زلزال الحرب بدأ بالشرق الأوسط وكلاب الحرب تنبح فى كل مكان بالمنطقة.. والسلام.. هو أول ضحايا كلاب الحرب.. وأول من يعترف بالهزيمة أمام كلاب الحرب.. فى كل مكان.. وكل زمان.
.. وقالوا قديماً إن السلام.. هو مجرد استراحة بين حربين.. حرب توقفت ولم تنته.. وحرب بدأت.. ولم تتوقف.. ولن تنتهي!!.. والفرق هائل بين أن تتوقف الحرب.. وأن تنتهى الحرب بطبيعتها من القوانين الأساسية للصراع والوجود على الأرض.. ولذلك نجد أن الحروب قد تتوقف.. لكنها لا تنتهي.. والصراعات.. تبقى دائماً قائمة.. لا تتوقف.. ولا تنتهي!!
.. المدهش أن التوراة أطلقت على مدينة القدس.. اسم «أورشليم».. أى «مدينة السلام».. لكنها تحولت على أيدى صهاينة إسرائيل إلى «عاصمة للحرب» والصراعات الدموية.
.. فلم تتوقف حرب الإبادة الإسرائيلية بعد على قطاع غزة.. لكن الحرب الإسرائيلية الشاملة على لبنان بدأت فعلاً.. ليلاً فى تمام الساعة الثامنة و 39 دقيقة.. فى عملية مفاجئة وضربة وقائية استباقية إسرائيلية جديدة.. وأكدت إدارة الرئيس الأمريكى بايدن.. أن إسرائيل.. قد أبلغتها فعلاً ببدء عملية برية محدودة فى جنوب لبنان.. تستهدف تدمير مواقع وخنادق حزب الله.
على الجانب الآخر، جاء الهجوم الصاروخى الإيرانى مساء أول أمس، ليزيد من الصراع فى المنطقة، ولتربك حسابات إسرائيل فى ظل ما تردد ان عدداً من الصواريخ سقط فى تل أبيب والقدس مع وجود اشارات بتدمير مائة منزل وإصابة عدد من الإسرائيليين وأضرار أخرى.
ضربة افتتاحية
.. بدأت عملية الغزو البرى الإسرائيلى بغارات جوية عنيفة على الضاحية الجنوبية لبيروت.. ومختلف مواقع حزب الله فى جنوب لبنان.. وشاركت المدفعية الإسرائيلية والدبابات فى عمليات القصف المكثف لقرى جنوب لبنان.. ثم تحركت الدبابات الإسرائيلية.. تحت حماية الطيران الإسرائيلى إلى عمق الأراضى اللبنانية.
.. هكذا يتضح أن عملية اغتيال حسن نصر الله.. زعيم حزب الله.. كانت مجرد عملية استباقية.. وضربة افتتاحية مفاجئة.. قبل بدء الغزو الإسرائيلى لجنوب لبنان.
اعترف الجيش الإسرائيلى بأن القوات الإسرائيلية قد دخلت إلى أراضى جنوب لبنان فى إطار خطة عسكرية وضعتها هيئة أركان الجيش الإسرائيلي.. وقد تم تدريب القوات الإسرائيلية عليها على مدى الشهور الأخيرة. وقد تمكنت الدبابات الإسرائيلية من دخول العديد من قرى جنوب لبنان على الحدود مع إسرائيل.. بعد فترة قصيرة من بدء الغزو.. وذكرت صحف إسرائيلية أن التركيز المبدئى للقوات الإسرائيلية سيكون فى جنوب لبنان.. فى إشارة إلى أن عملية الغزو البرى الإسرائيلية يمكن أن تمتد لأماكن أخرى داخل لبنان.. مثل وادى البقاع شرقاً.
أكدت التقارير الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلى قام بحشد أكثر من ثلاث فرق عسكرية كاملة لغزو لبنان.. بهدف تصفية ميليشيات «الرضوان» الخاصة التابعة لحزب الله.. التى كانت تستعد لغزو مستوطنات شمال إسرائيل.
