نقترب من مرور عام كامل على بدء أكبر مذبحة فى تاريخ البشرية راح ضحيتها ما يقرب من 50 ألف شهيد و100 ألف جريح واكثر من مليونى نازح تركوا منازلهم وأموالهم وأمتعتهم وخرجوا من ديارهم بحثاً عن ملجأ آمن يقيهم من صواريخ وقنابل ومدافع العدو الصهيوني.. هذا هو ملخص الحالة اللاإنسانية التى تمر بها غزة المنكوبة منذ ما يقرب من العام حرب إبادة شاملة تجرى وقائعها البشعة كل يوم وكل ساعة على مرأى ومسمع من العالم كله ولا احد يستطيع وقف «نيرون العصر» عن محرقته المدمرة التى يمكن ان تشعل النار فى العالم كله وليس الشرق الأوسط فحسب.. عام كامل يمر على مذبحة نتنياهو فى غزة ومازال العالم صامتاً ساكناً بل ومتواطئاً مع القاتل لا يملك حتى إدانته بشكل صريح.. امريكا وأوروبا مازالا يدعمان إسرائيل بالسلاح الفتاك وبالأموال السخية وهم يبكون على الاطفال الذين يموتون كل يوم فى غزة.. قمة التناقض ومواقف شاذة لرموز وقادة الحضارة الغربية المدافعين دائما عن حقوق الإنسان لكنهم لا يعترفون إلا بحقوق الإنسان الإسرائيلى فى الامن والامان حتى وان كان الثمن هو تدمير مناطق كاملة وقتل الآلاف واجبار الملايين على ترك منازلهم وأموالهم وأراضيهم والفرار إلى دول اخرى بحثا عن الأمان!!
وبينما يستعد العالم لوداع عام من الحرب والدماء وقتل الأطفال والنساء.. فوجيء الجميع بحرب جديدة يشنها زعيم اليمين المتطرف فى ا سرائيل فى لبنان الأخضر.. لبنان السلام والأمان.. لبنان الجمال والحضارة.. اليوم يمر أسبوع على حرب نتنياهو فى لبنان بينما تتوالى الانباء عن اجتياح برى وشيك للبنان.. يحدث ذلك بينما تواصل الجمعية العامة للأمم المتحدة أعمالها فى نيويورك بحضور قادة وزعماء العالم.. والذين اكتفى بعضهم بإصدار بيانات صماء جوفاء لا تغنى ولا تسمن من جوع يحاولون خلالها مسك العصا من المنتصف.. فلا يدينون نتنياهو بصراحة ووضوح..ولا يعترفون بحق لبنان فى الدفاع عن نفسه إذ يهاجمون حزب الله عندما يرد على العدوان الإسرائيلى بصواريخ موجهة إلى العمق الإسرائيلي.. نعم صواريخ حزب الله أزعجت الصهاينة فى تل أبيب وغيرها من مدن الكيان المحتل.. الاسرائيليون لا ينامون منذ أيام.. يهرعون إلى الملاجيء كل ساعة مع دوى صفارات الانذار.. والاعلام الاسرائيلى يتحدث عن عشرات الاصابات فى صفوف الإسرائيليين اثناء هروبهم إلى الملاجيء.. أما الصاروخ اللبنانى الذى أصاب مقر الموساد فى العمق الصهيونى فكان بمثابة لطمة قوية على وجه عصابة نتنياهو ودليلا جديداً على فشل المنظومة الدفاعية الحديدية التى يتفاخرون بها.. وهناك صواريخ قادمة من اليمن والعراق وسوريا.. نتنياهو فتح على نفسه وشعبه أبواب جهنم.. والنار التى فجرها فى غزة ثم الضفة وأخيراً لبنان سوف تحرقه وتحرق شعبه أيضاً وهو الأمر الذى قد يفرض عليه وقف اطلاق النار فى غزة ولبنان والعودة من جديد للتفاوض وصولاً إلى هدنة تتوقف خلالها اعمال القتل والتدمير وسفك الدماء البريئة.. وحتى يحدث ذلك.. أين العالم الحر.. اين دعاة حقوق الإنسان؟ بل أين الأمم المتحدة ومنظماتها؟ أين محكمة العدل الدولية.. بل أين المحكمة الجنائية الدولية.. ماذا تنتظر المحكمة حتى تصدر قرارات بتوقيف واعتقال نتن ياهو وجالانت وباقى افراد العصابة فى تل أبيب.. ألا يكفيهم 50 ألف شهيد ومائة الف جريح واكثر من مليونى لاجيء فى غزة؟ ألا يكفيهم مئات الشهداء وآلاف الجرحى فى لبنان من خلال الايام الاخيرة.
هل يراهن نتنياهو على حالة الفراغ السياسى فى امريكا انتظاراً للانتخابات القادمة وانشغال الامريكيين والعالم بالصراع الانتخابى بين ترامب وهاريس.. وهل ننتظر حتى يفوز ترامب أو هاريس ويمتليء الفراغ فى البيت الأبيض؟ أى ننتظر حتى بداية العام الجديد.. ثلاثة أشهر وأكثر باقية على تنصيب الرئيس الأمريكى الجديد وهى كفيلة باحتلال إسرائيل للبنان وربما يذهب بعيداً إلى سوريا أو العراق أو الأردن؟ وهل يظل العالم صامتاً ساكناً متواطئاً إلى أن ينتهى نتنياهو ورفاقه من مهامهم الدموية فى المنطقة وتكرار كوارث إنسانية أخرى مثل الواقعة فى غزة منذ ما يقرب من عام؟!
وهل يتحمل الإسرائيليون فواتير غزوات ونزوات نتنياهو التوسعية.. هل يقضون الأشهر القادمة تحت الأرض يموتون خوفاً ورعباً وفزعاً كل يوم.. بل كل ساعة ودقيقة.. ما رأيناه من مشاهد فى شوارع تل أبيب خلال الساعات الماضية حيث تدق صفارات الانذار فى كل مكان ويهرب الملايين إلى الملاجيء.. ونرى سيدات يختبئن فى الشوارع خلف المبانى ويفترشن الأرصفة خوفاً من الموت القادم على رؤوس الصواريخ المقبلة عليهم من لبنان أو اليمن أو سوريا أو العراق!
أسئلة كثيرة تفرض نفسها ولا أحد يجيب عليها.. البيانات والخطابات السياسية تتوالى فى اجتماعات الأمم المتحدة.. وأحاديث عن دولة فلسطينية مستقلة بينما يدك جيش الاحتلال الأراضى الفلسطينية واللبنانية بالصواريخ والقنابل.. ورئيس فلسطين يطالب بطرد إسرائيل من الأمم المتحدة بعدرفضها قراراتها وتمزيق مندوبها ميثاق المنظمة الدولية أمام العالم أجمع.. وجهود مصرية قطرية وعربية مستمرة لوقف اطلاق النار والعودة إلى مفاوضات السلام.. وتحذيرات من موسكو وبكين من مخاطر التصعيد واشعال الحرب الواسعة فى المنطقة.. ولا أحد يعلم ماذا سيحدث اليوم.. وماذا تخبيء لنا الأقدار غداً.. كل ما نرجوه هو رحمة السماء بأهل الأرض.