وكأن هذا العالم على موعد مع الكوارث والحرائق والخراب والدمار والقتل.. لا يكد يخرج من أزمة حتى يدخل فى أخري.. بل وصل الأمر إلى تزامن عشرات الكوارث والأزمات معاً.. فالبؤس والتشاؤم يخيم على العالم.. فبعد أن تجاوز جائحة كورونا بخسائر فادحة على الصعيد الاقتصادى والضحايا وأيضاً مكاسب بمئات المليارات لشركات إنتاج اللقاحات.. يدخل العالم مرحلة نذر خطر جديد وتهديد خطير.. هو انتشار محتمل لجدرى القرود الذى أصاب أكثر من 18 ألفاً و700 أفريقى واختطف أرواح 541 فى 12 دولة أفريقية وهناك تحسبات وإجراءات احترازية مشددة من كافة دول العالم لمنع دخوله دولهم.
الخطر أن ينتشر هذا المرض ويؤدى إلى حالة إغلاق جديدة فى العالم الذى لم يعد يحتمل كل هذا الانهاك الاقتصادى ومعاناة البشر من الأزمات الاقتصادية المتلاحقة بسبب الجوائح والصراعات والحروب والتغير المناخى الذى بات واحداً من أخطر أعداء البشرية بسبب إسراف الدول الكبرى والدول الصناعية فى تفاقم المعاناة وأصبحنا نشهد كوارث من نوع مختلف مثل البراكين والزلازل والحرائق والفيضانات والتسونامى الحديث أيضاً عن انتشار الكوليرا فى أجزاء من السودان الشقيق الذى يشهد أوضاعاً مأساوية وظروفاً استثنائية وفى ذات الوقت وفى ظل المعاناة والكارثة الإنسانية فى قطاع غزة بسبب العدوان البربرى والفاشى لجيش الاحتلال الإسرائيلى وارتفاع أعداد الشهداء إلى أكثر من 40 ألفاً وانهيار كافة منظومات الخدمات الإنسانية الصحية والوقائية والتعليمية وحرب التجويع والحصار.. بات الفلسطينيون مهددين بانتشار الأوبئة الخطيرة بل ان هناك أطفال على شفا الموت بسبب قرب نفاد المواد البترولية «الطاقة» وانقطاع الكهرباء.
هذا العالم البائس «هيلاقيها منين واللا منين» وإلى أى طريق وهلاك يتجه وما هو المصير الذى ينتظره ومن يمسك بـ»ريموت» اطلاق العنان للأزمات وإشعال الصراعات والحرائق والحروب والمؤامرات وتطوير الأوضاع فى الدول وما هى الأهداف وإلى أين ستصل بالعالم؟
الحقيقة ان مد البصر إلى كل بقاع العالم ومنطقتنا تجسد سحب الدخان لحرائق مشتعلة تنذر بمزيد من الانتشار إلى بقاع أخرى يراها البعض مقدمات لحرب عالمية ثالثة سوف تأكل الأخضر واليابس فما بين الجوائح والأمراض والفيروسات وضالتها وجنى المكاسب من ورائها وحصد الأرواح وتكبيد العالم خسائر اقتصادية فادحة ورفع وتيرة المعاناة للبشر وبين حروب مستعرة.. فهذا الذى يحدث فى «كورسك» الروسية لا يستهان به على الاطلاق فقد يكون شرارة اندلاع الحرب العالمية ويحقق أهداف شيطان العالم الخفى والذى يظهر فى واجهته الولايات المتحدة الأمريكية.. فأوكرانيا وداعموها فى أوروبا يخوضون حرباً بالوكالة ضد روسيا ونجح الشيطان فى ضرب العلاقة وتسميمها بين أوروبا وروسيا.. أوروبا التى كانت تتأهب لتكون على سدة الاقتصاد العالمى وتضرب الدولار الأمريكى باتت تتعرض لضربات مؤلمة على الصعيد الاقتصادى والمستفيد الأول هو واشنطن.
