنى ستانلى وسيدى جابر وبحرى حيث حلقة السمك والمطاعم التى تقدم أحلى وأشهى الوجبات البحرية.. تعنى قلعة قايتباى والمسرح الرومانى ومسرح سيد درويش الذى اصبح جزءاً من الأوبرا المصرية.. تعنى التمرد على الساعة البيولوجية حيث السهر حتى الصباح والنوم حتى الظهيرة.. تعنى التواصل الحذر مع البحر.. وباختصار هى من الوطن بمثابة القلب من الجسم.. هى قلبى وحبى وعشقى الأول وملاذى الوحيد للهروب من زحام القاهرة الخانق.
مشكلة الاسكندرية الوحيدة هى مخالفات المبانى فى الشوارع الجانبية والحوارى الضيقة.. ابراج ترتفع لعشرين طابقا فى شوارع لا يزيد اتساعها على اربعة او ستة امتار.. الاسكندرية حققت رقما قياسيا فى مخالفات المبانى على مستوى الجمهورية الامر الذى يشكل عبئا رهيبا على المرافق وهو ما يظهر جليا خلال النوات الشتائية حيث تعجز شبكات الصرف الصحى المجهدة اصلا عن استيعاب الكميات الهائلة من الامطار المصاحبة للنوات.. فتطوير شبكة الصرف الصحى على سبيل المثال يتطلب احلال مواسير تزيد اقطارها عن اتساع بعض الحوارى ذات الابراج الشاهقة وهو ما يثير علامات استفهام عن دور الاحياء فى مواجهة هذه الظاهرة التى استمرت اكثر من ثلاثة عقود متواصلة.