قطع الرأس
.. وأكد تونى بلينكين وزير الخارجية الأمريكى أن الشرق الأوسط فى طريقه لمرحلة صعبة.. لكن الدبلوماسية هى الطريق الوحيد للاستقرار فى المنطقة.. وأضاف أن اغتيال حسن نصر الله زعيم حزب الله.. جعل الشرق الأوسط أكثر أمناً.
.. وذكرت صحيفة لوفيجارو الفرنسية أن إسرائيل اتبعت استراتيجية «قطع الرأس» فى الحرب ضد حزب الله اللبناني.. وأشارت إلى أن عملية اغتيال حسن نصر الله.. ليس لها سوى معنى واحد.. هو أن إسرائيل قد تعمدت «قطع رأس» ميليشيات حزب الله.. وحسن نصر الله.. هو الزعيم و«الرأس» السياسى للحزب.. ومن قبله تم اغتيال فؤاد شكر.. «الرأس» العسكرى للحزب.. فى ضربات استباقية مفاجئة ومتوالية.
وقالت لوفيجارو.. بعد قطع رؤوس قيادات حزب الله السياسية والعسكرية.. بدأت ساعة تصفية الحسابات العسكرية النهائية بين إسرائيل وحزب الله اللبناني.. فى إشارة لبدء عملية الغزو البرى وما فيها من مخاطر كبري.
مفاجآت ليلية
.. وتوالت المفاجآت الكبرى فى ليلة الاثنين.. حين أعلنت إدارة الرئيس الأمريكى بايدن أنها تحذر من احتمالات قيام إيران بضربة انتقامية ضد إسرائيل بعد اغتيال حسن نصر الله.
وذكرت شبكة تليفزيون سي.إن.إن الأمريكية أن كلاً من أمريكا وإسرائيل يستعدان للتصدى لأى هجوم إيرانى على إسرائيل.
.. وحذر لويد أوستين وزير الدفاع الأمريكى من أى عدوان إيرانى على القوات والقواعد الأمريكية فى الشرق الأوسط.
وأكدت وزارة الدفاع الأمريكية أنها سارعت بإرسال العديد من أسراب الطائرات المقاتلة الأمريكية من طراز إف-35 وطائرات إف-15 وإف-16.. تحسباً لأى هجوم إيراني.
.. ووسط طوفان الضربات والمفاجآت فى الحرب الإسرائيلية الدموية على حزب الله فى لبنان.. اتضح أن إسرائيل اعتمدت فى استراتيجية «قطع الرأس» التى اتبعتها على العديد من الأسلحة السرية الأمريكية.. من قنابل وصواريخ ومعلومات.
منذ عشر سنوات
.. وقد حصلت إسرائيل فعلاً على هذه النوعية الخطيرة من القنابل منذ أكثر من عشر سنوات.. ولم تعترف إسرائيل بامتلاكها لهذه النوعية من القنابل إلا بعد عملية اغتيال حسن نصر الله.. ولم تحصل أية دولة أخرى من حلفاء أمريكا فى الناتو على هذه النوعية من القنابل.. سوى إسرائيل فقط حليف من خارج الناتو. وكان الهدف هو استخدامها فى تدمير المنشآت النووية الإيرانية فى معامل «فوردو».. لتخصيب اليورانيوم.. وهى فى مخابئ وتحصينات تحت الأرض. لكن إسرائيل استخدمت هذه القنابل ضد أنفاق حركة حماس فى غزة.. وفى عمليات الاغتيال الدقيقة لحسن نصر الله وقيادات حزب الله.
.. واعترفت إسرائيل بأنها لم تحاول اغتيال يحيى السنوار قائد حماس بهذه القنابل.. حتى لا يتم قتل بقية الرهائن الإسرائيليين فى غزة.
