يقول سبحانه وتعالى فى سورة الأنعام «وأن هذا صراطى مستقيماً فاتبعوه ❊ ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله❊ ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون».
ويقول ذو النون: «من لا يعرف الطريق إلى الله.. لا يتعرفه» ولا شك أن الطريق إلى الله هو الطريق الصحيح ولكن الحديث اليوم ليس العبادة بل المعاملة وتحديداً القيم المجتمعية التى تعد جزءاً كبيراً بل أساساً من أسس المعاملات.. ومن يقرأ القرآن الكريم ويتابع السيرة النبوية والأحاديث الشريفة يجد آداباً إسلامية فى المعاملات هى أسس علمية وعملية فى التربية والتنمية البشرية واعداد الإنسان اعداداً حقيقياً.. لقد اهتم الإسلام بالإنسان فكان الانسان هو القوة الحقيقية لقوة الإسلام وبالتالى انتصر المسلمون وانتشر الإسلام وامتلك العالم من الشرق إلى الغرب.
اليوم تغير الحال.. وتغيرت القيم المجتمعية وتلك هى الوسيلة المعاصرة لهزيمة شعوبنا باضعافهم قيمياً.. وبالتالى أصبح من الضرورى الآن ان نحدد الطريق للعودة إلى القيم المجتمعية للعودة إلى واقعنا وما نتمناه لمستقبلنا الإنسانى المجتمعي.
إسقاط قيمة المعلم والكبير والشيخ واظهارهم بمظهر سئ وضعيف كان البداية ومازال مستمراً.. ولقد تابعت – وللأسف- إعلاناً تجارياً يظهر المعلم بمظهر غير لائق.. لدرجة ان المدرس يرقص مع تلاميذه فى الفصل بشكل سيئ وهو استهزاء حقيقى بالمعلم وقيمته متناسين القيم التى عشنا عليها ومنها قول الشاعر: «قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم ان يكون رسولاً».. أضف إلى ذلك الأفلام والمسرحيات التى استهزأت بالمعلم بل وبالكبير سناً أو مقاماً بتعمد الاهانة أى كبير والاساءة إليه لضرب قيم الكبير وقيمته وبالتالى كسر قيمة الأسرة والمجتمع.
وعندما يتم الاساءة للمعلم بل واستاذ الجامعة والطبيب والمهندس من خلال هبوطهم درجات فى السلم الاجتماعى بينما يرتفع فى سلم المجتمع نجوم الفن والكرة بل وبعض رجال الأعمال وأصبحوا هم فى المقدمة بينما تراجع كثيراً الأطباء والمهندسون وأساتذة الجامعات والمعلمون وأصحاب الرأى والفكر والصحفيون.. وتلك القيم الجديدة للنجومية.. أصبحت اساساً للمعاملات.. وأصبح همَّ كل أسرة ان يصبح ابنها لاعباً لعله يحصل على الملايين كما يحدث لبعض النجوم أو ان يصبح ابنها فناناً لعله يحظى بما يحظى به كبار النجوم.. وبالتالى تغيرت أحلام الأسرة وأحلام الأجيال الجديدة.
> صورة أخرى من صور انقلاب القيم ما يحدث فى الامارات مؤخراً عندما أعتدى بعض لاعبى الزمالك على رجل أمن فى الملعب بعد مباراة فريقى الزمالك وبيراميدز وبغض النظر عن جلسة المحاكمة أمس وما أسفرت عنه فإن ما حدث لم يكن الحادث الأول لنجوم الكرة ولن يكون الحادث الأخير.. وبالطبع سيقول قائل: انه حادث عادى قد يحدث لأى إنسان وليس فقط نجوم الكرة.. وهذا حق ولكن ما حدث فى حوادث سابقة لنجوم الكرة اعتقد ان هناك حصانة لهم باسم النجومية ويمكن التعامل معهم برفق ولكن تفاجأوا بأن تطبيق القانون لا يفرق بين أحد.. وان العدل فى المساواة وعدم التمييز وبرغم التصالح بين اللاعبين والمعتدى عليهم إلا أن الدولة أكدت على الحق العام للدولة.. والغريب ان كثيراً من جماهير الكرة دافعوا عن اللاعبين بل اتهموا أطراف ما بالتعامل ضد لاعبى الزمالك قبل مباراة اليوم فى نهائى السوبر وتلك قضية أخرى حيث اننا يحلو لنا ان نرمى بالخطأ على الغير وان نبحث عن شماعة لأخطائنا خاصة إذا كانت تلك المبررات تتفق مع ما يريده الناس وليس ما يراه الحق.
> مظاهر عديدة للقيم المقلوبة والمطلوب عودة الأمور إلى نصابها الصحيح والأمر ليس مستحيلاً بل انه يبدأ بالعودة إلى الله وطريق الله والثقة فى النفس وفى ان الله معنا وتلك حقيقة يعترف بها الجميع.
الأمر الثانى هو وقوف كل أشكال التشكيك والاسفاف والاساءة فى الاعمال الفنية والتى توحى بل تؤثر فعلياً فى النظرة المجتمعية لأبناء المجتمع وتغير سلم العمل والفكر الاجتماعى لدى الأجيال الجديدة وتؤثر على مناخ القيم العامة لدى المجتمع وخاصة الأجيال الجديدة التى هى أساس المستقبل للوطن.
لسنا ضد الكرة والرياضة بشكل عام ولسنا ضد الفن والنجوم بل نحن معهم وهى بالفعل قوة مصرية ناعمة ولكن قيم ومفاهيم التعامل معهم هى التى تحتاج إلى تغيير.
وفى المقابل قيم ومفاهيم التعامل مع أعمدة العمل العام والمجتمع مثل المعلم والطبيب والمهندس والصحفى وغيرهم تحتاج إلى تعديل وتعامل جديد هو التعامل القديم مجتمعياً معهم..!!
طريق العودة ليس صعباً أو مستحيلاً ان القيم المصرية الاصيلة والعلاقات المجتمعية فى مصر متأصلة ومبنية على وسطية الاديان والخوف من الله والثقة بالله وتلك هى نقطة الانطلاق.
لابد من دروس فى الاخلاق والمعاملات للطلاب بل نحن فى أمس الحاجة لاستخدام التكنولوجيا والفنون وكل القوة الناعمة لتحقيق هذا الهدف.. فالنجومية لا تتعارض مع الاخلاق والقيم والضمير بل هى الأساس الناجح لذلك كله الضمير الانسانى فى حاجة إلى تنمية وتوضيح اثاره بل وتقديم النماذج الإنسانية ذات الضمير الحى باعتبارها الصورة المثلى لشبابنا.. وإبراز الأخلاق والالتزام كنموذج مطلوب لشبابنا واجيالنا الجديدة.
الأسلوب المباشر لتعليم الاخلاق ليس مطلوباً بل المطلوب هى التعامل والتفاعل واعطاء القدرة فى ابراز الاخلاق الانسانية والضمير الانساني.. وتلك هى البداية التى نحتاجها الآن.