أزمات اقتصادية متوقعة.. تأثر صادرات النفط.. تعطل التجارة.. ارتفاع معدلات التضخم
شنت إيران هجوما ضد إسرائيل بالصواريخ والطائرات المسيرة، فى خطوة انتقامية رداً على غارة جوية إسرائيلية استهدفت القنصلية الإيرانية فى دمشق وأسفرت عن مقتل قادة عسكريين، ثم ردت إسرائيل بتوجيه ضربات جوية على مدينة أصفهان الإيرانية.
وبين الرد والرد الانتقامى، واستمرار لغة التهديد والوعيد بين تل أبيب وطهران، تقف الأسواق العالمية وحالة الاقتصاد بشكل عام فى مشهد مرتبك تتأرجح فيه الأسعار والبورصات صعودًا ونزولاً.
كان تأثير الهجمات من الجانبين على الأسواق وإمدادات النفط أكثر هدوءًا مما قد توحى به عناوين المقالات والصحف، يرى الخبراء أنه إذا قامت إسرائيل بأى رد أو حدث تصعيد بين البلدين سيكون هناك تبعات على الاقتصاد العالمى، وبشكل أكبر على النفط والغاز الذى قد ترتفع أسعاره، وهو ما سيدفع بدوره إلى ارتفاع معدل التضخم، مثلما تسببت الحرب بين روسيا وأوكرانيا التى بدأت منذ أكثر من عامين.
قبل أن تنفذ إيران تهديدها بشن هجوم هادئ على إسرائيل، كانت هناك عواقب محدودة على سوق الطاقة نتيجة للعدوان الإسرائيلى على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى وحملة القصف الانتقامية التى شنتها إسرائيل على غزة، وذلك يعود بشكل كبير إلى أن إسرائيل وفلسطين ليستا منتجتين رئيسيتين للطاقة، أما إيران فالوضع مختلف تماما حيث أنها عضو مؤسس فى منظمة أوبك وتنتج نحو 3.2 مليون برميل من النفط يوميا، وفقا لوكالة الطاقة الدولية.
وبحسب الوكالة، من المتوقع أن تنتج إيران 280 ألف برميل إضافية يوميا هذا العام مقارنة بالعام الماضى وأى ضربة تؤثر على الإنتاج من شأنها أن ترفع الأسعار بالتأكيد.
ويتفق مراقبو السوق مع هذه الملاحظة، قائلين إن أسعار النفط قد ترتفع إلى 100 دولار للبرميل وأكثر إذا استمر التصعيد وتزايد، مشيرين إلى أن إيران هى ثالث أكبر منتج للنفط فى أوبك وأى تعطيل لها سيؤثر على الأسواق العالمية ولهذا تتزايد دعوات التهدئة.
يقول آندى ليبو، رئيس شركة ليبو أويل أسوشيتس: لشبكة سى إن بى سى: «إن أى هجوم على منشآت إنتاج أو تصدير النفط فى إيران من شأنه أن يدفع سعر خام برنت إلى 100 دولار، كما أن إغلاق مضيق هرمز سيؤدى إلى أسعار تتراوح بين 120 إلى 130 دولارًا».
ويرى المحللون أن القضية الرئيسية بالنسبة لأسعار النفط فى المستقبل هى ما إذا كان الشحن عبر مضيق هرمز سيتأثر أم لا. ولمن لا يعلم، يعد مضيق هرمز طريقًا ملاحيًا بالغ الأهمية، حيث يمر عبره حوالى 20٪ من إجمالى إمدادات النفط العالمية.
يقول مايكل والدن، الأستاذ والخبير الاقتصادى بجامعة ولاية كارولينا الشمالية، لصحيفة «يو إس إيه توداى»، إن أى تأثيرات مضاعفة على أسعار النفط والغاز تتوقف على التحركات التالية للدول وما إذا كانت تسعى إلى مزيد من الانتقام على خلفية الحرب المستمرة بالفعل. مضيفًا: «لسنا متأكدين مما سيحدث».
وفقا لبنك «جولدمان ساكس» إنه فى حال حدوث تصعيد وارتفعت أسعار النفط، فإن أعضاء منظمة أوبك، واتحاد منتجى النفط والغاز، لديهم القدرة لإنتاج ستة ملايين برميل إضافى يوميا، لذلك يمكنهم استخدام طاقتهم الفائضة لدفع الأسعار إلى مزيد من الانخفاض.
وكتب نيل شيرينج، كبير الاقتصاديين فى شركة كابيتال إيكونوميكس الاستشارية، أن الضغوط الأمريكية لزيادة حصص الإنتاج فى أوبك سوف تشتد إذا استمرت التوترات فى المنطقة فى دفع أسعار النفط إلى الارتفاع.
وفى سياق متصل، إذا استمر استهداف السفن أو احتجازها تماماً كما حدث خلال الأسبوع الماضى عندما استولت إيران على سفينة يمتلكها رجل أعمال إسرائيلى، وربما أيضا إغلاق مضيق باب المندب أمام حركة السفن، فإن ذلك سيؤدى إلى ارتفاع تكاليف النقل البحرى والتأمين على السفن ونقل البضائع بشكل غير مسبوق وما سينجم عنه من أثر مباشر سلبى على الاقتصاد العالمى.
وإلى جانب ذلك فقد تتأثر التجارة والسفر أيضًا ومن الممكن أن تتعطل قطاعات الطيران والشحن إذا تصاعدت الأمور. وهذا ما حدث مع الضربة الإيرانية لتل أبيب فرغم انها كانت بلا تأثير ومتفق عليها غالبا إلا أن عدة دول فى المنطقة، بما فى ذلك إيران والأردن والعراق ولبنان قامت بإغلاق مجالاتها الجوية مؤقتا، ثم فتحها لاحقا، ولكن مع وجود قيود.
وتفكر العديد من شركات الطيران فى طرق بديلة لتجنب المخاطر المحتملة المرتبطة بالطيران فوق مناطق النزاع. وأفادت مواقع تتبع الرحلات الجوية عن تحويلات للحركة الجوية بعيدا عن المجال الجوى الإيرانى باتجاه. لكن الرحلات الجوية الأطول تعنى المزيد من استهلاك وقود الطائرات، وهو ما يعنى بدوره ارتفاع أسعار تذاكر الطيران.