.. لكن إسرائيل تمكنت من اغتيال قيادات حزب الله الرئيسية بالقنابل والصواريخ الموجهة إلى شقق محددة فى أدوار محددة داخل مجمعات سكنية محددة بالضاحية الجنوبية لبيروت. فقد توصلت إسرائيل لمعلومات تفصيلية بالأسماء والعناوين.. وأرقام تليفونات الموبايل من خلال شبكة أجهزة المخابرات والمعلومات الأمريكية الكبيرة.. التى تتكون من سبعة عشر جهازاً تابعاً لوزارة الدفاع الأمريكية. كما أن مجموعة «العيون الخمسة» التى تقودها أمريكا.. متخصصة فى رصد واعتراض جميع الاتصالات والمكالمات التليفونية واللاسلكية فوق كوكب الأرض.. وهناك أيضاً طائرات التجسس الإلكترونى الأمريكية الضخمة من طراز بوينج التى تقوم بالتحليق ليلاً ونهاراً فى الأجواء المفتوحة دائماً لسوريا ولبنان وغزة وكل سواحل البحرين.. المتوسط والأحمر وحتى الخليج العربي.
شائعات صفراء
.. وقد تحدثت «الشائعات الصفراء» الإسرائيلية عن دور الموساد فى عمليات اغتيال قيادات حزب الله.. والحقيقة أن الموساد جهاز مخابرات إسرائيلي.. مثل إسرائيل ذاتها.. لا يستطيع القيام وحده بأية مهمة.. بدون الاعتماد المطلق على أجهزة مخابرات أمريكا وحلف الناتو.
.. وقد تحدثت صحف عالمية عن هذه الأسلحة الأمريكية السرية التى حصلت عليها إسرائيل من الولايات المتحدة.. باعتبارها نوعية جديدة من «أسلحة الدمار الشامل».. وقالوا إنها الحرب الإلكترونية الجديدة وحرب السايبر.. وهجمات الفيروسات الإلكترونية.
.. فقد تمكنت إسرائيل بهذه الأسلحة الأمريكية الجديدة من اختراق وتدمير نظم الاتصالات والقيادة والسيطرة لدى ميليشيات حزب الله. وكان ذلك وراء اغتيال السيد حسن نصر الله.. وكل قيادات حزب الله العسكرية.. فمن خلال رصد واعتراض المكالمات التليفونية والاتصالات اللاسلكية.. يتم تحديد مواقع وعناوين المتحدثين.. وتحديد الأسماء.. لتقوم المسيرات الإسرائيلية بإطلاق الصواريخ على شقق محددة العناوين والأسماء.. وتتم عمليات الاغتيال بدقة غير مسبوقة وبتكنولوجيا أمريكية جديدة وشديدة التطور.. وكلها أصبحت من أسلحة الدمار الشامل الجديدة التى تعتمد عليها إسرائيل.. وتحصل عليها من أمريكا على أطباق من ذهب.
لم يكن يعلم.. لكنه يعرف!!
لذلك.. كان الرئيس بايدن على الحق حين قال إنه لم يكن يعلم بخطة إسرائيل لاغتيال حسن نصر الله.. لكنه كان يعرف أن إسرائيل يمكنها القيام بهذه العملية فى أية لحظة!!
.. وفى النهاية تحدثت التقارير الإسرائيلية صراحة عن «حائط الدفاع الأمريكي» الذى يحيط بإسرائيل من كل اتجاه لاعتراض وتدمير صواريخ ومسيرات حزب الله وحركة حماس.. وحتى إيران.. وفى العمليات المخابراتية عامة.. لا توجد حقائق نهائية.. لأن كل طرف يحتفظ دائماً بجزء من الأسرار لديه.. ليتم الاعتراف ببعض منها بعد سنوات أو عشرات السنين.
لكن السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله.. كان على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية منذ عام 2006 على الأقل. وقد حرص حسن نصر الله دائماً على عدم الظهور علناً فى بيروت خوفاً من قيام الطائرات الإسرائيلية باغتياله فوراً. وكان يتحدث لأنصاره فى حزب الله بالفيديو كونفرانس.. ويتم عرض الأحاديث من خلال شاشات ضخمة فى أحياء بيروت الجنوبية.
.. وأخيراً.. تمت عملية اغتيال وتصفية حسن نصر الله فى لحظة فارقة فى تاريخ لبنان وإيران وإسرائيل.. والشرق الأوسط.
