سخر برنامج تلفزيونى إسرائيلى من تصريحات ترامب ونتنياهو بإخلاء قطاع غزة وإعادة بنائه، وقدم الشخصيتين مع صور جرافيك للقطاع، وقد تحول إلى ريفيرا ومنتجعات وقصور وملاعب جولف وفنادق عالمية، وهناك من يجرى اتصالا يطلب حجز 340 غرفة دفعة واحدة لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، وباختصار يقول البرنامج العبرى الساخر إن ما يفعله ترامب والنتن ما هو إلا خيال أبعد ما يكون عن المنطق والواقع، ولن يحدث لأنه فى إطار اللامعقول.
وفى نفس الوقت، شهد شاهد آخر من أهلهم، فقد رفض رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق إيهود أولمرت اقتراح ترامب، وقال نصا «ينبغى إعادة إعمار غزة من قِبَل الفلسطينيين ومن أجلهم، والخطة غير قابلة للتطبيق لأن الأراضى ليست ملكاً لإسرائيل حتى تتنازل عنها، وأمريكا لن تمتلك غزة، هذا غير عملى وغير ممكن.
وأدانت معظم دول العالم والمنظمات الدولية، خطة ترامب وصرح رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية، ومسئولون وخبراء، وحذروا من انتهاك القانون الدولى، ويرون أن المقترح غير قابل للتنفيذ وسخيف وتطهير عرقى لا يمكن للمجتمع الدولى السماح به، وأن تهجير الفلسطينيين غير مقبول ويمثل خيبة أمل وصدمة حقيقية، لأن غزة ملك للفلسطينيين ولا تخضع لاحتلال أو استيطان من جديد، وقالوا إن ترامب يمارس السياسة بأسلوب مقامر فى شراء العقارات، والأمر يتعلق برؤية استعمارية قديمة.
وشددت المواقف على أن قطاع غزة يتعين أن يكون جزءا أساسياً من الدولة الفلسطينية، وأن الاتحاد الأوروبى ملتزم بقوة بحل الدولتين، ومقترح ترامب يهدد الاستقرار وعملية السلام، وضرورة تمكين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم وإعادة البناء وأن نكون معهم فى مسار الإعمار نحو حلّ الدولتين، ووصفت الأراء الخطة بأنها مجرد وهم، والتصريح غير عقلانى، ويتجاهل النفور التاريخى من المغامرات الأمريكية.
على أى حال أراد من لا يملك أن يعطى من لا يستحق، ويكرر مأساة نكبة 1948، بعدما عاث النتن ياهو فى غزة فسادا وقتلاً وذبحاً وشرد أهلها، على مرأى ومسمع من العالم وهم فى سكون وسكوت، وتوهم أنه يستطيع أن يفعل كل ما يحلم به، خاصة بعد أن أعطته زيارته لواشنطن قبلة الحياة، وهو الذى فشل فى تحرير الرهائن على مدى 15 شهرا، وفى النهاية قبل مضطرا ما كان يرفضه طوال هذه الفترة.
فكرة تهجير الفلسطينيين من أرضهم، لم تكن جديدة إنما يطرحها الصهاينة كلما سنحت الفرصة، وقد ازدادت حدتها بعد 7 اكتوبر 2023 ووقفت مصر لها بالمرصاد، ورفضتها قلبا وقالبا، حتى عاد ترامب ونكأ الجرح، ليقلب كل الموازين، فى وقت يتحدث فيه العالم عن حل الدولتين والسلام العادل، يحسب أنه يحسن صنعا، ولا يدرى أن ذلك لا يحقق إلا المزيد من الصراع والتوتر، ويجعل إسرائيل نفسها فى وضع أصعب.
ولم يكتف النتن ياهو بتخريفاته، بل يريد أن يعاقب الدول التى تطالب بحل الدولتين، ومنها النرويج وأسبانيا وإيرلندا، وقال إنها ملزمة باستقبال سكان غزة عند تهجيرهم.
ورب ضارة نافعة، فإن شطحات ترامب والنتن، جعلت العرب يستفيقون ويستعيدون وحدتهم وقوتهم، وهذه المرة لم يكن الأمر مجرد شجب أو استنكار، بل موقف حاسم مع المملكة وأن أراضيها خط احمر، وفى المقدمة الموقف المصرى الذى أدان بأشد العبارات التصريحات الإسرائيلية المنفلتة والمتهورة التى تمس أمن المملكة، ومصر لن تسمح بالمساس به، وأن استقرارها من صميم أمن مصر والدول العربية ولا تهاون فيه، ثم فى نفس الوقت تأتى القمة العربية الطارئة نهاية هذا الشهر لتؤكد على الثوابت والموقف الموحد، الذى لا بديل عنه.