بطبيعة الحال المواقف الشريفة والأخلاقية لها ثمن، وأصحاب القوة والقدرة مستهدفون بمؤامرات ومخططات وحملات شرسة تحاول يائسة وبائسة تركيع والضغط على أصحاب المواقف الثابتة، من هذا المشهد بات ما يجرى فى المنطقة أكثر وضوحاً خاصة أن الهدف الحقيقي، من حرب الإبادة على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة طرد سكان القطاع، قسراً أو طوعاً، وكلاهما مرفوض بشكل قاطع بالنسبة لمصر خاصة إذا كان على حساب الأمن القومى المصري.. فالتهجير «خط أحمر»، لا تقبله مصر وظلم لا تشارك فيه، وبوضوح أكثر فإن مصر تقف حجر عثرة فى طريق المخطط «الصهيو – أمريكي»، فى تهجير الفلسطينيين وإخلاء غزة من سكانها بل تقف شوكة فى حلق المؤامرة على المنطقة برمتها لأن الهدف تقسيمها وصياغتها ورسمها على هوى وأوهام الصهاينة وبدعم أمريكى مطلق، وهو ما ترفضه مصر وتبذل جهوداً متواصلة من أجل الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة، وإنقاذ الأمة العربية من مصير كارثي، تسعى إليه دولة الاحتلال فى إطار أوهامها فى إسرائيل الكبري، والشرق الأوسط الجديد.
الحرب «الصهيو – أمريكية» على مصر متعددة الوسائل والأساليب، فما حدث قبل أيام من إعادة إشعال وتوتير البحر الأحمر من خلال انسحاب إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار ومعاودة حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، لذلك بدأ تنفيذ فيلم هوليودى فاشل وواضح خاصة مع بدء الحوثيين استئناف إطلاق الصواريخ على تل أبيب لندخل فى فاصل جديد من الضربات الأمريكية التى تستهدف اليمن فى المناطق والمواقع الحوثية، دون أن تؤثر فى قدراتهم، أو توقف إطلاق الصواريخ على إسرائيل، بل واستهداف القوات الأمريكية وحاملة الطائرات «ترومان»، ولزوم الحبكة الدرامية جاءت أمريكا بحاملة الطائرات الثانية، وحشد قوات وأساطيل فى منطقة الشرق الأوسط وكأن الحوثى قوة عظمي، تستعصى على الهزيمة، فرسالة الفيلم الهوليودى الرديء هو إحكام الحصار الاقتصادى على مصر، والتأثير على إيرادات قناة السويس، بسبب تراجع مرور السفن بسبب اضطرابات البحر الأحمر، ومصر تخسر شهرياً 800 مليون دولار، وهو ما تحدث عنه الرئيس عبدالفتاح السيسي.
نحن أمام مراحل متعددة ومتنوعة لمخطط حصار مصر اقتصادياً ونفسياً ومحاولات ضرب الاصطفاف الوطني، والثقة فى شرف الموقف القاطع تجاه مخطط التهجير.. الحصار الاقتصادى يفسره ما يحدث فى البحر الأحمر من صناعة للأزمة واضطرابات تؤثر على مصر بشكل سلبى والتضييق عليها.
حجم القوات الأمريكية المتدفق على الشرق الأوسط وفى البحرين الأحمر والمتوسط وهو ما لا يتناسب مع حجم التهديد إذا كان الأمر متعلقاً بالهجوم على الحوثي، أو حرب الإبادة الصهيونية على غزة، أو حتى المناوشات مع إيران، لذلك ثمة أهداف أخرى وقوى أخرى تريد أمريكا معاقبتها على قوة مواقفها، وثوابتها ورفضها للمخطط لفرض الحصار والخنق الاقتصادى وأيضاً حماية دول الاحتلال وإجرامها.
