خلال أحداث يناير كانت مواقع التواصل الاجتماعى هى المحرك الرئيسى للأحداث والناقل للكثير من الأخبار التى تتداولها القنوات فى ذلك الحين ورغم الانطباع السائد وقتها عن مصداقيتها إلا أنه مع مرور السنوات تبين وجود أبعاد أخرى كشفت بعض الحقائق الغائبة والتى تم دفنها حينها بفعل فاعل بفضل تأثير مثل هذه المواقع لتسير الأمور فى اتجاه معين كما كان مخططاً .
ومنذ ذلك الحين باتت «السوشيال ميديا» هى محور الأحداث بل قل محور الحياة تصنع النجوم وتسلط عليهم الأضواء وتقلها عن آخرين بدون أى معايير أو قيود بسبب لقطة أو موقف تصنع من هذا بطلاً وتجعل من آخر مجرماً رغم أن ما يعرض عليها قد يكون مبتوراً من الحقيقة ولكن من يستطيع الصمود فى مواجهة الترند .
منذ أيام بسبب لقطة مصورة تحول واحد من مشاهير الطب إلى ماجن وتناسى الجميع قيمته العلمية وما قدمه للبشرية على مدار سنوات كل هذا بفعل لقطة ربما لم تستغرق فى الواقع عدة ثوان لكنها كانت كفيلة بأن تمحو تاريخاً من السنوات كان هذا الرجل خلالها يتربع قلوب الملايين بعلمه الوفير ولكن هيهات أن يصمد ذلك أمام تأثير السوشيال ميديا التى لم يترك له جمهورها الفرصة ليبرر مناسبتها رغم أن الأمر قد يبدو عادياً لو فعلها هؤلاء المنتقدون لكن قد يحل هذا لهم ويحرم على الرجل مهما كانت أسبابه ومبرراته .
أزعم أن ما ناله الدكتور حسام موافى كان كفيلاً بأن يصيبه بالمرض الذى قضى عمره فى علاجه لم يشفع له هذا وانبرى الجميع فى عقد المحاكمات له وهكذا هى «السوشيال ميديا» قادرة على إعدام الأبرياء دون ترك أى فرصة أمامهم للدفاع عن أنفسهم .
وعلى النقيض ورغم شهرته فى عالم التعليق والتحليل الرياضى على مدار سنوات لم يتحول الدكتور طارق الأدور وهو أحد الرموز الذين نفخر بهم فى جريدة الجمهورية إلى بؤرة الاهتمام إلا بعد تعليقه على هدف الإنقاذ الذى أحرزه الأهلى فى مباراته مع بلدية المحلة بعبارات مكنته من الترند ليبدأ الجميع فى الحديث عن تاريخ الطبيب الذى درس الطب لكنه وقع فى عشق صاحبة الجلالة وتخصص فى الصحافة الرياضية وهكذا لقطة واحدة كفيلة أن تصعد بك لسابع سماء .
هذا الواقع الذى فرضته مواقع السوشيال ميديا بات المحرك لاتجاهات الكثيرين حتى أنك تجد بعض نجوم الفن قد تركوا خشبات المسارح ولوكيشنات التصوير من أجل البقاء عليها بعيداً عن المواهب التى صنعت منهم نجوماً من أجل جمع الدولارات التى تأتى من المشاهدات والبث المباشر فى حالة تقودنا جميعاً للانحدار والتسطيح بعيداً عن المواهب الذين كانت تزخر بهم مصر على مر العصور وهذا هو الحال لأصحاب المهن المختلفة .
لا أعرف حلاً لهذه الحالة العبثية التى تفرضها «السوشيال ميديا» على المجتمع ما أعرفه أننا إذا لم نجد حلاً سنكون أمام كم رهيب من الجرائم الجانى فيها هو تلك المنصات لذا فنحن فى حاجة ماسة لقوانين أخلاقية قبل التشريعات القانونية لحماية المجتمع.