و»كورسك» فيها انتهاك صارخ ومساس بالهيبة بالروسية.. فهذا الاختراق الأوكرانى لم يحدث على مدار التاريخ.. وفشل قبل أكثر من سبعة عقود بقيادة هتلر ومازال اختراق كورسك يتوسع ويثير غضب ويمس هيبة الدب الروسى خاصة فى ظل حديث فلاديمير زيلينسكى عن إقامة منطقة عازلة وفى ظل اجماع الخبراء العسكريين عن نهاية مأساوية لهذا الاختراق ومصير مظلم للقوات الأوكرانية.. فى محاصرة القوات وقطع الامدادات بعد وقف التوغل.. لكن الخطر النووى مازال هو العنوان فى ظل الاندفاع الأوكرانى بلا وعى وكأننا فى مقايضة أو محاولات فرض معادلة جديدة وأمر واقع لابتزاز روسيا المتقدمة نحو كييف.. والسؤال المهم هل يفقد الرئيس فلاديمير بوتين ثباته وحكمته ويلجأ للخيار المهلك وهو السلاح النووى حتى لو كان تكتيكاً أم ينهى هذا الاختراق ويتجه إلى كييف ويسقط نظام زيلينسكي؟.. وهل نشهد تدخلاً مباشراً من الأمريكان والأوروبيين والناتو فى العمليات العسكرية بشكل مباشر.. وماذا عن موقف الصين التى سيكون الدورعليها فى حال النيل من روسيا وإسقاط بوتين؟.. وما هو موقف كوريا الشمالية.. لذلك الخطر داهم وينذر فى حالة التصعيد أو الإخفاق الروسى فى الاختراق كارثة على العالم واندلاع حرب عالمية بين معسكرين لا ثالث لهما والمستفيد هنا «واشنطن» بكل تأكيد فى إطار الحفاظ على مسيرة الهيمنة وضرب القوى البازغة على الصعيد الاقتصادى مثل أوروبا وروسيا والصين.. فالأيام القادمة أكثر إثارة وألماً والعالم ينتظر الاسوأ إن لم يعد لرشده.
وفى الشرق الأوسط مازال رئيس الوزراء لدولة الاحتلال يلعب بالنار ويسكب المزيد من الزيت على النار ويتلاعب ويراوغ ويعمل على اجهاض وافساد أى محاولات لوقف العدوان الصهيونى على قطاع غزة الذى دخل شهره الحادى عشر وأوقع أكثر من 40 ألف شهيد فلسطينى ومع كل محاولة أو مبادرة للاتفاق على وقف اطلاق النار والافراج عن الأسرى والرهائن يزوغ ويتحجج ويواصل المزيد من التمادى فى المطالب الجديدة والمفاجئة ويلحس كل الوعود والاتفاقات السابقة حتى بات شبح الحرب الشاملة يخيم على المنطقة فى ظل اصرار نتنياهو على التصعيد وتوسيع رقعة الصراع.. ورغم ما ارتكبه من حرب إبادة وجرائم حرب وتجويع وحصار ورغم ان العالم أجمع ضاق ذرعاً بنتنياهو كلما اقترب الاتفاق افشله وأحبطه وكلما تفاءلت التوقعات وأد نتنياهو الأمل.. لذلك المنطقة مع نتنياهو على شفا الخطر الداهم والمفاوضات التى ستجرى فى القاهرة قبل نهاية الأسبوع هى الفرصة الأخيرة لايقاف هذا العدوان والمجازر فى حق الفلسطينيين.. ثم إلى السودان الشقيق الذى تزداد الأمور تمزقاً وتعقيداً وتتفاقم الكارثة الإنسانية.. ثم إلى الصومال التى تواجه تحديات ومخاطر وتهديدات من جانب الجارة إثيوبيا التى تتعمد انتهاك سيادتها وتسعى إلى تأجيج الوضع فى القرن الأفريقى بعيداً عن كافة القوانين والأعراف والشرعية الدولية إلى حالة الترقب للرد الإيرانى على إسرائيل ثأراً لاغتيال إسماعيل هنية على أرضها.. وان كانت التوقعات تشير إلى عدم وجود رد مع اشتعال الموقف على الجبهة اللبنانية بين حزب الله وإسرائيل فى ظل أوضاع لبنانية حرجة على الصعيد الاقتصادى ومازال الخطر يخيم على البحر الأحمر وباب المندب وما يحدث فى بعض دول قارة أفريقيا من ارتفاع خطر تنامى الإرهاب والصراع بين القوى الكبرى على دول أفريقيا وإثارة الفوضى وتغذية الحروب بالوكالة.. لذلك فالعالم يعيش على حافة الهلاك.. فهل يعود إليه عقله ويعم السلام والاستقرار؟
تحيا مصر