أسطورة زائفة
.. على مدى الأيام الماضية حاولت الصحافة الإسرائيلية أن تصنع من عملية اغتيال وتصفية حسن نصر الله أسطورة كبري.. باعتبارها عملية مخابراتية لم يسبق لها مثيل.. ولأول مرة يتم السماح لجنرال إسرائيلى فى الطيران بالحديث عن العملية ليكشف أن سربًا كاملاً من طائرات إف 15 الإسرائيلية هو الذى تولى تنفيذ عملية اغتيال حسن نصر الله أى ما يعادل 25 طائرة مقاتلة على الأقل.. وذكر الجنرال أميتشاى ليفين قائد قاعدة «هاتزريم» الجوية الإسرائيلية أنه جرى التخطيط لهذه العملية من خلال التنسيق بين سلاح الجو الإسرائيلى والمخابرات العسكرية الإسرائيلية وجهاز المخابرات الموساد.
ولأول مرة نكتشف أن نتنياهو شارك بنفسه فى عملية الخداع التكتيكى قبل تنفيذ العملية.. وقام بالسفر إلى نيويورك لإلقاء كلمة إسرائيل أمام الأمم المتحدة يوم الخميس الماضي.. وكأن كل شيء عادى فى إسرائيل.. وكان الهدف من وراء ذلك هو إعطاء حزب الله إحساسًا كاذبًا بأن ما يجرى مجرد غارات جوية إسرائيلية مكثفة على مواقفه.. لكن الواقع أن إسرائيل كانت تخشى أن يقوم نصر الله ورفاقه بالهروب من مركز قيادة حزب الله الموجود تحت الأرض.. فى مجمع سكنى يتكون من ستة مبانى فى قلب ضاحية بيروت الجنوبية.. وعملية هروب نصر الله فى اللحظة الأخيرة كانت يمكن أن تفسد كل شيء كما يقول الجنرال أميتشاى ليفين.
أوضح الجنرال أن الطائرات الإسرائيلية قامت بإلقاء أكثر من مائة قنبلة ثقيلة من طراز جى بى يو 28 الأمريكية المخصصة لتدمير التحصينات والخنادق تحت الأرض.. وقد تم إلقاء هذه القنابل بواقع قنبلة كل ثانيتين.. وقد تم تكليف سرب الشواكيش الإسرائيلى من طائرات إف-15 النسخة المتطورة بتنفيذ عملية اغتيال حسن نصر الله.. وهو السرب 69 فى سلاح الطيران الإسرائيلي.. وكانت عملية سفر نتنياهو إلى نيويورك جزءاً من عملية الخداع.. كما كان الحديث عن إقالة وزير الدفاع يواف جالانت وطرده من الحكومة مجرد أكذوبة فاضحة للتغطية على هذه الجريمة البشعة.
ويقول الجنرال لافين إن نتنياهو تابع تفاصيل تنفيذ العملية لحظة بلحظة كل الرحلة الطويلة من تل أبيب إلى نيويورك.. حتى أعطى الأوامر النهائية بتنفيذ أكبر عملية اغتيال هزت الشرق الأوسط كله.
مأزق إيران
.. وذكرت صحيفة لوموند الفرنسية أن عملية اغتيال حسن نصر الله قد وضعت إيران فى مأزق استراتيجى حقيقي.. لأن جماعة حزب الله ليست مجرد جماعة تابعة لإيران.. لكنها شريك استراتيجى رئيسى لإيران وحليف قوى فى الشرق الأوسط.. وذكرت لوموند أن إيران مازالت تهدد بالانتقام لكنها لا تشارك فى المعارك.. والآن مع اختفاء حسن نصر الله من المشهد السياسى فى لبنان.. فإن ذلك يمثل لإيران خسارة كبري.
.. وقد حدثت صدمة كبرى فى بيروت تشبه الزلزال الهائل بعد الإعلان عن اغتيال أو استشهاد حسن نصر الله فى الغارات الإسرائيلية.. وتركز الحزن فى حى «الخندق العميق».. الموجود فيه مقر قيادة حزب الله المركزي.. بما يؤكد أن مقر قيادة الحزب يحمل اسم حى معروف جدًا فى ضاحية بيروت الجنوبية.. أصيب سكان الحى بحالة من الحزن العميق وصل إلى درجة الانكسار الحقيقي.. وكأن الزمن قد توقف والرجال والنساء والأطفال فى صمت تام وحالة من الاكتئاب العميق المرسوم على وجوه الجميع كما قالت لوموند فى تقرير لها عن لبنان.
