.. ومضى شهر رمضان المبارك هذا العام كأحسن ما يكون وأفضل ما يكون .. مضى الشهر الكريم مسجلا ثانى أهم شهر صيام عاشه المصريون فى تاريخهم الحديث بعد شهر العبور قبل أكثر من خمسة عقود، عندما خاضت القوات المسلحة معركة الكرامة و التحرير وحققت نصر السادس من أكتوبر 1973م – العاشر من رمضان 1393 هـ، وعندما شهد العالم بشجاعة وبسالة الجيش المصرى وبقوة إرادة الشعب المصرى، جاءت صلاه عيد الفطر يوم الإثنين الماضى وخروج الملايين إلى الساحات بمختلف محافظات الجمهورية لتعبر عن مصر والمصريين ولتحمل رسائل عديدة للكيان الصهيونى ولداعميه بأنه لا تهجير للفلسطينيين من غزة، ولا سلام بدون قيام دولة فلسطينية مستقلة.. ولا أمن أو استقرار فى المنطقة أو العالم فى حال تهديد سيناء،، والأهم : أن كل المصريين على قلب رجل واحد و أن لديهم الإستعداد لإعادة أمجاد النصر المجيد ولديهم القدرة والشجاعة على مواجهة ومعاقبة كل من تسول له نفسه العبث بأمن هذا الوطن ومقدساته ومكتسباته.
نعم، فقد جاء خروج ملايين المصريين إلى الساحات فى صلاة عيد الفطر ليعيد إلينا تلك الصور التى نحتاج إليها فى هذه المرحلة المضطربة التى تعيشها المنطقة، بسبب حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على سكان غزة وبسبب غياب العدالة الدولية، وفى ظل حرب الشائعات والحرب النفسية التى تنفذها دول وجهات أجنبية ضد مصر بغرض إجبارها على تمرير مخطط التقسيم وضياع الضفة الغربية وغزة وتصفية القضية الفلسطينية، وهو لم ولن يحدث، لأسباب كانت واضحة للعيان فى صباح يوم العيد، فهناك فى الساحات عبر المصريون عن مواصلة دعمهم للقضية الفلسطينية وعن ثقتهم الكبيرة فى القيادة السياسية وفى كل الخطوات التى تتخذها لحماية مصر فى مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية، وعن ثقتهم الكبيرة كذلك فى القوات المسلحة وقدرتها على الحفاظ على الأمن القومى بمعناه الشامل وعلى حماية كل حبة تراب فوق الأرض المصرية.
>>>
وحقيقة وحتى نكون منصفين فإن خروج المصريين بالملايين إلى الساحات بعد صلاة العيد وبقدر ما حمله من رسائل سياسية إلى الخارج، بقدر ما عبر عن حالة الرضا المجتمعية فى الداخل، فقد نجحت الدولة خلال الشهر الكريم فى توفير السلع والبضائع والسيطرة على الأسعار فى جميع المحافظات، كما جاءت حزمة القرارات الاقتصادية والزيادة المقررة للمرتبات والمعاشات لتؤكد أن الدولة تشعر بالأعباء التى يتحملها المواطنين وأنها تبذل قصارى جهدها للتخفيف عن الأسر المصرية خاصة الأسر الأولى بالرعاية بزيادة ميزانية الحماية الإجتماعية وبالتوسع فى المبادرات الإنسانية، فضلا عن شعور المواطن بأن الدولة وسط الظروف المعقدة التى تمر بها المنطقة والعالم نجحت فى ترسيخ الأمن والإستقرار وانها حريصة على مواصلة تنفيذ مشروعها التنموى العملاق لتحقيق حلم الدولة العصرية الحديثة.
>>>
أيضا علينا ألا نغفل حالة الإنسجام الفريدة التى يتمتع بها المجتمع المصرى الآن، هذه الحالة التى بدت واضحة فى شهر رمضان بشكل أعاد إلينا صور عبقرية المصريين خلال حرب «أكتوبر- رمضان»، بما احتوته هذه الصور من تلاحم المسلمين والمسيحيين ومن تكافل اجتماعى أبرزته «موائد الرحمن» وجهود الجمعيات الأهلية لتوفير وجبات الإفطار والسحور لملايين الأسر المصرية بجميع المحافظات، فضلا عن الحالة الجدلية التى خلفتها المسلسلات الدرامية خلال الشهر الكريم، وإطلاق القيادة السياسية النقاش حول أهمية تطوير الدراما التليفزيونية خلال السنوات القادمة، باعتبارها إحدى أهم وسائل بناء الوعى الوطني، وأنها تساهم فى ترسيخ القيم النبيلة التى نحتاجها ونحن نبنى «الجمهورية الجديدة».
>>>
من هذا المنطلق فقد شكل مسلسل» لام الشمسية»- وبشهادة النقاد والمشاهدين- أحد أهم مسلسلات رمضان هذا العام، ليس فقط لأنه ناقش قضية مهمة تمس قيم المجتمع واستقراره، ولكن أيضا لأن فريق العمل» الكاتبة مريم ناعوم والمخرج كريم الشناوى والممثلين والشركة المتحدة للإنتاج الإعلامي»، أصروا على إخراج مسلسل يكون نموذجا فى الدراما المصرية، ونجحوا من خلاله فى التأكيد على أن شجاعتنا نحن المواطنون فى مواجهة أى تجاوز أو فساد يحمى الأسرة والمجتمع ويحد من وقوع الجرائم مهما كان «خبث» من يخططون لها ومن يقومن بتنفيذها،، وفى هذا الإطار تبرزعبارة « برومو» المسلسل التى تقول « لام شمسية ولام قمرية واحدة نقولها وواحدة خفية، والشمسية متخبية زى السر وزى الذنب» فى إشارة إلى ضرورة محاصرة الأخطاء والكشف عنها فى أسرع وقت، قبل أن تعجز الألسنة عن النطق بها وقبل أن تتحول إلى أسرار أو ذنوب أو جرائم تحرم الوطن من أبنائه ومن منجزاته ومن الأمل فى المستقبل المشرق الذى نتطلع إليه ونتمناه.