إن أمريكا والدول الغربية التى تبنت لفترة طويلة حقوق الإنسان ونددت بمنتهكيه لديها حالة من «الشيزوفرينيا» تبتعد كليا عن الإنسان الذى يسكن فى قطاع غزة. فهم لا يعرفون سوى الآلة العسكرية التى لا تجدى نفعًا أو تقضى المصالح. هذا ما نبهت إليه مصر تكرارا ومرارا منذ إندلاع الحرب الإسرائيلية البشعة فى 7 إكتوبر الماضى وحتى الآن. وقد وجهت القيادة السياسية المصرية العديد من الرسائل تمحورت حول تسجيل موقف مصر الرائع والرائد منذ بداية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة.وهى أن القضية الفلسطينية لن تموت على الإطلاق، انطلاقًا من جهود مصر السياسية والدبلوماسية والأمنية المبذولة خلال الأشهر الماضية وتم ترجمتها إلى أنه «لا تصفية للقضية الفلسطينية وأنه لا تهجير قسرى للفلسطينيين».
وقد تحملت مصر الكثير من الخسائر طبقا لإحصائيات الأمم المتحدة ونقصاً حاداً فى إيرادات قناة السويس والسياحة. وهذا هو قدر مصر الدائم تحمل عبء القضية الفلسطينية على عاتقها على مر التاريخ، بل أنها تفقد الأموال والأرواح فى سبيلها. كما تدفع ضريبة الحرب على غزة، وتحملت الكثير من الصعاب والتحديات.
مصر تلعب دورًا كبيرًا تجاه القضية من جانبين، الأول هو عدم تصفية القضية والثانى ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الفلسطينى فى غزة، ويتم بذل جهود حثيثة على مدار الساعة، فى اجتماعات ولقاءات، ووضع مقترحات كثيرة لوقف الحرب الإسرائيلية، لكن للأسف جميعها تبوء بالفشل بسبب التعنت الأمريكى الإسرائيلي.
لو أن الولايات المتحدة أرادت وقف الحرب فى غزة لأوقفتها، حتى أنّ المقترحات الأمريكية بوقف إطلاق النار، فيها عرقلة وتعقيدات كثيرة، ما يعنى أن المعلن شئ والواقع شئ آخر. وهنا نجد أن مصر، تحاول إيجاد حلول لهذه الأزمة، لكن حتى الآن الولايات المتحدة لا تريد الحل، فهى تدعم الاحتلال الصهيوني، وتقدم له المساعدات العسكرية والمالية، فهل عندما تُقدم مقترحا سيتم تنفيذه؟!
حتى الآن مصر تواصل الجهود الشاقة والمضنية لوقف الحرب ودائمًا وكالعادة تحمل مصر على كاهلها هموم الأمة العربية وخاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وتواصل مصر الجهود الواسعة لوقف الحرب والسعى إلى إقامة الدولة الفلسطينية، وأهمية تسريع عملية السلام، بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلي.
وفعلاً.. هى كارثة حقيقية تتعرض لها الدولة الفلسطينية، وما تفعله إسرائيل بمثابة برطعة حقيقية فى المنطقة أمام أعين المجتمع الدولى الذى يؤيد إسرائيل فى كل أفعالها الإجرامية، فهذا معناه، تكريس سلطة الاحتلال الإسرائيلي، وهذا معناه أيضًا القضاء تمامًا على فلسطين.
الذى يحدث هو أن الأراضى الفلسطينية تضيع على مسمع ومرأى الدول العربية، وكل ما يملكونه هو الشجب والإدانة والاستنكار، وهذه السياسة العقيمة لا تجدى ولا تنفع فى مثل هذه الأمور.. ولابد من اتخاذ إجراءات حاسمة وحازمة بشأن هذا الموقف المعوج.. نعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية وراء كل هذه البرطعة الإسرائيلية فى المنطقة، ونعلم أن القرار الإسرائيلى نابع من الإدارة الأمريكية، وهذا مربط الفرس، حيث لابد من موقف عربى موحد فى هذا الصدد يرد ويحسم الأمور ويمنع ضياع الأرض الفلسطينية.
مصر كعادتها تعمل بكل ما أوتيت من قوة للضغط على الولايات المتحدة، لوقف الجرائم الإسرائيلية فى الأراضى العربية المحتلة، ولكن ماذا فعل الأشقاء العرب فى هذا الشأن سوى الشجب والإدانة والاستنكار وهى كما قلت سياسة مرفوضة جملة وتفصيلاً.. والدول العربية لديها القدرة بأموالها الكثيرة واستثماراتها الواسعة فى الولايات المتحدة أن تضغط على واشنطن، من أجل ردع الكيان الصهيوني.
الآن نحن فى حاجة شديدة وحاسمة لأن تكون هناك وسائل ضغط فاعلة على أمريكا وإسرائيل، ومن نعم الله أن الدول العربية لديها وسائل كثيرة للاستخدام فى هذا الشأن، لكن لا يتم تفعيلها، مما يطرح علامات استفهام كثيرة؟!.. والذى يغيب عن الأمة العربية إن أطماع إسرائيل التوسعية لم تنته بعد ولن تنتهي، خاصة فى ظل هذه الفُرقة العربية وهذا الضعف رغم ما تملكه الأمة العربية من وسائل ردع شديدة لكنها غير مستخدمة.