أكد د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة أنه بدون حل القضية الفلسطينية لن يكون هناك سلام ولا استقرار فى المنطقة، لأن لب الصراع فى المنطقة هو القضية الفلسطينية.
جاء ذلك خلال مشاركة عبد العاطي اليوم السبت في ندوة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب بعنوان “رؤية استراتيجية لعلاقات مصر الخارجية” في اطار المحور الثقافي لوزارة الخارجية والهجرة بالدورة ٥٦ لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، والذي يتضمن ندوات يومية حول مختلف الموضوعات ذات الصلة بسياسة مصر الخارجية.
وقال عبد العاطي خلال الندوة التى أدارها الكاتب الصحفى عماد الدين حسين والدكتور محمد كمال أستاذ العلوم السياسية ان السياسة الخارجية هى امتداد للسياسة الداخلية، والسياسة الخارجية يصنعها رئيس الجمهورية وهو اختصاص دستوري واضح.
وأستعرض الدكتور عبد العاطي تاريخ دعم مصر للقضية الفلسطينية، حتى قبل نكبة ٤٨ لأنها ترتبط بالأمن القومى المصرى، مضيفا ان هذا الدعم سيتواصل حتى يتم التوصل الى حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطينى ولاسيما ما يتعلق بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.
وأوضح أن ما حدث فى السابع من أكتوبر كان زلزالا ومصر منذ اليوم الأول تحاول احتواء ما حدث مسلطا الضوء على الخسائر فى الارواح حيث يناهز عدد الضحايا ما يقرب من ٥٠ ألف شهيد بخلاف ما يقرب من مائة ألف جريح.
ووجه وزير الخارجية التحية مجدداً صمود الشعب الفلسطيني العظيم المتشبث بارضه لافتا الى مشاهد عودة الأشقاء الفلسطينيين الى شمال القطاع والتى تعد رسالة ان هذا الشعب متمسك بارضه، وان ما حدث فى الماضى لن يتكرر.
وقال وزير الخارجية أن مشاهد عودة سكان القطاع الى الشمال ربما لا نراها سوى خلال الحج وهو ما يعكس تمسك هذا الشعب بأرضه.
وسلط الدكتور عبد العاطي الضوء على دعم مصر التاريخي للقضية الفلسطينية مشدداً على انه لا توجد دولة بالمنطقة والعالم قدمت للقضية الفلسطينية ما قدمته مصر، فمصر أياديها بيضاء ولا تتآمر وتتعامل بشرف.
وأشار الى الجهود التى قام بها المفاوض المصرى على مدار ١٥ عشر شهراً من المفاوضات المستمرة وحتى تم التوصل الى اتفاق وقف اطلاق النار ، وذلك بالتنسيق مع الشقيقة قطر والولايات المتحدة الأمريكية مؤكدا أن إدارة الرئيس دونالد ترامب كان لها دوراً محورياً فى التوصل الى هذا الاتفاق.
وأكد وزير الخارجية على أهمية الشراكة الإستراتيجية مع الولايات المتحدة و ان مصر تعمل مع قطر والولايات المتحدة على استدامة وقف اطلاق النار، ورغم كل الصعوبات والتحديات، فان المفاوض المصرى يواصل الدأب بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة بهدف وقف عمليات قتل المدنيين الفلسطينيين.
وأبرز الدكتور عبد العاطي جهود مصر الداعمة للأشقاء الفلسطينيين والمتعلقة بالإغاثة مذكراً بأن العالم مجتمع قدم ٣٠ بالمائة من اجمالي المساعدات الى غزة ومصر قدمت ٧٠ بالمائة من المساعدات التى دخلت الى القطاع معربا عن الامل فى سرعة إعادة تأهيل معبر رفح من الجانب الفلسطينى للعمل على ادخال المزيد من المساعدات.
وأشار فى هذا الصدد إلى استضافة مصر لمؤتمر الإستجابة الانسانية لغزة فى ديسمبر الماضي وتم تعبئة موارد، كما يتم حالياً التنسيق لحشد المزيد من المساعدات.
وقال الدكتور عبد العاطي ان مصر ستنظم بالتعاون مع الامم المتحدة مؤتمراً لحشد الدعم لاعادة إعمار غزة.
وشدد وزير الخارجية على انه لابد من كسر حلقة العنف من خلال وجود افق سياسى وجدول سياسى وخارطة طريق تقود لاقامة الدولة الفلسطينية.
