أكد وزير الخارجية سامح شكري، ووزير أوروبا والشئون الخارجية الفرنسى ستيفان سيجورنيه، عمق علاقات التعاون التى تربط بين القاهرة وباريس والتنسيق الوثيق بين البلدين حيال القضايا محل الاهتمام المشترك.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفى المشترك الذى عقده الوزيران أمس فى ختام مباحثاتهما بمقر وزارة الخارجية بالعاصمة الإدارية الجديدة.
رحب شكري- فى بداية المؤتمر- بنظيره الفرنسى الذى يقوم بأول زيارة إلى القاهرة منذ توليه مهام منصبه الجديد.
قال وزير الخارجية «إن نظيره الفرنسى شرف باستقبال الرئيس عبد الفتاح السيسى له حيث تم باللقاء استعراض مجمل العلاقات بين مصر وفرنسا والتطورات الإقليمية على خلفية العلاقات الاستراتيجية التى تربط بين البلدين».
أضاف شكرى أن مباحثاته مع نظيره الفرنسى تناولت التأكيد على أهمية العلاقات بين البلدين والتى لها دعائم تاريخية فضلا عن التواصل الثقافى على مستوى الشعبين، لافتا إلى أنه خلال الفترة الماضية تطورت العلاقات إلى مرتبة أعلى من الثقة المتبادلة وأصبحت علاقات استراتيجية سياسيا واقتصاديا وعسكريا بما يحقق مصالح البلدين، ونتطلع إلى تطوير العلاقات ولدينا رؤية مشتركة حيال مختلف القضايا.
أوضح أن المباحثات تطرقت إلى الأوضاع والحرب الدائرة فى غزة والتأكيد على أهمية الوصول إلى وقف إطلاق النار ودخول المساعدات والرفض التام للتهجير والممارسات المستمرة فى الضفة وغزة.
قال وزير الخارجية سامح شكرى إن هناك تنسيقا بين مصر وفرنسا فى الإطار المتعدد، منوهاً بالعلاقة التى تربط بين مصر والاتحاد الأوروبى ومركز فرنسا المرموق والريادى فى الاتحاد، خاصة ونحن نقدم على علاقة استراتيجية شاملة مع الاتحاد الأوروبى وبالتأكيد فإن دعم فرنسا لمصر فى الاتحاد مهم للغاية.
أضاف: أن المباحثات تطرقت إلى الأوضاع فى غزة، والمنع والرفض التام للتهجير سواء تصفية للقضية الفلسطينية أو إلقاء عبء على الآخرين سواء فيما يتعلق بغزة أوالضفة الغربية، والممارسات العسكرية المستمرة فى غزة والضفة، وتهجير الشعب الفلسطينى فى غزة من الشمال والوسط إلى الجنوب، والأضرار الضخمة التى تلحق بالمدنيين واستمرار الاستهداف العسكرى لجنوب غزة.
أكد أهمية وقف إطلاق النار حتى تتاح الظروف لإطلاق إطار سياسى يتعامل مع القضية الفلسطينية من جميع جوانبها سواء اتصالا بغزة وما يحدث بها بعد انتهاء الحرب، أو ضرورة التعامل مع القضية بمنظور متكامل سياسى فى إطار الحل السياسي.
تابع: أن المجتمع الدولى توافق على أن هذا هو الحل الوحيد لإنهاء الصراع الفلسطينى الإسرائيلى ولابد أن يتم تحديد إطار زمنى لإقامة الدولة الفلسطينية والتعامل مع كافة القضايا سواء كانت متصلة بإدارة غزة ومسئولية السلطة الوطنية الفلسطينية، وتأمين وتحقيق الاستقرار والأمن لإسرائيل والإفراج عن المحتجزين، وكذلك فى الإطار السياسى الأوسع المرتبط بإقامة الدولة الفلسطينية، مشدداً على أنه لايمكن الفصل بين كل هذه المكونات ويجب التعامل معها بشكل واحد.
