لم يكن تخطيط الدولة لبناء المجتمعات العمرانية البديلة لسكان المناطق الخطرة أمراً عشوائياً بل جاء وليد دراسات من واقع تلك المجتمعات لقياس مدى احتياجاتهم حتى لا يكون الأمر إنتاجاً لعشوائية جديدة فى صورة مقننة ومن هنا كانت بعض الأنشطة والخدمات التى تلبى احتياجاتهم بشكل يوفر لهم سبل الحياة الكريمة.
وجاء إنشاء دور العبادة من مساجد وكنائس فى إطار تعزيز فلسفة الدولة لبناء الإنسان فى تلك المجتمعات فلا ينكر أحد دور العقيدة فى التأثير على الإنسان وإصلاح النفس وتهذيبها فكثيراً ما يكون الوعظ طريقاً نلتمس به صلاحاً ويكون الدين مرجعية لمراجعة الذات قبل الإقدام على أى تصرف.
أقول هذا بمناسبة ما شهدته إحدى مدارس منطقة الحلمية بالقاهرة بعد وفاة أحد المدرسين عقب إصابته بأزمة قلبية أثر مشاجرة نشبت بينه وبين أحد أولياء الأمور والذى يعمل مدرساً هو الآخر لكن فى مدرسة أخرى حال معاتبة الأخير للأول على صفعه ابنته وتطور الأمر إلى مشاجرة اعتدى فيها عليه بالضرب ليسقط مغشياً عليه ويتم نقله للمستشفى فى محاولة لإسعافه إلا أنه فارق الحياة.
ما حدث لا نستطيع معه توجيه اللوم لطرف على حساب الطرف الآخر فلا مبرر لقيام المجنى عليه بصفع الطالبة رغم عدم معرفتنا للموقف الذى استدعى هذا الفعل ولا منطق يعطى الأب المتهم الحق فى أخذ حقها بهذه الطريقة رغم أن هذا التصرف ربما يكون تصرف الكثيرين –وأنا منهم– لو تعرضوا لذات الموقف فما أقسى على المرء فينا أن يهان صغيره أو يضرب من الآخرين.
هذه الواقعة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة حتى وإن اختلفت الأحداث وتفاصيل الشخصيات من واقعة لأخرى لكن فى النهاية نحن أمام عنف مجتمعى بدأ يتفشى بصورة تشبه أفلام الزمبى أكلى لحوم البشر وكيف أن عقر أحدهم لك كفيل لتحويلك مثله وهو ما يحدث حيث تتكرر الحوادث وتتشابه بل تتطابق فى بعض الأحيان.
ومثلما فعلت الدولة فى مجتمعات السكن البديل من تعظيم لدور دور العبادة فإن الأمر يحتاج إلى تعميم لنستطيع التصدى لظاهرة الزمبى التى باتت خطراً يهدد المجتمع وأفراده ويروع الآمنين لذا فإن خطب الجمعة ودروس الأحد يجب أن تكون سلاحاً للتصدى لمثل هذه الظواهر قبل أن نتحول إلى مجتمع عنيف بفعل جرائم القتل التى تتعدد أسبابها لكن تتطابق فى بشاعتها وهو ما ينذر بخطر يجب أن تتضافر جميع الجهود للتصدى له للحفاظ على السلم المجتمعي.