وحول العلاقات بين مصر والولايات المتحدة والشراكة الاستراتيجية فيما بينهما.. وصف وزير الخارجية هذه العلاقات بانها وثيقة واستراتيجية وراسخة وتمتد إلى أربعة عقود وتقوم على مبادىء محددة وهى المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.. لافتا الى ان مصر دولة اقليمية كبرى والولايات المتحدة دولة عالمية كبرى وهناك مصالح مشتركة تربط بين البلدين ليس فقط على المستوى الثنائي ولكن ايضا الرؤية الاقليمية بل والعالمية.
وأضاف الدكتور عبد العاطي أن جولة الحوار الاستراتيجى بين البلدين عقدت فى سبتمبر الماضي بحضور وزيري خارجية البلدين.
وأشار الى الاتصال الهاتفى الذى تلقاه اليوم الرئيس عبد الفتاح السيسى من الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، وهذا الاتصال يعكس العلاقات الوثيقة والطابع الاستراتيجي لها.
وأوضح ان هذه العلاقات متشابكة ومركبة وتتضمن الشق الاقتصادى والسياسي والاستثماري والاقليمى والدولي، وهى علاقات تتجاوز الافراد وتؤكد على دور المؤسسات، وتتجاوز الاطار الاقليمى وتتخطاه الى الاطار الدولى.
وأعرب عن ثقته الكاملة فى ان هذه العلاقات قوية ومتينة ذات بعد استراتيجى..مشيرا الى ان المبدأ الأساسي الذى أرساه الرئيس السيسى خلال حفل افطار العائلة المصرية هو مبدأ الإتزان الإستراتيجي.
وأشار إلى أن لدينا علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة ولدينا شراكات استراتيجية مع الهند والبرازيل وروسيا والصين.
وأكد عبد العاطى أن مصر تعتز بانتمائها الأفريقى وقدمت دعما كاملا لحركات التحرر الأفريقية ولدينا علاقات متميزة مع الأشقاء فى أفريقيا ونتآلم لما يحدث فى دول الجوار، ومصر الان فى لحظة فارقة فلدينا حدود ملتهبة.
وقال إن الصومال دولة عزيزة وعلاقتنا بها تمتد عبر التاريخ ونثق ثقة كاملة فى القيادة السياسية ومؤسسات الدولة الثابتة ، مشددا على أنه وبرغم التحديات فمصر هى الركيزة الأساسية للاستقرار فى المنطقة.
وأشار إلى أنه قد قام بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيارة بورسودان مرتين ولقاء رئيس المجلس الانتقالي عبد الفتاح البرهان ، مؤكدا على أن السودان دولة شقيقة وموقفنا واضح ، فمصر تنحاز إلى جانب الدولة الوطنية السودانية وليس إلى أشخاص ونرفض التدخل الخارجى فى كل الأزمات بالمنطقة ، ونحن نعمل على ٣ مسارات فى السودان تشمل النفاذ الكامل للمساعدات ، ونثمن فى هذا الإطار دور المجلس السيادى السودانى بوجود مراكز إنسانية وفتح معابر لمسارات المساعدات.
وأضاف أن المسار الثانى يتعلق بوقف إطلاق النار ، والثالث يتعلق بوجود عملية سياسية شاملة لا تقصى أحدا ، مؤكدا على دعم مصر للسودان والدولة الوطنية ومؤسساتها.
وفيما يتعلق بالقرن الأفريقى ، اكد عبد العاطى أن مصر لا تتعدى ولا تتدخل فى شئون أحد واى تواجد مصرى فى الصومال هو بطلب من الصومال وموافقة مجلس السلم والأمن الأفريقى ، مشيرا إلى أن الرئيس السيسى اكد أننا لا نذهب للصومال للاحتكاك بأحد وانما من أجل دعم الدولة الصومالية ومواجهة الإرهاب ، ونحن لن نقبل بأى مساس بوحدة وسلامة الصومال.
ومن ناحية أخرى وفيما يخص المياه والأمن المائى قال عبد العاطى أن قضية المياه وجودية وشديدة الأهمية ولا تفريط فيها ونؤكد دائما على حق كل دول حوض النيل فى التنمية وحق مصر والسودان فى الحياة، ونحن ندعم الأشقاء فى الحق فى التنمية لافتا إلى أن مصر أطلقت آليتين ، الأولى لتنفيذ مشروعات تنموية، والآلية الثانية تتمثل فى الوكالة المصرية لضمان الصادرات والاستثمار وهى مدعومة من وزارة المالية.
وحرص وزير الخارجية خلال الندوة على توجيه رسائل مفعومة بالأمل فى المستقبل لشباب مصر الذين شاركوا بكثافة فى الندوة ، بضرورة التفاؤل والثقة بالله والنفس والنظر للمستقبل بعين كلها تفاؤل فهم من سوف يتسلمون الراية لذلك لابد من البعد عن أى طاقة سلبية ، فمصر بلد عظيم ، موضحا ان الرئيس السيسى يقول دائما أن مصر غنية بمواردها البشرية.
