تحدثنا فى المقال الأخير، حول التشكيل المنتظر للهيئة الوطنية للاعلام الذى قد يسهم جديا فى ضبط الوعود بالجنة ونعيمها مقابل دفع اموال الفقراء، والتى تدفع احيانا كثيرة بالتقسيط، ويبقى الاغنياء ينعمون باموالهم والفقراء مستمرون فى فقرهم. منح صكوك الجنة – من اصحاب اعلانات التبرع – لا يختلف عن صكوك الغفران فى العصور الوسطى لمن يدفع مقابلها، وهو امر يجب التصدى له من مسئولى وزارة الاوقاف، ويجب ان يقوم مسئولى وزارة التضامن بدورهم فى اعلان ما يخصص من الأموال التى يتم جمعها لصالح الهدف المعلن وما يخصص لصالح الاعلانات و لصالح القائمين على جمع تلك الأموال . لعل ما قام به الملياردير بيل جيتس، مؤسس شركة «مايكروسوفت»، خلال عام 2022 بإعلانه انه سيخرج من قائمة اغنى رجال العالم، وتعهده بالتبرع بأمواله، وأنه سيحول 20 مليار دولار من أمواله، إلى الجمعية الخيرية التى تحمل اسمه واسم زوجته السابقة، يكون دافعا حقيقيا لكل من ينحاز للانسان، بغض النظر عن الدين أو اللون أو حتى المعتقد السياسي. اما الانحياز للوطن فقد سبق «جيتس» اليه الممثل المصرى الاصيل «على عبدالعال» – صاحب دور البقال فى فيلم «سى عمر» مع نجيب الريحاني، والخواجة فى فيلم «لحن الوفاء» مع عبدالحليم حافظ – عندما ارسل خطابا للرئيس جمال عبدالناصر، مؤكدا تبرعه بكل ما يملك من أموال سائلة وعقارات ومحلات تجارية ومجوهرات، مساهمة فى بناء السد العالي، وارفق بالرسالة شيكاً بقيمة كل هذا باسم السيد/ جمال عبدالناصر بصفته رئيس مصر، وطلب من الرئيس عدم اعلان ذلك فى الاعلام فهو لا يهدف الا رفعة مصر. لم يحاول عاشق الوطن التبرع لدولة أخري، مثلما يدعونا اليه المعلنون بمختلف القنوات ووسائل التواصل، حتى بلغت الدعوات لعمل عقيقة المولود، بأسعار تنافس الأسعار بالدولة التى نعيش فيها ويعيش فيها المعلنون انفسهم، بل والتى حصلوا منها على تصاريح جمع التبرعات لشركاتهم او لمؤسساتهم الخيرية، المحدد نطاق عملها الجغرافي، ولكن من أمن العقاب! فى ارض الكنانة عاشقى الوطن دوما على اهبة الاستعداد للزود عنه بكل غال ونفيس.. ويجب الا نتركهم فريسة لجامعى التبرعات.. فالجنة لا تمنح بالكاش أو بالتقسيط.