الحرب على مصر أيضاً تتواصل فى إطار حملات الأكاذيب والشائعات وبث الأخبار الزائفة والمزاعم والادعاءات خاصة تلك التى تتعلق بالأحداث فى المنطقة، ومخطط التهجير، فقد زعمت وروجت بعض وسائل الإعلام عن عمد ولأهداف خبيثة أن مصر أعلنت أنها مستعدة لاستقبال نصف مليون مقيم فى غزة بشكل مؤقت إلى مدينة مخصصة فى شمال سيناء كجزء من إعادة إعمار قطاع غزة، وهو أمر يتنافى تماماً مع العقل والمنطق وجوهر الموقف المصرى الواضح والقاطع وهو ما أكدت عليه الهيئة العامة للاستعلامات، فالادعاءات الباطلة تتنافى جزئياً وكلياً مع موقف مصر الثابت والمبدئى الذى أعلنته منذ الأيام الأولى لحرب الإبادة التى تشنها دولة الاحتلال على قطاع غزة فى أكتوبر 2023 بالرفض القاطع والنهائى لأى محاولة لتهجير الأشقاء الفلسطينيين من غزة قسراً أو طوعاً لأى مكان خارجها خاصة إلى مصر لما يمثله ذلك من تصفية للقضية الفلسطينية وخطر داهم على الأمن القومى المصرى الذى هو «خط أحمر» لا تفريط ولا تهاون فيه.
كما أن موقف مصر الثابت والقاطع برفض التهجير ارتكزت عليه الخطة والرؤية المصرية التى حظيت بإجماع عربى ودولى والتى تقوم على إعادة الإعمار دون الحاجة إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، بمعنى «تعمير بلا تهجير».. إذن طالما أن موقف مصر واضح وثابت وقاطع والعالم جميعه يعرفه بل ويؤيده.. فلماذا صناعة الكذب وحملات الأخبار المغلوطة والمزاعم وأحاديث الإفك التى تختلق أشياء وأخبار لا تمت للواقع بصلة أو للحقيقة، الهدف واضح.. هو حرب نفسية تدار على مصر وشعبها، ومحاولة فاشلة لهز الثقة بين الشعب والقيادة، وممارسة الضغط النفسى والمعنوى على المصريين، لكن كل ذلك لم ولن يمس جدار الثقة الصلب بين الشعب وقيادته السياسية.. فهناك حالة تاريخية من الاصطفاف الوطنى خلف القيادة السياسية، بعض وسائل الإعلام المعروفة بانتمائها وكونها مجرد أدوات فى يد الصهاينة والأمريكان تروج نفس الأكاذيب، بالتزامن مع أكاذيب العدو الإخوانى المجرم، وهو ما يكشف عمالة الجماعة الإرهابية وعملها فى المخطط «الصهيو – أمريكي» كجماعة وظيفية وأداة تعمل لحساب المخطط خاصة أن كل هذه الجماعات والميليشيات التى تتاجر بالإسلام ولا تعرفه هى من صناعة أجهزة المخابرات الأمريكية والبريطانية، فالإخوان المجرمون أسست على يد المخابرات البريطانية، وداعش والقاعدة، والنصرة وهم إخوان جماعة الإخوان صناعة أمريكية باعتراف الأمريكان وعلى رأسهم الرئيس دونالد ترامب، فلا تتعجب من أدوار هذه الميليشيات الإرهابية التى جل أهدافها ضرب وإسقاط الدول العربية، والإسلامية، وتفكيك جيوشها، وهذه الميليشيات التى تزعم الجهاد، وتحرير الأقصى لم نر منها مجرد كلمة، أو طلقة رصاص فى مواجهة التوغل الصهيونى فى سوريا، أو دفاعاً عن فلسطين ورفض التهجير، هى فقط لمحاربة الجيوش العربية، كما رأينا فى سيناء، ولأن مصر العربية والإسلامية هى الهدف والغاية، رغم أن العدو الحقيقى على بعد مسافات قصيرة لكن هذه الميليشيات حاولت أن تعيث فى سيناء إرهاباً وقتلاً وفوضي، ومحاولات لإفقاد سيطرة الدولة المصرية على سيناء من أجل تسليمها لإسرائيل، لكن مصر عصية، صلبة، لا تنكسر، نجحت بفضل عظمة وقوة وبطولات جيشها العظيم فى القضاء على الإرهاب وإجهاض المخطط، ومازالت مصر تتصدى بحسم وبشكل قاطع للمخطط الصهيوني، وحتى تعرف أن مصر هى الهدف الآن فى المنطقة، تجد أن الإعلام الصهيونى والمسئولين المتطرفين لا يتحدثون إلا عن مصر وترويج الأباطيل والأكاذيب ومحاولات التحرش بالقاهرة، والحقيقة أن قوة الدولة المصرية وجيشها العظيم أصابتهم بالجنون والهذيان والرعب، ولن تستطيع هذه الأوهام والأكاذيب، أن تؤثر على موقف مصر القاطع.