لم يتخيل صاحب فكرة طابع البريد انه سيخلد وينتقل من بلد لآخر ليحكى ويشهد ويصور أهم الأحداث والتواريخ والشخصيات التى لعبت أدواراً هامة ورئيسية فى بلادها، وان جمعه سيتحول إلى هواية وان تقام له معارض ومؤتمرات ومزادات للحصول على النادر منه حتى لو كانت ندرته نتيجة خطأ مطبعى لا يغتفر ككتابة اسم بلده بخطأ املائى صارخ أو تشويه لعلمها أو رمزها.. ففى ديسمبر عام 1837 فى بريطانيا اقترح السير رولاند هيل مدير البريد البريطانى تخفيض الرسوم البريدية ونظاماً جديداً لقاء الخدمات البريدية وذلك بأن يقوم المرسل بشراء صورة صغيرة ويلصقها فوق رسالته.. وقد اثارت الفكرة الجديدة نقاشاً حاداً فى البرلمان البريطانى ما بين مؤيدين ومعارضين إلا انها أجيزت فى النهاية وأطلق عليها اسم (طابع).. ليصدر أول طابع بريد فى انجلترا فى مايو 1840 وهو يحمل صورة الملكة فيكتوريا وقد صدر بلونين احدهما اسود والآخر ازرق.. وتوالت طوابع البريد بعد ذلك لتصدر امريكا فى نيويورك طابعها عام 1842 حاملاً صورة رئيسها جورج واشنطن ثم تتبعها مقاطعتا جنيف وزيوريخ فى سويسرا ثم البرازيل عام 1843 وفرنسا عام 1849 ثم تبعتها عدة بلدان من بينها بافاريا (المانيا) عام 1849 وفى مصر صدر أول طابع بريد فى عهد الحكومة الخديوية عام 1866 لتبدأ مصر فى تسجيل تاريخها وتكريم رؤسائها وعلمائها ومناسباتها التاريخية على طوابع بريد، وفى بداية إصدار الطابع المصرى كان يصنع من الكتان أو القطن، وكانت أول مجموعة مكونة من سبع طوابع عادية لبوستة تمغاى تحمل نقوشاً عثمانية وفى عام 1893 ظهرت طوابع البريد الحكومية فى مصر وكان يكتب داخلها كلمة اميرى وقد ظهرت الطوابع التذكارية وطوابع المناسبات عام 1925 فى عهد الملك فؤاد، وبدأ تمصير الطوابع البريدية بطباعتها فى مصر عام 1867 بمطبعة ابناسونب الحجريّة بالإسكندرية بعد ان كانت تطبع قى مدينة جنوة الايطالية وفى عام 1872 بدأت طباعتها فى المطبعة الأميرية ببولاق . ومن الطريف انه بمجرد انتشار طوابع البريد فى العالم بدأت هواية جمع هذه الوريقات الصغيرة الملونة والاحتفاظ بها فى صناديق خشبية أو كتب أو تعليقها على جدران الحائط.. وقد تم طرح أول البوم للطوابع فى الاسواق العالمية عام 1862 وفى بداية إصدار الطوابع كان هناك لها عدة اشكال بعضها مربع أو مستطيل أو دائري، إلا ان الشكل المستطيل انتشر لسهولة لصقه على الرسائل وظل الشىء المميز والمشترك بين كل طوابع العالم هو حوافها المميزة، وتستخدم العديد من أنواع الورق فى طباعتها فقد يكون سميكاً مثل الورق المقوى أو خفيفاً رقيقاً، كما استخدمت عدة طرق فى الطباعة منذ ظهورها وحتى الان حيث استخدمت الحروف والطباعة الملساء وأشهر الطرق هى الطباعة بالحفر التصويرى والتى تسمح بطباعة ملايين الطوابع يومياً.. وحالياً اصبحت الطوابع تكتب بحروف بارزة خاصة بالمكفوفين وتعد اليابان اول دولة تصدر هذه الطوابع ثم تلتها فرنسا.. وفى مصالح البريد حول العالم قسم خاص لهواة جمع الطوابع حيث يتم عرض وبيع الطوابع القديمة والحديثة على حد سواء، كما تقام مزادات علنية لبيع او تبديل الطوابع، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل ان هناك صحافة خاصة بالطوابع وإخبارها فى بعض الدول الاوروبية.
وهكذا يمكن القول ان طابع البريد المصرى وثق على ورقته الصغيرة منذ صدوره وحتى الان تاريخ مصر وصور ملوكها ورؤسائها ومناسباتها القومية والعسكرية.