قال وزير الخارجية إن مباحثاته ونظيره الفرنسى تطرقت أيضا إلى خطورة اتساع رقعة الصراع فى الشرق الأوسط اتصالا بالحرب فى غزة وما نشهده من تهديد للملاحة فى البحر الأحمر، والأعمال العسكرية التى تمت فى سوريا والعراق وكذلك تطورات الأوضاع العسكرية على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وكلها تنذر بتفاقم الوضع واحتمال الإنزلاق إلى صراع أوسع، وهذا ما نسعى لتجنبه من خلال المطالبة بوقف إطلاق النار فى غزة والتعامل مع القضايا بمنظور سياسى شامل.
أكد شكرى استمرار التواصل الوثيق مع وزير الخارجية الفرنسى ومع كافة الأجهزة فى البلدين لاستمرار العمل المشترك ومواجهة التحديات المشتركة وأيضا فى الإطار الثنائى للعمل على الارتقاء بالعلاقات والعمل على استمرار مساهمة الشركات الفرنسية خلال السنوات الماضية فى جهود مصر التنموية خلال السنوات الماضية.
من جانبه وجه وزير الخارجية الفرنسى ستيفان سيجورنيه – خلال المؤتمر الصحفى – الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي، مشيرا إلى أن زيارته لمصر هى الأولى فى إطار جولته التى تشمل إسرائيل ورام الله وبيروت.
قال إنه بدأ جولته من القاهرة لأن مصر بلد كبير وشريك أساسى لفرنسا فى المنطقة، موضحاً أن مصر بلد فاعل أساسى فى محاولة إيجاد حل للأزمة الحالية.
أوضح أنه أكد لشكرى على نقاط محددة، أولها أنه يمكن لمصر أن تعتمد على فرنسا بشكل كامل من أجل الحفاظ على الاستقرار، وأنه يتفهم القلق المصرى مما يحدث على الحدود فى رفح.. وقال «إن فرنسا سوف تدين وترفض أى عمل يتعلق بدفع الفلسطينيين فى اتجاه رفح».
أضاف «أننا ندرك كذلك أن هناك أزمات تحيط بمصر، سواء بسبب الهجمات فى البحر الأحمر، أو الصراع فى السودان أوالوضع فى ليبيا، وكذلك الوضع الاقتصادي، وأن فرنسا ملتزمة بدعم استقرار مصر سواء على مستوى الاتحاد الأوروبى أو على المستوى الثنائي، وأن فرنسا دعمت مصر فى صندوق النقد الدولي، وستستمر فى هذا الدعم».
أكد استعداد فرنسا لمواصلة التنسيق الإنسانى لمصلحة المدنيين فى قطاع غزة، مشيدا بالدور المصرى بهذا الشأن، موضحا أن مصر التزمت مع فرنسا بإيصال مساعداتها التى بلغت أكثر من ألفى طن لغزة.
ووصف الوضع فى قطاع غزة بأنه «مأساوي» واحتياجات الفلسطينيين هناك ملحة، مشيرا إلى أن الفلسطينيين والإسرائيليين لديهم الحق فى العيش جنبا إلى جنب، وأن الدولة الفلسطينية يجب أن تشمل الضفة الغربية وغزة على حدود 1967.
شدد على أن بلاده سوف تستجيب للحالة الإنسانية الطارئة.. قائلاً «إننا نعمل مع مصر من أجل إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة وقابلة للحياة».. مضيفا أن التحديات هائلة ولكننا ملتزمون بعمق الشراكة بين البلدين فى كافة المجالات.
وردا على سؤال على ملامح الرؤية المشتركة للارتقاء بالعلاقات الثنائية لاسيما على ضوء روابط الصداقة التاريخية والاستراتيجية التى بين مصر وفرنسا والتطابق فى المواقف إزاء العديد من القضايا وهو ما يبرهنه حرص وزير خارجية فرنسا على أن تكون مصر هى المحطة الأولى لجولته الأولى بالمنطقة وكذا مساحات التوافق بين الجانبين إزاء أزمات المنطقة وبخاصة أزمة غزة.. قال وزير الخارجية سامح شكرى إن العلاقات الثنائية تتضمن التنسيق الوثيق على المستوى السياسى فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية.
