ذكر الله عز وجل فى حديث شريف أهمية صلة الرحم وأوصى الإنسان بعدم قطعها وإلا قطعه الله لأنه شق لها اسماً من اسمه سبحانه وتعالي.. وأيضاً لقد حث عليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ومن هنا ندرك قيمة صلة الرحم بين الناس بعضهم البعض سواء كانوا من أو حتى زملاء العمل.. الأقارب أو الجيران أو الأصدقاء..
وصلة الرحم إما أن يولد بها الإنسان ويضعها الله فى قلبه أو أن يكتسبها بالوراثة من والديه.. ويظل متمسكاً بها طوال حياته وهى إحدى الصفات التى يكتسب بها الإنسان الثواب والأجر من الله اولا ثم يحوز بها على حب جميع المتعاملين معه فى الحياة..
وأتذكر منذ طفولتى أن والدى وعمى الأصغر منه مباشرة «الله يرحمهما» كانا يحرصان كل يوم جمعة فى الأجازة الأسبوعية أن يلتقيا ويسيرا على قدميهما فى شبرا مسافة طويلة لزيارة «عماتي» الثلاثة ويقضيان وقتاً مناسباً عند كل منهن.. وكنت أهوى أن أصاحبهما فى تلك الزيارات تقليداً لهما لأنى ظننت أنها من علامات الرجولة ان تزور أقاربك أو لألعب مع أولاد عمتى فى الشارع وبعد ذلك عرفت ثواب ذلك.. كما كانا يقومان كل فترة بالسفر إلى قريتنا لزيارة المقابر أو لأداء واجب عزاء أو زفاف ولزيارة أقاربهما.. وذلك بخلاف المناسبات مثل الأعياد..
وكانت أمى الله يرحمها تذهب تقريباً كل يوم لرؤية خالتى «شقيقتها الأكبر منها» إما صباحاً وهى ذاهبة للسوق أو مساء للاطمئنان عليها..وكانت أيضاً تطمئن يومياً على شقيقها الأصغر «خالي» بالنداء عليه من البلكونة إذا لم تسمع صوته يوماً أو تراه فى الشارع أو من منزله حيث كان يسكن فى المنزل الملاصق لمنزلنا..
كل ماقلته كان فيما يسمى بالزمن الجميل.. حيث كنا نشاهد منظراً جميلاً فى الشوارع بعد العصر وهو تجمع العائلات فيما يشبه الأسراب كمجموعات وهم فى طريقهم لزيارة الأهل والأحباب.. ومنذ سنوات لم نعد نشاهد تلك المناظر الاجتماعية إلا فيما ندر.. وتقريباً انقطعت الزيارات العائلية وتكون اللقاءات بالصدفة فى النادى أو الشارع أو مناسبة عزاء أو زفاف.. ووصلت لدرجة أن الأبناء من الممكن ألا يشاهدوا والديهما إلا قليلاً إما لانشغالهم بأسرة واعمالهم أو بالموبايل.. ولذلك فقد اختفت العديد من القيم الجميلة من حياتنا.. والأب والأم أيضاً معذوران فى بث قيمة صلة الرحم فى نفوس أبنائهم لانشغالهما هما بأمور الحياة التى أصبحت كثيرة وصعبة والتى تحتاج لمجهودات رهيبة لتوفير أبسط المقومات لتسييرها.. وربنا يهدي.