تعددت وتنوعت وصايا رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، لنا خلال شهر رمضان، كما تعددت وتنوعت وصاياه التى نحتاج إليها فى كل عصر؛ لمواجهة ما يعترض حياتنا من مشكلات وأزمات.. كما علمنا رسولنا العظيم صلوات الله وسلامه عليه كل الآداب الفاضلة، والأخلاقيات الراقية، والسلوك المتحضر الذى يرقى بكل عباداتنا، ويقربنا من خالقنا عز وجل فى كل وقت، خاصة فى الأيام المباركة التى فضلها الله على باقى أيام السنة، وفى مقدمتها أيام وليالى شهر رمضان المبارك.
أول ما أرشدنا إليه رسولنا العظيم أن رمضان شهر خير وبركة، فهو أفضل شهور العام على الاطلاق، وهو الشهر الذى أنزل الله فيه القرآن الكريم، كما أنه شهر المغفرة والرحمة، وفيه ليلة خير من ألف شهر، وهى ليلة القدر، وهو محطة فاصلة فى حياة كل مسلم ينبغى أن يستفيد منها ليغير مسيرة حياته، ويتخلص من ذنوبه وآثامه، لذلك كان «صلى الله عليه وسلم»، يحتفى به حفاوة خاصة، يستعد لاستقبال هذا الشهر الفضيل قبل قدومه بأسابيع، فقد كان يصوم أياماً من كل شهر، ثم يصوم معظم شهر شعبان.
وصايا رسول الله «صلى الله عليه وسلم»،، لنا فى رمضان لكى نخرج منه بأعظم استفادة كثيرة ومتنوعة وأولها «الإخلاص فى العبادة» فالصوم سر بين العبد وربه، لا يفيد فيه الرياء، ولا يمكن أن يتظاهر الإنسان بالصوم لأنه يختلى بنفسه كثيراً، ويستطيع أن يأكل ويشرب دون أن يراه أحد سوى خالقه، والإخلاص فى عبادة الصوم هو الذى يقود الإنسان إلى جنى ثمار الصوم، وهى التى أشار إليها الحق سبحانه بقوله «لعلكم تتقون» فالصوم بإخلاص يقود صاحبه إلى تقوى الله، وهى أعظم ثمار العبادة والطاعة.
الإخلاص فى العبادة فى رمضان يقود إلى تهذيب سلوك الإنسان، ولنا فى رسولنا العظيم الأسوة الحسنة، فقد كان «صلى الله عليه وسلم»، قدوة لنا فى كل سلوك راق فى رمضان وفى غير رمضان.. والصوم عبادة تهذب سلوك الإنسان، والصائم الحق لا يعتدى، ولا يظلم، ولا يشتم، ولا يسب، ولا يشهد شهادة زور، ولا ينفعل ويشتد به الغضب.. يقول «صلى الله عليه وسلم»: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة فى أن يدع طعامه وشرابه»، فالمسلم مطالب فى كل شهور العام، وفى شهر الصيام بصفة خاصة، أن يبتعد عن قول الزور، ويتجنب النفاق والخداع والكذب والغش، وإن يجعل رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، قدوة له فى كل حركاته وسكناته، وأن يتحلى بالفضائل ومكارم الأخلاق، ومن توجيهاته «صلى الله عليه وسلم»، أيضاً ما قاله فى حديثه الشريف:»… فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إنى امرؤ صائم»، فهذه من موجبات سماحة شهر رمضان بصفة خاصة.
>>>
سألت العالم الأزهرى د.أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر عن قيمة العطاء الخيرى فى ظل الأزمات الاقتصادية ومعاناة أصحاب الدخول المنخفضة فقال: لا شك أن المسلمين القادرين مطالبون بالعطاء بكل سخاء لتلبية احتياجات الفقراء وأصحاب الدخول المنخفضة فى المجتمع.. تعاليم دينهم تفرض عليهم ذلك، وتلزمهم بكفالة أصحاب الحاجات، وفى شريعتنا موارد متنوعة لكفالة كل صاحب حاجة من خلال الزكوات المفروضة، والصدقات التطوعية، والوقف الخيرى، وفى رمضان- وهو شهر جود وعطاء- على القادرين أن يضاعفوا من عطائهم الخيرى لكفالة إخوانهم، ورسول الله «صلى الله عليه وسلم»، هو قدوتنا ومثلنا الأعلى فقد كان أجود الناس، وأجود ما يكون فى شهر الصيام.. والجود أعم من الصدقة ولذلك فإن الوصية النبوية لنا فى رمضان هى الإكثار من عمل الخير، فرمضان شهر جود وعطاء، والله سبحانه وتعالى يجزل العطاء للمتصدقين الذين يجودون بما أنعم الله به عليهم لأصحاب الحاجات.. وما أجمل التنافس والسباق فى ميادين الخير والعطاء فى شهر الجود والكرم.
>>>
من بشارات رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، لنا فى رمضان أن دعوة الصائم المخلص فى صومه مقبولة.. لكن علينا أن ندرك أن الدعاء الذى نرجو قبوله سواء فى رمضان أو غير رمضان له شروط وآداب ينبغى الوفاء بها، وقد حثنا رسول الله «صلى الله عليه وسلم»، على الدعاء فى كل وقت، فالدعاء فى حد ذاته عبادة، والدعاء الصادق هو ما صاحبته نية صادقة، يؤمن صاحبه بأن الله هو المعين المغيث لعباده، والصائم الحق هو الذى يؤدى كل عباداته فى رمضان من صلاة وصوم وزكاة ودعاء بنية صادقة.