احتفلت أوروبا أمس «بيوم أوروبا» الذى يرمز إلى السلام والوحدة فى القارة العجوز وتخليدا لذكرى اعلان شومان أو اعلان ٩ مايو 1950 والذى أعلن فيه وزير خارجية فرنسا آنذاك روبرت شومان فكرة تأسيس اتحاد لدول أوروبا يسهل التعاون السياسى بينهم ويمنع الحروب المستقبلية وفى هذا الاطار احتفلت سفارة الاتحاد الأوروبى بالقاهرة بهذا اليوم.
أكد السفير كريستيان برجر رئيس وفد الاتحاد الأوروبى بالقاهرة أن العام الجارى 2024 يعد عاماًً استثنائياً على صعيد العلاقات التى تربط بين الاتحاد ومصر.
قال برجر – فى مقطع مصور بمناسبة يوم أوروبا – إن هذا العام شهد عقد الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر والاتحاد الأوروبى والتى ترتكز على ستة محاور رئيسية وتتضمن حزمة من المساعدات المالية والاستثمارية يقترح الاتحاد الأوروبى تقديمها لمصر بقيمة 7.4 مليار يورو.
المؤكد ان الاقتصاد هو المحرك الرئيسى للعلاقات على كافة النواحى الاجتماعية والسياسية، فتكون الاتحاد الاوروبى بدأ بالأساس بإزالة الحواجز الجمركية بين ثلاث دول هى بلجيكا وهولندا ولوكسمبورج، وتوالى بعد ذلك انضمام باقى دول الاتحاد الاوروبى ، ثم بدأ تطبيق التعريفة النقدية الموحدة ثم السياسات الموحدة.
خلال الفترة الماضية أعلنت أوروبا ترفيع مستوى الشراكة الاستراتيجية مع مصر التى تعد الدولة الوحيدة التى تم ترفيع العلاقات الاوروبية معها ايمانا بدورها المهم فى استقرار منطقة الشرق الاوسط ولديها القدرة على الحد من الهجرة غير الشرعية وتتدفق إلى أوروبا من خلال البحر المتوسط، من خلال الالتزام بالتشريعات والقوانين بين الجانبين والتى استطاعت مصربتطبيقها وقف الهجرة غير الشرعية لأوروبا.
وربما أيضا يكون الخوف الاوروبى من تداعيات الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة ومصير 2 مليون فلسطينى يسكنون القطاع إذا حدث اجتياح لرفح الفلسطينية والقلق من تصديرهم لأوروبا من خلال الهجرة غير المشروعة مما يلقى بأعباء متزايدة على كاهل الاقتصاد الأوروبى فكل ذلك كان من بين أسباب ترفيع مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين مصر وأوروبا، كما أن أهمية مصر ومكانتها تتبلور أيضا فى أنها المنفذ الوحيد لقطاع غزة ولذلك فهى تلعب دورا كبيرا حيث تنسق اوروبا مع مصر فى ادخال المساعدات الانسانية إلى القطاع.
فى 17 مارس الماضى زار وفد رفيع المستوى من الاتحاد الاوروبى مصر برئاسة اورسولا فون دير رئيسة المفوضية الاوروبية ومعها رؤساء وزراء 5 دول أوروبية هى بلجيكا واليونان وايطاليا وقبرص والنمسا وشهدت الزيارة وقتها اعلان ترفيع العلاقات مع الاتحاد الاوروبى لمستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة وكانت الزيارة رسالة دعم قوية وتأكيد على المكانة المحورية المهمة لمصر باعتبارها ركيزة الامن والاستقرار فى منطقة الشرق الاوسط. وأعلنت رئيسة المفوضية الاوروبية وقتها عن تقديم حزمة دعم مالى لمصر تقدر بـ 7.4 مليار يورو فى مجالات التجارة والاستثمار وتتوزع على الأربع سنوات المقبلة. كذلك منح مصر قروضا ميسرة بفائدة منخفضة للغاية وفترة سماح طويلة لا تقل عن 20 عاما وتشجيع الشركات الاوروبية الكبرى على الاستثمار فى مصر فى مجالات الطاقة وانتاج الغاز الطبيعى والطاقة النظيفة والمتجددة والهيدروجين الأخضر والزراعة وتوطين صناعة الأدوية والسيارات والرقمنة والذكاء الاصطناعي واعطاء مصر منح لا ترد تشمل الدعم الفنى فى مجال التدريب والتعاون المصرى القبرصى فى هذا المجال، فضلاً عن الاستفادة من الفرص الواعدة التى تقدمها مصر فى مجالات الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، والعديد من مشروعات التعاون القائمة والجارى دراستها مع اليونان وبلجيكا والنمسا تم ايضا مناقشة التعاون المشترك بين مصر وإيطاليا فى قطاعات الأمن الغذائى والانتاج الزراعى واستصلاح الأراضي، والتوافق على إقامة شراكة بين مصر وإيطاليا فى إطار المشروعات القومية الكبري، وبحيث يتم نقل التكنولوجيا الإيطالية المتطورة لمصر بما يعظم العائد ويزيد الصادرات الزراعية والغذائية المصرية لأوروبا. وتلاها بأسبوعين قدوم وفد ايطالى إلى مصر لمناقشة مقترحات التعاون بين الجانبية و العمل على تطبيقها.