أشار إلى التعاون على المستوى الاقتصادى والإسهام الذى تقدمه فرنسا على المستوى الحكومى فى إطار دعم جهود مصر التنموية، لافتا إلى أن الحزمة التمويلية لكثير من المشروعات القومية الكبرى والمشروعات المتصلة بالبنية الأساسية والنقل تمثل أهمية بالغة.
وأبرز وزير الخارجية المجالات العديدة والآفاق لزيادة حجم التبادل التجارى بين البلدين وزيادة الاستثمارات الفرنسية واستفادتها من علاقات مصر بدول الشرق الأوسط وإفريقيا.. مشددا فى الوقت ذاته على العلاقات المصرية الفرنسية الثقافية.
وأضاف أن وزير الخارجية الفرنسى ثمن كثيرا ما يربط بين البلدين على المستوى الحضارى والثقافى والتواصل المستمر عبر قرنين من الزمن بالنسبة للاهتمام الفرنسى الكبير بالحضارة المصرية وكذلك بالحضارة المعاصرة والانطلاقة التى تشهدها مصر فى مجال الفن والتعليم والابتكار، مشيرا إلى رغبة مصر فى الاستفادة مما وصلت إليه النظم التعليمية الفرنسية.
وقال إنه تم التطرق إلى إقامة سكن للطلاب فى فرنسا لتوسيع رقعة الدارسين فى الجامعات الفرنسية.
وفيما يتعلق بالتنسيق بين البلدين حيال القضايا الإقليمية والدولية.. قال شكرى إن السياسة المصرية تصاغ على أسس ومبادئ، وفرنسا أيضا تلتزم بهذه المبادئ ومنها ميثاق الأمم المتحدة وضرورة العمل فى إطار علاقات دولية مبنية على الاحترام المتبادل وخصوصية كل دولة واحترام سيادتها، والمصالح المشتركة والعمل بشكل إيجابى لتحقيق الاستقرار والأمن دون أى جهد لزعزعة الاستقرار أو سياسات المؤامرة وغيرها من الأمور.
وأشار وزير الخارجية إلى أنه فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية كان هناك دائما دعم لإقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الصراع الفلسطينى – الإسرائيلى على مبدأ إقامة الدولتين، وتحقيق الاستقرار والسلام والأمن للشعبين وشعوب المنطقة.
وأوضح أن عوائد إنهاء الصراع والانخراط الإقليمى يعد أمراً مفيداً خاصة وأن منطقة الشرق الأوسط متصلة عبر المتوسط مع دول شمال المتوسط وأبرزها فرنسا.
وأوضح شكرى أن ما تم توفيره فى الإطار الثنائى من علاقة أمنية عسكرية قد دعمت من قدرات مصر على مواجهة التحديات وأن تكون قوة تعمل من أجل الاستقرار فى المنطقة، مشيرا إلى أن قضية الهجرة غير الشرعية والقضاء على الإرهاب جميعها أمور لنا رؤية مشتركة إزاءها ونعمل بشكل وثيق لتحقيقها.
وردا على سؤال بشأن جهود مصر التى تبذلها منذ فترة طويلة باتجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية وهل تمت مناقشة هذا الموضوع اليوم وما إذا كانت فرنسا بصدد الإعلان عن موقف مشابه لإمكانية الاعتراف بالدولة الفلسطينية مثل بريطانيا آجلا أو عاجلاً .. قال وزير الخارجية الفرنسى إن المحطة النهائية لعملية سياسية هى الاعتراف بالدولة الفلسطينية ولكن السؤال المطروح هو كيف ومتى وبأى ظروف فى ظل العملية العسكرية الإسرائيلية الحالية، وبالتالى نحن منتبهون للغاية لهذه المرحلة.
وأضاف أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يأتى فى نهاية العملية السياسية، ولهذا السبب فأنا حريص جدا على الجوانب الأمنية مثل إطلاق سراح جميع المحتجزين ووقف إطلاق نار دائم ، تكون مرتبطة كذلك بالوضع والحل السياسي، موضحا أن عملية السلام والعملية السياسية يجب أن تكونا فى إطار هاتين النقطتين، وسوف ندفع بهذا الاتجاه وسأتحدث فى هذا الموضوع خلال زيارتى لإسرائيل فى المرحلة التالية من جولته.