.. وذكرت الصحيفة الفرنسية أن سكان الضاحية الجنوبية يعيشون حاليًا بين حالة من الغضب وإحساس بالضياع.
تصفية التصفية
.. وأكدت الصحف الإسرائيلية فى تل أبيب أن اغتيال حسن نصر الله هى فى الواقع تسوية لحسابات طويلة بين إسرائيل وحزب الله وقالت إن نهاية حسن نصر الله.. يمكن أن يؤدى لتغيير وجه الشرق الأوسط.
وادعى بنيامين نتنياهو أن تصفية حسن نصر الله.. عملية استهدفت تصفية حسابات قديمة وجديدة مع حزب الله.. ومع نصر الله شخصيًا وأن إسرائيل تسعى إلى تغيير التوازن العسكرى فى الشمال لصالحها بالقوة المسلحة وباغتيال حسن نصر الله وتصفية كل قيادات حزب الله.
تدمير 50٪ من الصواريخ
.. واعترف نتنياهو بأن إسرائيل تواجه تحديات كبري.. خصوصًا خلال هذه الأيام.. رغم أن اغتيال نصر الله يعتبر نقطة تحول حقيقية فى الحرب التى تخوضها إسرائيل حاليًا.
.. وكشفت صحف إسرائيلية بأن الحرب التى تخوضها إسرائيل على جبهتين.. فى غزة جنوبًا.. وأمام حزب الله شمالاً.. هى حرب بالاختيار.. لأنها حرب وجودية وقد لجأت إسرائيل إلى الحرب.. حتى تتجنب مخاطر الزوال.. وذكرت أن اغتيال حسن نصر الله وقيادات حزب الله، هى مجرد بداية على الطريق الطويل لتصفية كل أعداء إسرائيل فى حزب الله وحماس وميليشيات الحوثي.. وحتى فى إيران.
وأكد الخبراء العسكريون الأمريكيون أن الغارات الجوية الإسرائيلية المكثفة على مدى ثمانية أيام حتى الآن أدت إلى تدمير أكثر من 50٪ من قدرات حزب الله الصاروخية.. أوضح الخبراء أن القنابل الأمريكية الثقيلة من طراز جى بى يو 28 قادرة على تدمير الخنادق تحت الأرض حتى عمق ستة أمتار.. القنبلة الأولى تكفى لاختراق السقف الخرسانى الأول.. وباقى القنابل تتولى عملية التدمير الشامل.. كما حدث عند تدمير مقر القيادة المركزى لحزب الله والمجمع السكنى الموجود فيه الذى يتكون من ستة مبانى ضخمة.. فى حى الخندق العميق.
.. وذكر المراقبون حول العالم أن إيران كانت فى مأزق استراتيجى حقيقى حتى قبل اغتيال حسن نصر الله.. وكانت تهدد دائمًا بالاشتراك فى الحرب ودعم حزب الله.. لكنها لا تدخل فى المعارك وأكدت طهران دائمًا أن حزب الله قادر على الدفاع عن نفسه وعن لبنان.. بما يشير إلى أنه ليس بحاجة لتدخل إيران العسكري.
وقالت الصحف الأمريكية إن موقف إيران يؤكد أن إيران تشعر بالخوف من مخاطر التكاليف والتداعيات الخطيرة للحرب والصراع المباشر مع إسرائيل.
هزيمة الخوف
.. ولأول مرة نجد فى واشنطن خبيراً استراتيجياً أمريكياً يتحدث عن ضرورة التغلب على الخوف من التصعيد العسكرى فى الشرق الأوسط.