وأكد أن رأس مال الدولة هو الشباب وبالتالى عليهم تطوير الذات وصقل مهاراتهم والا يتخلوا عن طموحهم وأحلامهم حتى تتحول هذه الأحلام إلى حقيقة تستفيد منها الدولة المصرية.
وأضاف أن معرض الكتاب وندواته الثقافية والفكرية كان دوما مصدر إلهام له شخصيا ولجيله ولاجيال أخرى ، وظل المعرض رافدا مهما لاثراء عقول شباب مصر وفكرهم.
وردا على سؤال حول العقلية المطلوبة لمن يمثل مصر فى الخارج قال وزير الخارجية أنه لا مجال للواسطة فى امتحانات وزارة الخارجية، مناشدا الشباب بعدم الاستماع لاى شائعات تستهدف احباطهم، مشيرا إلى أنه جاء شخصيا من أسرة بسيطة فى صعيد مصر وصقل مهاراته وخاض اختبار وزارة الخارجية ونجح فيه وكان الأول على دفعته.
وأضاف أنه من المهم على المتقدمين للاختبارات أن يجمعوا فى مهاراتهم بين المضمون وتعلم اللغات.
ومن ناحية أخرى وفيما يخص تمثيل المرأة فى العمل الدبلوماسى قال إن الخارجية المصرية لديها واحدة من أعلى نسب تمثيل المرأة فى العمل الدبلوماسى على مستوى العالم وتفوق فى ذلك حتى بعض الدول الاسكندنافية.
وتطرق إلى الدور الاقتصادى الذى تلعبه وزارة الخارجية عبر دبلوماسييها وقطاعها الاقتصادى ، مؤكدا أن مستقبل مصر فى القارة الأفريقية ولدينا سمعة كبيرة للشركات فى القارة ، حيث تساهم بمشروعات ضخمة فى العديد من دول القارة ، منوها فى ذلك بمشروعات شركة المقاولين العرب ومساهمة شركات مصرية فى مشروعات تنموية ضخمة.
وفيما يخص سوريا أكد وزير الخارجية اننا نقف تماما إلى جانب الشعب السورى الشقيق، هذا الشعب العظيم الذى عانى الكثير على مدى السنوات الماضية وبالتالى من حقه ان يتمتع بحقوقه وحريته وان يعيش فى وطن آمن وحياة كريمة.
وأضاف انه من هذا المنطلق، لايمكن أن نكون بعيدين عن الشأن السورى وبالتالى هناك إنخراط مصرى واتصالاته مصرية مستمرة مع الإدارة الإنتقالية وايضا مع كل المعارضة السياسية السورية التى ناضلت وناهضت النظام السابق منذ ٢٠١١ لافتا الى ان مصر تنخرط وتتفاعل مع جميع الأطراف سواء كان المجتمع المدني او المعارضة السياسية أو السلطة الانتقالية.
وأكد اننا لا نملك التدخل فى شأن الشعب السورى الذى له الحق فى ان يقرر مستقبله وما يريده، ونحن فقط من واقع المسئولية والعروبة ومن واقع كون البلدين كانا ” الجمهورية العربية المتحدة “، فنقدم النصح والرأي والرأى الذى نقوله والنصح الذى نقدمه من التجارب التى مرت بها المنطقة، والتجربة الوحيدة التى نجحت فى عمليات التحول فى المنطقة هى التجربة المصرية فى عام ٢٠١٣ بعد الثورة المجيدة فى ٣٠ يونيو، وايضا التجربة التونسية وبالتالى التجارب التى تتلحف بالدين كلها فشلت ولم تنجح، ونحن نقدم النصح ونقول ان سوريا مثل لبنان دولة متنوعة طائفيا وأثنيا وعرقيا ودينيا، وبالتالى اى عملية انتقال حتى يكتب لها النجاح لابد ان تعكس هذا التنوع.
وفيما يخص تركيا قال أن تركيا دولة مهمة وصديقة، وتعلم تماما اولوياتنا وشواغلنا وخطوطنا الحمراء واللقاءات مستمرة مشيرا الى لقاء الرئيس السيسى مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على هامش قمة الثمانية النامية بالقاهرة كاشفاً عن زيارات قريبة جداً على المستوى الوزارى.
وسلط الضوء على العلاقات الاقتصادية المتميزة بين البلدين والتشاور السياسي والتنسيق، وهناك الوضع فى ليبيا وغزة والقرن الإفريقى.