بالأمس القريب، أتم الحوار الوطنى عامين، على انعقاد أولى جلساته، بعد أن دعت القيادة السياسية، لحوار شامل يضم كافة تيارات وفئات المجتمع – عدا من تلوثت أيديهم بالدماء أو تورطوا فى العنف – حول أولويات العمل الوطني. مر عامان على انطلاق أولى اجتماعات مجلس أمناء الحوار، بمقر الأكاديمية الوطنية للتدريب، وقد شهدت محطات كثيرة لخطوات جادة لبناء الثقة، والإصغاء بعناية لجميع الأطراف، وكانت الجلسة الافتتاحية دالة على حقيقة أن الحوار جامع لكل المصريين، فقد حضرها قرابة 2000 من المهتمين بالعمل العام. أعقبتها جلسات متعددة، ضمت المختلفين فى الانتماءات الحزبية والأيدلوجية مع ممثلى جهات الدولة، تحاوروا لتحديد أولويات العمل، وكيفية العمل من أجل تحقيقها، مؤمنين جميعا بأن الاختلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية. كشفت تجربة الحوار أن ما يجمع أطرافه أكثر وأكبر بكثير مما يختلفون فيه، فقد توافق الجميع على اختيار 20 عضوا بمجلس أمناء الحوار، و44 مقرراً ومقرراً مساعداً، وتم تقسيم العمل على أساس ثلاثة محاور رئيسية «الاقتصادي- السياسي- الاجتماعي»، من خلال 19 لجنة، واستمرت الجلسات لمناقشة قرابة 113 قضية بمختلف الملفات تمثل الشواغل والتحديات الرئيسية للوطن، وعمل الجميع من أجل خلق مساحات مشتركة، فتم عقد أكثر من 131 جلسة بإجمالى مناقشة 50 موضوعا حضرها 2600 مشارك، ممثلين 65 حزبا سياسيا وقرابة 16 سفيرا وممثلاً لمنظمة أجنبية، و266 وسيلة إعلامية، وضم الحوار جميع الفئات العمرية بين الرجال والنساء فى دلالة على عظمة الحدث وشموله 40 ٪ من المشاركين من النساء، من كل محافظات الجمهورية، واتضح أن أعلى اللجان مشاركة كانت التعليم ثم حقوق الإنسان ثم الأحزاب السياسية والتمثيل النيابي. وتوافق الحضور على العديد من القضايا، فكان توجيه القيادة السياسية منحازا للتوافق، وموجها بسرعة تنفيذ كل ما اتفق عليه من قضايا، بكافة السبل التى يكفلها الدستور والقانون. واختلف المشاركون حول عدد من القضايا- ولازال الانعقاد مستمرا للوصول لتوافقات قابلة للتنفيذ حولها، وانتهت المرحلة الأولى للحوار بالعديد من التوصيات المهمة، واتضح أن ثمة مطالبات بتغيير حكومى ينحاز للمواطن، ويتصدى للمشكلات ويعمل على حلها، ويهتم بالجانب الاقتصادى لتخرج البلاد من الأزمات. وبالفعل تم إعلان تشكيل حكومى جديد، ضم نائبين لرئيس الوزراء أحدهما للملف الاقتصادى والآخر للملف الخدمي، وتم تكليف رئيس الأمانة الفنية للحوار بمنصب وزير المجالس النيابية والتواصل السياسي، وليواصل المشاركون فى الحوار مسيرة النهوض بالوطن، فيجتمع مجلس الأمناء لبحث تنفيذ كافة توصيات المرحلة الأولي، علاوة على عدد من الملفات التى لم يتم مناقشتها مثل تعديل قانون الإجراءات الجنائية، وتحويل الدعم العينى لنقدي، وملف الثانوية العامة، ليتواصل الحوار، ولعلها استمرارا لأمل يستحقه الوطن فى جمهورية جديدة تليق بكل المصريين وتتسع للجميع، فالاختلاف لن يفسد للوطن قضية … وللحديث بقية.