ويرى خبراء السياسة أن ترفيع مستوى الشراكة يكتسب ايضا أهمية لمصر خاصة فى ظل الظروف الاقتصادية التى تمر بها المنطقة بالفعل خلال الفترة الماضية حيث تأثرت ايضا بالأزمة الروسية الأوكرانية، والتى أثرت بدورها في سلاسل إمداد الغذاء العالمي كذلك اجراءات اصلاح السياسة النقدية والتى اتخذتها الحكومة المصرية وأدت إلى خفض قيمة الجنيه المصرى وبالتالى زيادة التضخم مما أثر سلبا على المواطن المصرى ، كذلك على المستوى السياسى اشتعال الصراعات فى المنطقة سواء فى السودان أو غزة أو ليبيا، خاصة أن مصر تستضيف على أرضها أكثر من 9 ملايين لاجئ تكلفتهم السنوية تتجاوز الـ 15 مليارات دولار وتخشى أوروبا أيضا من تدفقات الهجرة غير الشرعية إلى أراضيها مما يتطلب دعم كل ما يساند استقرار مصر الاقتصادي.
على المستوى الثنائي، تهدف أولويات الشراكة التى اتفق عليها الطرفان إلى التصدى للتحديات المشتركة التى تواجه كلا من الاتحاد الأوروبى ومصر، بغية دعم المصالح المشتركة وضمان الاستقرار على جانبى البحر الأبيض المتوسط على المدى الطويل.
وطبقا لتقارير مكتب الاتحاد الأوروبى فى مصر فإن أوروبا تعد أهم شريك تجارى لمصر؛ حيث يمثل حوالي 25٪ من إجمالى حجم التبادل التجارى مع مصر وتضاعفت التجارة الثنائية فى السلع ثلاث مرات تقريبا منذ دخول اتفاقية التجارة الحرة حيز النفاذ؛ حيث نمت من 8.6 مليار يورو فى عام 2003 «السنة التى سبقت دخول اتفاقية الشراكة حيز التنفيذ» إلى 24.5 مليار يورو فى عام 2020. وتصدر مصر فى الغالب إلى الاتحاد الأوروبى الوقود والمنتجات التعدينية والكيماويات والمنتجات الزراعية. كما يعتبر الاتحاد الأوروبى أيضا المستثمر الرائد فى مصر؛ حيث يبلغ رصيد الاستثمار المتراكم حوالي 38.8 مليار يورو تمثل حوالى 39٪ من إجمالى الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر. وتظل مصر ثانى أكبر متلقٍ للاستثمار الأجنبى المباشر من الاتحاد الأوروبى فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وترتبط مصر مع الاتحاد الأوروبى بمجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية المهمة التى تشمل العديد من المجالات التنموية والاقتصادية، ولذلك يرى الاتحاد الأوروبى مصر شريكاً استراتيجياً رئيسياً فى مجال الطاقة، خاصة فى ضوء الدور الرئيسى لمصر والمحورى فى منتدى غاز شرق المتوسط والجهود الحالية لتعظيم الدور المصرى كمركز إقليمى ومحورى لتجارة وتداول الغاز الطبيعى فى المنطقة.
وجـاءت إيطاليا على رأس قائمة دول الاتحاد الأوروبى من حيث الصادرات المصرية خلال عام 2023، حيث بلغت قيمة صادرات مصر لها 3.1 مليار دولار، يليها اسبانيا بقيمة 1.8مليار دولار، ثم اليونان بقيمة 1.6 مليار دولار.
وجـاءت ألمانيا فـى مقـدمة دول الاتحاد الأوروبى مــن حيث الـواردات المصـرية خـلال عام 2023، حيث بلغت قيمة واردات مصر منها 4.1 مليار دولار، يليها إيطاليا بقيمة 3.2 مليار دولار، ثم فرنسا بقيمة 1.6 مليار دولار.
ومن أهم مشروعات التعاون بين مصر وأوروبا مشروع الربط الكهربائى المُسمى «جريجي» للربط بين مصر واليونان والذى يزيد من أمن الطاقة فى أوروبا. فمصر لديها من الموارد ما يجعلها مركزا للطاقات المتجددة وخاصة الهيدروجين الأخضر.
وتولى مصر أهمية كبرى للربط الكهربائى مع أوروبا، وفى هذا الإطار تعمل حاليًّا على عدد من المحاور مثل الربط مع اليونان لتصدير 3000 ميجاوات من الطاقة المتجددة، بالإضافة للربط مع إيطاليا نظرًا لما تتمتع به الشبكة الإيطالية من قدرة على استقبال قدرات وبذلك سوف تصبح مصر جسراً للطاقة بين افريقيا وأوروبا..
وفى قطاع المياه ومعالجة مياه الصرف قدم الاتحاد الاوروبى الدعم لمصر لمعالجة 100 محطة مياه ، كما قدم الاتحاد الاوروبى دعما لمصر خلال العشر سنوات الماضية فى قطاع المياه يقدر بـ 600 مليون يورو.