صناعة وهندسة بناء المواطن يتطلب تضافر جهود ومشاركة المجتمع المدنى مع كافة مؤسسات الدولة لضمان نجاح المبادرة الرئاسية التى اطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى «بداية جديدة لبناء الانسان»، التى شمّرت الدولة عن سواعدها لتسليح المواطنين بالعلم والمعرفة ومن قبلهم دعمهم بمنظومة من القيم والاخلاق للتصدى لانفلات أخلاقيات وضمائر البعض.
البداية الحقيقية، ينبغى ان تنطلق من داخل الاسرة.. حيث ان التربية السليمة والمتابعة الجادة للأبناء وتوجيههم والتصدى لأى تجاوزات من التصرفات الخاطئة منذ البداية بهدف تصحيحها، هى الاساس ولا يمكن إصلاح أحوال طالب يشجعه والده على الغش الالكترونى وتوفيره له من أجل تحقيق رغباته فى الحصول على أعلى الدرجات.. لذلك يأتى بعد دور الاسرة، الاعتماد على المدرسة والمعهد والجامعة لتسليح الطلاب بالعلم والمعرفة لتشكيل معارفهم الاولى حتى ينضجوا.
من الاهمية، مراعاة أن للمدرسة تأثيراً واضحاً بنفوس التلاميذ.. ومن هنا ينبغى التركيز على غرس القيم والاخلاق والانتماء لوطنهم والتضحية من أجله ببذل كل غال لضمان تحقيق تقدمه ولن يتأتى ذلك إلا بمعلم قدوة ومنهج متطور يواكب مستجدات العصر ويعتمد على مهارات التفكير، وليس الحفظ والتلقين.
من المؤسسات الفاعلة فى بناء المواطن ويتكامل مع أدوار وزارة التعليم بكل تأكيد الإعلام، الذى عليه مسئولية واضحة فى تشكيل الوعى للمواطن وحمايته من أغراض اهل الشر بسمومهم المعروفة فى نشر الشائعات لإحباط المجتمع وهدمه.. وبالتالى ليس أمام الإعلام المسئول سوى طرح كل الحقائق فى وقتها لانتشال المواطن من إغراءات المغرضين بدس سمومهم فى عسل الاخبار والمعلومات المغلوطة على وسائل التواصل الالكتروني.. حيث وجدوا ضالتهم الغائبة فيها لنشر البلبلة والتناحر بين مواطنى المجتمع فى اطار سياستهم المعروفة دوماً فرق تسد.
ولا يمكن إغفال دور وزارة الثقافة، فى اتاحة الكتب الهادفة بمختلف انواعها وطرحها أمام المواطنين حتى ولو بسعر التكلفة فى وقت تحولت فيه الثقافة من النهج المقروء إلى المسموع، مع تغلغل ثقافة المشاهدة بعد ان سيطر الصندوق الاسود للمحمول على مرتادى وسائل النقل العام والخاص فى اطار التسلية لحين الوصول إلى مسافتهم ومحطتهم المقررة!!
أتصور أهمية سد الفجوة بين مفردات الخطابين الدينى والثقافي، لتحقيق الهدف المنشود لاحتواء المواطن مع مراعاة تجديد وتحديث الخطاب الدينى لضمان توافقه مع تحديات العصر، على أن يتم إكساب المواطن العلوم الدينية الصحيحة حتى لا يُشبع فراغه الروحى بفكر منحرف، وبما يسهم فى إعداد مواطن متزن روحياً وفكرياً.
ولا يمكن إغفال دور وزارة الشباب والرياضة لاحتواء الشباب والطلائع والنشء لتنمية لياقتهم البدنية، مع متابعة جادة من وزارة الصحة للمحافظة على صحتهم ورعياتهم وحمايتهم من الامراض الوافدة، ومعاونة وزارة التضامن لشبابنا ومشاريعهم فى ظل الظروف المناخية التى تواجه شباب اليوم.
أعتقد أن تضافر كل هذه الجهود فى عمل مؤسسى منظم يستند على قوانين حاكمة ولوائح تم إعدادها بكل دقة وخطط مدروسة مع كوادر تجيد فن الصنعة لبناء المواطن، سوف تسهم فى نجاح المبادرة التى نتطلع إليها لإعداد مجتمع صحى لا انشقاق ولا اعوجاج فيه، خاصة مع دعم منظومة القيم والاخلاق وتسليح الاجيال بالعلم والمعرفة.. ولضمان سهولة تحقيق هذا الهدف، أن نبدأ من حسن اختيار الزوج والزوجة، حيث يترتب عليه بناء انسان جديد بعيداً عن الشرخ والتصدع الاسري!!