بدأت الحكومة فى وضع إستراتيجية وطنية للصناعة تستهدف تقليل الاستيراد الذى ينهك الموازنة كل عام، إذ حددت أكثر من 150 مجموعة سلعية يتجاوز حجم استيراد مصر منها 25 مليار دولار سنوياً وهو مبلغ ضخم الدولة فى أشد الحاجة إليه لتوجيهه إلى قطاعات مهمة، خصوصاً أن غالبية هذه السلع استهلاكية ويمكن تصنيعها بسهولة من خلال توجيه المستثمرين ودعمهم بحوافز كبيرة جداً لتشجيعهم على إنتاجها محلياً، حتى بات الشغل الشاغل للمجموعة الوزارية للتنمية الصناعية، التى تحرص على تسهيل الإجراءات ومنح الرخص وإتاحة الأراضى وتخصيصها وتطبيق الحوافز الإضافية الموجودة، ورفع شعار «صُنع فى مصر».. فمن هنا نبدأ، ولذا يمكن القول إن الحكومة بدأت فى تفعيل دورها لإدارة القطاع الصناعى وعدم تركه فى مهب الريح يعانى من مشكلات كثيرة دون حلول تنهض به ليتحول إلى مجال للتصدير يدر العملات الأجنبية اللازمة لانفاقها على قطاعات أخري، خصوصاً أن الصناعة تعتبر أهم خطوة فى طريق نهضة الأمم التواقة إلى بناء دولة حديثة، ولذا تسعى الحكومة إلى جذب الاستثمار الصناعى الوطنى والأجنبى بهدف زيادة الصادرات.
إن بناء إستراتيجية لإقامة صناعة وطنية، فضلاً عن إصدار تشريعات منظمة لهذا النشاط الذى يعد نقطة التحول فى حياة الشعوب والقفز بأحلامهم من القاع إلى القمة، يؤكد أهمية الإسراع فى إصدار قانون موحد للصناعة المصرية يهدف إلى إقامة قاعدة صناعية محلية وطنية قادرة على الصمود فى وجه المنافسة العالمية ونفاذ منتجاتها إلى الأسواق الخارجية، من خلال تدخلها لتوجيه الاستثمارات خصوصاً الوطنية إلى بعض القطاعات المهمة التى تحتاجها الدولة خصوصاً الصناعة مع تشجيعهم بحوافز تضمن لهم الربح، إذ إن بناء قاعدة صناعية وطنية لن يحدث فى ظل رغبة المستثمرين عموماً البحث عن الربح السريع، ولذا ليس غريباً أن نرى الآن أن غالبية الاستثمارات تتجه إلى سوق العقارات الذى وصل إلى حالة تشبع وارتفاع غير مسبوق فى الأسعار، ونحن هنا وأقصد الحكومة يجب عليها التدخل لأن لكل وطن إحتياجات خصوصاً إذا مر بظروف استثنائية ليصبح متكاملاً قادراً على النمو بشكل طبيعى دون الحصول على منح أو قروض، إذ يتعين عليها أن تتدخل عبر إجراء حوار مع المستثمرين الذين يقصرون عملهم على تشييد الكومباوندات لتوجيه جزء من استثماراتهم بما لا يقل عن 25 ٪ إلى الصناعة ليصبح عنصراً فاعلاً فى قوة الدولة وتنمية مواردها.
وأقول لكم، لا يختلف اثنان على أن الصناعة قاطرة التنمية فى جميع دول العالم، ولذا تسعى مصر لبناء قلاع صناعية حديثة عبر اجتثاث التحديات التى تعيق انطلاقها وفى مقدمتها البيروقراطية فى بعض القطاعات، وقد وضعت خطة تحفيز حتى تعمل جميع المصانع التى يصل عددها إلى 13 ألف مصنع بكامل طاقتها عن طريق إعادة تشغيل المتعثرة، وأصدر الدكتور مصطفى مدبولى توجيهاً بمنع غلق المصانع إلا بقرار منه، حتى يتمكن من فحص أسباب تعثرها وإنهاء عوائق تعطلها لمنع الوصول إلى مثل هذا القرارات الصعبة المضرة بالاقتصاد.