بعد جهد ضخم ومفاوضات مضنية نجحت الوساطة المصرية القطرية الأمريكية وتحققت الهدنة وتوقفت الحرب وتم تبادل الأسري، وعاد الهدوء والاستقرار في غزة وبدأ أبناء القطاع في استعادة مدينتهم والعودة إلى ديارهم المهدمة ليعيدوا بناءها.
الدور المصرى كان الأبرز طوال الفترة الماضية وموقفها كان الأكثر ثباتًا.. ورؤيتها كانت الأشمل والأعم.. وقراراتها كانت الأجرأ.. وثوابتها كانت الأوضح والأصدق برؤية قائد صاحب موقف وطني ثابت ومساندة شعب يقرأ جيدًا ما يحاك مستشهدًا بالتاريخ.
وفي زحام الأحداث والفرحة بالهدنة يجب أن لا ننسى أبدًا ما قامت به مصر على مدار 470 يومًا.. ونطرح السؤال الأهم على كل البلهاء والمغرضين الذين كانوا يهاجمون مصر عندما رفضت بحسم مخطط تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم إلى سيناء أو أماكن أخري.. ما رأيكم الآن؟.. وماذا لو سمحت مصر بالتهجير؟.. هل كانت إسرائيل ستسمح لهم بالعودة مرة أخرى؟ وهل كان ممكنا أصلا أن تناقش إسرائيل عودة أبناء القطاع أو تركه والانسحاب منه؟
يدرك الجميع أن المفاوضات ووقف إطلاق النار يرجع لتمسك أبناء غزة بأرضهم ورفضهم تركها مهما كان الثمن مدعومين بموقف مصرى حاسم ورافض للتهجير ومساندًا للثبات الفلسطيني ولروح الصمود القوية لديه.
ولن تتحدث الآن عن الإغراءات والضغوط التي تمت ممارستها على مصر كى تقبل بمخطط التهجير، لكن يكفى أن نقول أنه لو كان هناك تساهل مصرى مع المخطط الإسرائيلي أو سمحت بتمريره وتم إجبار الفلسطينيين على التهجير كما كان مخططا له، لما كان ممكنا الحديث عن العودة ولتكررت كارثة النكبة الأولى وتهجير 1948 وما استطاع فلسطيني واحد أن يفكر لحظة في العودة، فمن يغادر بلده مهجراً لا يعود لها أبدًا.. ولكن من تمسك بأرضه انتصر وبقى وقد انتصر الشعب الذي تمسك بأرضه.
إن ما حدث خلال الساعات الماضية يؤكد صواب وقوة الرؤية المصرية الحكيمة ورؤيتها الثاقبة والتي كان يحكمها فقط الحفاظ على الحق الفلسطيني والرفض الكامل لأى محاولات لتصفية القضية، وقد انتصرت- كالعادة- مصر في النهاية لأنها الأكثر حرصًا ودعمًا لها عبر تاريخ القضية.. والأكثر فهمًا لطبيعة الصراع.