شجر الدر أو شجرة الدر كما أطلق عليها هى تلك السيدة الجميلة القوية التى حكمت مصر فى فترة حرجة وقال عنها الذهبى فى كتابه إنها كانت ذات رأى ودهاء وعقل ونالت من السعادة ما لم ينلها أحد من نساء زمانها وقد لقبت «بالملكة عصمة الدين» و «الملكة أم خليل» و «الملكة شجر الدر أم خليل المستعصمة» وفى فترة حكمها كانت الأحكام تصدر باسمها وينقش اسمها على الدراهم والدنانير ويدعى لها الشيوخ على المنابر كدعاء الخطباء فى كل جمعة فى المساجد ولوصول تلك المرأة القوية لحكم مصر قصة مثيرة سجلها التاريخ وكتب عنها أكثر من فيلم سينمائى وأعمال درامية فى مصر والشام والعراق وتتعدد الحكايات وتختلف فى السيرة الشعبية المصرية التى كان يحكيها الحكواتية فى المقاهى فى مصر حتى بدايات القرن العشرين، تقول السيرة الخيالية إن فاطمة شجر الدر كانت ابنة خليفة اسمه المقتدر وكان يحكم بغداد حتى هجم المغول على مملكته ودمروها وأن سبب هذا اللقب الذى أطلق عليها أن آباها كان يحبها جداً فأهداها رداء من اللؤلؤ فلما لبسته أصبحت وكأنها شجرة در.
من السيرة الشعبية الخيالية إلى الواقع والتاريخ الذى يقول إن الملكة الملقبة بعصمة الدين أم خليل خوارزمية الأصل كانت جارية اشتراها السلطان الصالح نجم الدين أيوب وحظيت عنده بمكانة عالية حتى أعتقها وتزوجها وأنجب منها ابنها خليل الذى توفى صغيراً وكانت شجرة الدر قوية حتى إنها استطاعت أن تسير الجيوش للحرب عندما تعرضت مصر لحملة الصليبين، ففى ذلك الوقت كان الملك الصالح مريضاً واتخذ من المنصورة مركزاً للقيادة وتولاها الأمير فخر الدين نزولاً عند رغبة شجر الدر التى اثبتت أنها قادرة على مواجهة الصعاب وظهرت حكمتها عندما اخفت خبر وفاة الملك الصالح خوفاً من حدوث البلبلة فى الدولة واستمر الحال فى القصر كما هو، حيث استطاعت نقل جثمانه للقاهرة وأوهمت الجميع أنه مريض ولا يريد مقابلة أحد، وبفضل كتمانها هذا الخبر حفظت نظام الجبهة العسكرية أمام الصليبيين طوال شهرين وقد قامت باستدعاء ابن زوجها «توران شاه» وأمرت رجال الدولة أن يحلفوا له يمين الولاء وأن يدعى لها على المنابر فى المساجد وذلك لتبقى السلطة فى يدها، وقد قامت قبل وصول توران شاه بوضع خطة حربية مع القوات وأمراء المماليك وظلت تشرف على تنفيذها ومراقبة سير المعركة فى المنصورة حتى انتصر المسلمون وقد وقفت بجوار الأمير الكبير فخر الدين بن الشيخ فى الفترة ما بين وفاة الصالح أيوب ومجيء نوران شاه والتى استمرت خمسة وسبعين يوماً تدبر معه أمر العسكر وشئون الحكم وبعد فترة وجيزة قتل السلطان الملك المعظم نوران شاه ابن الصالح وقبلت شجرة الدر منصب السلطنة فى سابقة لم تحدث فى تاريخ السياسة الإسلامية واعقب ذلك تعيين عز الدين أيبك التركمانى الصالحى قائداً للجيش المصري، وقد استمرت فترة حكم شجر الدر ثلاثة أشهر حاولت فيها أن تكتسب الشرعية من المجتمع ذاته بإجراء الإصلاحات الأقتصادية ورفع الضرائب وزيادة مرتبات النخبة العسكرية، وقد قرر أمراء المماليك أن تتزوج شجر الدر من نائبها الأمير عز الدين أيبك ويكون هو السلطان الحقيقى لكنها لم تقبل أن تتنازل عن أحلام الملك والسلطنة بعد أن عرفت معنى القوة والهيبة والنفوذ، وأصبح أيبك كالمحجور عليه لا يبرم أى أمر إلا بمشورتها وأصبحت تتعامل كأنها السلطان الحقيقى للبلاد وطبيعة الحال لم يرق للعباسيين أن تتولى إمرأة عرش مصر مما أدى إلى نشوب الكثير من الخلافات بين الأمراء والزعماء فى مصر والشام حتى انتهت تلك الفترة نهاية مآساوية بعدة مؤمرات واغتيالات طالت الملكة التى غنى لها الحكواتية فى طرقات مصر.