مع مرور السنوات والأيام.. تراجع طابور الصباح فى مدارسنا أو تجمد عند مشكلة زمان.. أيام كان رسالة صباحية تصل مبكرة للبنين والبنات مجتمعين فى فناء المدرسة.. تقدم الإذاعة المدرسية آخر الأنباء والأحداث.. ومعها حكمة اليوم.. وخطبة قصيرة تربوية أو تتناول الشأن العام من الناظر أو مدرس أول اللغة العربية.. مع الاهتمام بالمواهب الصغيرة فى تلاوة القرآن الكريم أو الإلقاء أو الموسيقى والغناء.
المهم تعودت الأجيال على هذه الملامح لطابور الصباح.. واحتفظ برصيده لدى الجميع من السكان حول المدارس.. واعتمدوه ميقاتاً للاستيقاظ المبكر للبحث عن الرزق وقضاء الاحتياجات.. وشاء القدر أن يكون منزلنا أمام مبنى لمدرسة إعدادية للبنين يواجهها مباشرة.. وفى ظهرها أخرى ثانوية عامة.. يعود نشأتهما لأكثر من 60 عاماً.. وتخرج منهما أبناء الشارع والكثير استكمل التعليم.
فوجئت مع التزامى المنزل.. معظم الأحيان.. بتغير ملموس شمل اختصار مدة طابور الصباح.. بعد تحية العلم.. يتحول الفناء إلى ميدان للصياح.. من قبل مدرس التربية البدنية.. باشراف المدير أو الوكيل.. يصرخ الجميع لدفع التلاميذ لدخول الفصول مع عدم الخروج من الطابور بعدها مباشرة يفتحون الميكروفون على أعلى صوت.. يتحدون مرصد الضوضاء والتابع للبيئية.. ينادى فيه على اسماء المدرسين والمدرسات رواد الحصة الأولى بالفصل وهكذا مع الحصة الثانية.. والثالثة إلخ.. ومراقبة الأحوال خلال الفسحة.. وقد يتخلل ذلك نداءات جهورية على مدرسين أو تلاميذ للحضور حالاً بمكتب المدير.. ويتناسون أن الصوت العالى يؤذى مشاعر السكان ومنهم المرضى والمسنون.. والغريب أن الخروج من المدرسة الإعدادية بعد انتهاء الدراسة يتم فى هدوء تام بعكس ما عهدناه صغاراً من ظاهرة ضوضاء الخروج.
يبدو أنها منظومة جديدة.. الادارة بالميكروفون.. ويتبعها اختلاط الحابل والنابل كما يقولون.. واستمرارها تجعلنى اتذكر النظار والناظرات والمديرين العظام الذين اداروا المدارس بصمت ونجاح.. بما تعلموا من دروس لرواد التعليم فى مصر.. بدءاً بالشيخ رفاعة الطهطاوى مروراً بعلى مبارك.. وطه حسين وإسماعيل القباني.. ونبوية موسى وغيرهم.. الذين تعيش أعمالهم معنا عبر السنين.
واتساءل أين تأثير الأعمال الدرامية الإيجابية.. التى تناولت المنظومة التعليمية ومساراتها ومقومات التطوير.. وكنموذج مسلسل «ضمير أبلة حكمت» لأسامة أنور عكاشة.. واخراج إنعام محمد علي.. وبطولة فاتن حمامة وجميل راتب ويوسف شعبان.. وغيرهم من الراحلين.. وأرجو ونحن فى بدايات العام الدراسى من قناة نيل دراما إذاعته ليستفيد الجميع.. ربما تخلصنا من سلبيات الإدارة بالميكروفون.