وقال الأمريكى ويليام هاركنز إن إدارة الرئيس الأمريكى بايدن تشعر بالخوف من التصعيد العسكرى ضد روسيا فى أوكرانيا.. وتشعر بالخوف من مخاطر التصعيد العسكرى ضد إيران فى الشرق الأوسط.. وقال لقد حان الوقت لهزيمة الخوف من التصعيد العسكرى فى الشرق الأوسط، خصوصًا ضد إيران.. وأوضح أن أمريكا تتجاهل فى الواقع عوامل الضعف الواضحة لدى روسيا وإيران.
.. وتوالت مفاجآت الحرب الإسرائيلية على حزب الله فى لبنان خلال ساعات وليس أيام بعد اغتيال حسن نصر الله.
ولم تتردد إسرائيل فى الإعلان عن بدء حرب لبنان الثالثة.. مع بدء الغزو والتوغل البرى الواسع للمدرعات وجنود المشاه فى الجيش الإسرائيلي.
ضرب تل أبيب بالصواريخ
واعترفت إسرائيل بأن حزب الله قد أطلق عدداً من الصواريخ على مدينة تل أبيب ومنطقة وسط إسرائيل مما أدى لإصابة عدد من الأشخاص بالشظايا وقد ترددت أصوات انفجارات هائلة فى قلب تل أبيب.
.. تصاعد القتال سريعًا فى جنوب لبنان بين المدرعات الإسرائيلية ومقاتلى حزب الله واعترف الإسرائيليون بأن المعارك فى جنوب لبنان أشد قسوة وعنفًا من كل المعارك فى غزة.
أكد الجيش الإسرائيلى أن الفرقة المدرعة التى تولت عملية تدمير أنفاق حماس فى غزة.. هى التى تتقدم حاليًا لغزو قوى جنوب لبنان على الحدود.. فقد تجاوزت المعارك الطاحنة كل الخطوط الحمراء واشتعلت الحرب الشاملة فى النهاية بين إسرائيل وحزب الله.
.. ومازالت إسرائيل فى حالة ارتباك فقد بدأت عملية غزو جنوب لبنان.. لكنها لا تدرى فعلاً كيف يمكنها إعادة سكان الشمال لبيوتهم.
أكدت التقارير الإسرائيلية أن الهدف من الغزو البرى لجنوب لبنان هو توجيه ضربة حاسمة ونهائية لحزب الله لأن ميليشياته تشكل خطرًا حقيقيًا على إسرائيل.. كما ظهر بوضوح على مدى عام كامل من الاشتباكات اليومية.
ومرة أخرى ذكرت الصحف الإسرائيلية أن الحرب على حزب الله قد تحولت إلى حرب وجودية.. من أجل وجود وبقاء دولة إسرائيل.. تمامًا.. مثلما كانت الحرب على حماس فى غزة.
حرب نتنياهو
.. وأكد الخبير الإستراتيجى الأمريكى دانيل ويليامز أن رئيس الوزراء الإسرائيلى نتنياهو قد خطط فيما يبدو للحرب الكبرى التى يتصور أنها يمكن أن تنهى كل الحروب.
فقد دخلت إسرائيل فى حرب شاملة مع حزب الله فى لبنان.. وتوغلت الدبابات الإسرائيلية داخل الأراضى اللبنانية بكثافة.. وتحت حماية كاملة من الطيران الإسرائيلى الكثيف.. الذى يعمل بحرية مطلقة فى أجواء لبنان.. لانعدام وجود دفاع جوى لدى لبنان أو حزب الله.
.. وحتى الآن لم يتم وقف إطلاق النار فى قطاع غزة.. لكن المعارك اشتعلت فى جنوب لبنان بضراوة غير مسبوقة منذ 2006.
.. ويستبعد خبراء المخابرات المركزية الأمريكية احتمال قيام إيران بالتدخل إلى جانب حزب الله ضد إسرائيل.. لكن دانيل ويليامز يؤكد أن إيران فى لحظة الحقيقة المخيفة يمكن أن تتدخل فعلاً فى الحرب.. حيث يمكن أن تتورط أمريكا فى الحرب الشاملة الكبرى فى الشرق الأوسط.
