تحدثنا مرارا عن حقيقة غياب الرؤية والتخطيط طويل الأجل فى الأندية الرياضية الكبرى، وكيف حالت هذه الظاهرة دون تطورها ووصولها إلى درجة مناسبة ومقبولة من الاحترافية فى التعامل مع ملفاتها المختلفة.. وها نحن نتابع عن قرب أبرز الأثار والنتائج المترتبة على ذلك حاليا، وخاصة ما يتعلق بفترة الانتقالات الشتوية وما تجريه الأندية من تعاقدات وصفقات لدعم صفوفها ..
لم يختلف الحال فى الأهلى عن الزمالك، فكلاهما تحرك تحت ضغط مباشر من الجمهور لإبرام الصفقات، دون إطار أو حدود مرسومة ومتعارف عليها، فهرول الخطيب ومجلسه ولبيب ومجلسه نحو تهدئة الجماهير بأى شكل ومهما كانت التكاليف، سواء بصفقة هنا وأخرى هناك، أو التلويح بثالثة فى القريب العاجل ورابعة فى الصيف، أو اللجوء لمبدأ وطريقة «التصبيرة» بالتجديد لخامس أو سادس.. وكلها تتم دون دراسة واضحة وجلية، وبالتالى تأتى النتائج متوافقة مع مقدماتها ومتمثلة فى فشل وتراجع وإهدار..
ستجد نفسك حتما أمام سلسة من مظاهر الفشل الإدارى مرة أخرى، سواء فى مفاوضات مع لاعب أجنبى ترغب فى التخلص منه وتسوية مستحقاته المالية بأى شكل من الأشكال، بعدما اثبتت التجربة عدم الاستفادة منه من قريب أو بعيد، أو تجد نفسك مطالبا بتسديد مبالغ مالية ضخمة للاعب آخر، رحل عنك بسبب عدم الوفاء بالتزاماتك تجاهه، وكلها صفقات انطبق عليها وصفنا الدارج والمتناول فى الفترة الأخيرة «صفقات أتلفها الهوى» ..
تعالت صيحات الجماهير بعد مرور أسبوعين فقط من يناير، ونادت فى كل مرة على مجلسى إدارة الناديين، وتساءلت عن الصفقات والتعاقدات الجديدة، وجاء رد الفعل سريعا بل وسريعا جدا من جانب الأهلى الذى تحرك لإبرام 3 صفقات فى وقت واحد، سعيا وراء تهدئة الجماهير، وتوالت اجتماعات الأبيض بتحقيق الهدف ذاته.. وأتحدى أن تكون تحركات أى من الناديين بناء على خطة أو سيناريو أو رؤية فنية واضحة المعالم.. بل جاء جميعها تحت ضغط الهتافات وبتأثير مباشر من قسوتها وشدتها وتجاوزها فى بعض الأحيان.
من مقومات الإدارة الناجحة، اعتماد مجموعة من الخطط قصيرة وطويلة الأجل، والسعى وراء الالتزام بها فى كل الأحوال، بعد دراسة أبعادها جيدا وتحديد مراحل تنفيذها والمعوقات والمطبات التى قد تعترض تنفيذها، وعدم التأثر بالمؤثرات الخارجية غير المدروسة والموجهة فى أحيان أخرى مثل الهتافات والانتقادات العشوائية.. ولكن أين هذه الخطط فى الإدارات الحالية، وأين القوة المطلوبة فى تنفيذ البرامج، دعونا نقف وقفة جادة وحاسمة مع كل مظاهر العشوائية والارتباك، وبعدها سينصلح الحال تلقائيا، وسيجد الجميع إطارا ثابتا للعودة إليه وقت الحاجة.