أكد عدد من الخبراء فى تصريحات لـ «الجمهورية الاسبوعي» أن قطاع «التشييد والبناء» شهد نهضة غير مسبوقة فى جميع ربوع مصر، خلال العشر سنوات الماضية، ورغم ذلك لم يستوعب البعض قيمة وأهمية التركيز على هذا القطاع، إلى أن جاءت رأس الحكمة لتظهر الحكمة التى كانت وراء ضخ مليارات الجنيهات فى البنية التحتية.
قالت د. شيرين أبو وردة أستاذ إدارة الأعمال وعميد كلية التجارة السابق بجامعة كفر الشيخ إن الاستثمار العقارى فى مصر له دوراً مهماً فى التنمية الاقتصادية وأن الاستثمارات العقارية بكافة أنواعها وأشكالها، سواء كان الاستثمارات فى العقار التجارى أو الاستثمارات فى العقارات السكنية أو التجارة فى العقارات تعد من العوامل الأساسية التى تسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعيّة الشاملة لأى دولة، حيث تعتبر المحرك الرئيسى للنشاط الاقتصادى كونه مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بإقامة المشاريع فى كافة المجالات سواء الصغيرة أو الكبيرة أو الريادية، ومباشراً بالتكوين الرأسمالى فى الإنتاج والتطوير والتجديد بما ينعكس ذلك على زيادة قدرات الاقتصاد الوطنى وتحقيق التنمية المستدامة للدولة والمجتمع.
وأضافت، أن الاستثمار العقارى يتميز بكونه مجالا متداخلا مع عدة مجالات مختلفة، كما أنه يعد من الأنشطة الواعدة لتعدد الصناعات المرتبطة بهذا القطاع، وعلى سبيل المثال، نجد أن هناك تلاقياً للاستثمار العقارى مع الاستثمار الصناعى لخلق ما يعرف بـ»العقارات الصناعية» المستخدمة فى تطوير أو تصنيع أو إنتاج السلع والمنتجات، وكذا خلق العقارات اللوجستية التى تدعم حركة وتخزين المنتجات والسلع. كما أن الاستثمار العقارى يعد مكونًا رئيسيًا من مكونات الطلب الكلى الرئيسية المرتبطة بالآلات والمعدات والأجهزة والأبنية والعقارات.
وأضافت، أن القطاع العقارى يعتبر كذلك مصدراً رئيسياً لضخ العملات الأجنبية من خلال صفقات الاستثمار الأجنبى المباشر والشراكات الاستثمارية مع كيانات كبرى لزيادة موارد الدولة من النقد الأجنبى من العملة الصعبة بكميات كبيرة بالبنوك المصرية – مثلما رأينا فى مشروع رأس الحكمة الجديدة- الأمر الذى يعمل على خفض سعر صرف الدولار مقابل الجنيه فى السوق السوداء، كما أن توافر النقد الأجنبى بالبنوك يسهم فى توفير العملة الصعبة للمصنعين والمستوردين لتلبية احتياجاتهم الاستيرادية من خامات إنتاج وسلع إستراتيجية ضرورية، ما يعمل على تقليل الطلب على العملة بالسوق السوداء فيسهم فى القضاء على السوق السوداء واستقرار سوق النقد الأجنبي، مع تحسين وضع الاقتصاد المصرى وإحداث انتعاشة اقتصادية للاقتصاد المصري، وتحقيق مستهدفات الدولة فى التنمية الاقتصادية المستدامة.
ولفتت، إلى أهمية تلاقى الاستثمار العقارى مع الاستثمار الصناعى لخلق العقارات الصناعية أو العقارات اللوجستية المستخدمة فى تطوير أو تصنيع أو إنتاج أو تخزين المنتجات والسلع، مع تفعيل سبل الترويج الحقيقية للاستثمار العقارى الصناعي، مع اتخاذ كافة الضمانات لأطراف التعامل، وكذلك التركيز على التنمية السياحية، مع تعزيز فرص القطاع الخاص فى تنفيذ مشروعات البنية التحتية ليكون القطاع الخاص لاعباً أساسياً فى التنمية الاقتصادية.
قال، د. خالد الشافعى الخبير الاقتصادى إن توقيع اتفاقية مشروع رأس الحكمة الجديدة لم يضخ فقط مليارات الدولارات فى شرايين الاقتصاد المصرى لكنه ضخ الأمل من جديد فى عودة التكاملية فى عجلة الاقتصاد المصري، موضحا أن المشروع بهذه الضخمة بالتأكيد سيستلزم عمل آلاف المصانع فى كل المجالات لتغطية متطلبات كل مراحل العمل فيه.
وشدد على أهمية عامل الوقت لتحقيق أقصى استفادة وقيمة مضافة للاقتصاد المصرى من هذا المشروع وغيره من المشروعات المماثلة القادمة إن شاء الله، وما يحتاج إليه العمل من تنسيق على كل المستويات وأهمية مشاركة اتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية واتحاد العمال وكل الجهات المسئولة عن القطاع الخاص فى مصر لإطلاعها على تفاصيل الاحتياجات الإنتاجية لهذه المشاريع والجودة المطلوبة لها وحتى متوسط الأسعار التى ستكون مقبولة لدى منفذى المشروع.
وأوضح، د.الشافعي، أن عشرات الملايين من فرص العمل التى ستبدأ من اليوم الأول للمشروع يجب ألا تغيب عن بال المسئولين عن ملف العمالة خاصة اتحادات العمال الذين جاء دورهم الآن لعمل توعية شاملة باحتياجات المشروع من مهارات فنية وانضباطية توازى العمل الذى يؤديه العامل المصرى عند العمل فى إحدى دول الخليج والذى للاسف بدأ فى التحول إلى الاعتماد على العمال من الهند وبنجلاديش، والمشروع وإن كان على أرض مصرية إلا أنه ربما تكون التجربة الأولى لمشروع بهذه الضخامة باستثمار أجنبى لديه سوابق أعمال خارجية بمستويات عمالة لابد من مجاراتها خاصة وأنه من المتوقع أن تكون الرواتب أيضا مجزية، والمؤكد أن المشروع سيحتاج لكل أنواع ودرجات العمالة التى يجب أن تكون هناك جهات مسئولة عن البدء فى التحضير والتنسيق لتوفيرها من الآن ولكافة مراحلها.
وأكد على أهمية رفع أى قيود أو حواجز أو معوقات للاستفادة القصوى من العمل فى المشروع من خلالتسهيل عمليات الإنتاج عليه، حتى لا نفاجأ بأن استيراد منفذى المشروع للمواد المطلوبة للمشروع أوفر لهم من جلبها من الإنتاج المصري، معربا عن أمله فى أن يوجه جزء من قيمة الصفقة إلى حل مشكلات استيراد مستلزمات الإنتاج وتشغيل المصانع.