الحرب الكبري
يأتى ذلك فى وقت يريد فيه الرئيس الأمريكى بايدن إنهاء فترة رئاسته بدون أن تتورط أمريكا فى أى حرب مباشرة بقواتها وجنودها.. وهو فى أيامه الأخيرة بالبيت الأبيض.
لكن نتنياهو يخطط للحرب الكبرى التى تنهى كل الحروب.. بما يؤدى لتدمير برنامج إيران النووى نهائيًا.. وتصفية برامج الصواريخ الباليستية والأسلحة المتطورة فى إيران.. وهذا يؤدى للهدف الرئيسى لإسرائيل فى كل هذه المعارك والحروب الممتدة من غزة إلى لبنان.. وربما إلى إيران فى أية لحظة إسرائيل تريد أن تستعيد قدرتها على الردع بالأسلحة التقليدية والنووية فى وجه إيران.. وفى منطقة الشرق الأوسط بالكامل.
فقد اتضح أن نتنياهو يعتبر أن هزيمة حماس مجرد خطوة أولي.. وأن اغتيال حسن نصر الله خطوة لا تكفى لإعلان النصر الإسرائيلى الحاسم.
دفن حل الدولتين
.. وهناك هدف سياسى استراتيجى يريد نتنياهو أن يحققه.. وهو أن يتم دفن مشروع حل الدولتين.. لتسوية الصراع الفلسطيني-الإسرائيلى إلى الأبد.
والحقيقة أن خطة نتنياهو.. هى فى الواقع خطة أريل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق الذى كان يقول إن الدولة الفلسطينية موجودة فعلاً.. ولكن فى الأردن.
.. وهذا ينقلنا إلى ما يقوله جورج فريدمان الفيلسوف الإستراتيجى لمؤسسة الأمن القومى الأمريكية.. الذى يؤكد أن الحرب الروسية فى أوكرانيا.. والحرب الإسرائيلية على غزة أصبحت نوعية جديدة من الحرب فى هذا العصر.
ويقول فريدمان إن من طبيعة الحرب أن تمتد ويتسع نطاقها.. لأن منطق المعارك والحرب يفرض نفسه دائمًا.. وقد اتسع نطاق الحرب حين اتجهت إسرائيل للرد على ضربات حزب الله فى الشمال.
وسرعان ما اشتعلت المعارك بصورة غير تقليدية.. وتم خلالها تحطيم كل القواعد المعروفة للحرب.. ورأينا إسرائيل تبدأ الحرب بتدمير أجهزة اتصالات ومراكز القيادة والسيطرة التابعة لحزب الله.. وتقوم بعمليات اغتيالات منظمة لقيادات الحزب.. حتى حسن نصر الله.
إستراتيجية ثابتة
.. وسرعان ما اتجهت إسرائيل إلى الحرب الشاملة على حزب الله وحتى على لبنان.. بعد أن بدأت معارك الحرب البرية الشاملة فى جنوب لبنان.
يؤكد فريدمان أن الحرب العربية-الإسرائيلية الراهنة يمكن أن تمتد من لبنان إلى إيران فى أقصى الشرق الأوسط على الخليج العربي.. وقد هددت الولايات المتحدة فعلاً بالوقوف مع إسرائيل ضد إيران فى أى حرب.
لكن أمريكا.. كما يقول فريدمان أصبحت لديها استراتيجية ثابتة تقوم على ضرورة تزويد الحلفاء فى إسرائيل وأوكرانيا بالسلاح.. مع تجنب التورط المباشر فى الحرب.. وأضاف أنه يبدو أن أمريكا سوف تواصل العمل بهذه الاستراتيجية بصرف النظر عن هوية الرئيس الأمريكى القادم بعد انتخابات الرئاسة الحالية.
.. ومن الواضح أن حديث الفيلسوف الإستراتيجى الأمريكى فريدمان يتناقض مع تهديدات وزير الدفاع الأمريكى أوستين لإيران بأنها يمكن أن تتعرض لعواقب وخيمة إذا تدخلت فى الحرب إلى جانب حزب الله ضد إسرائيل.. أو إذا قامت بالاعتداء على القوات والقواعد الأمريكية فى الشرق الأوسط.